قصف الطيران الإسرائيلي صباح اليوم الثلاثاء المزيد من المواقع في قطاع غزة، بوتيرة متقطعة وفي نطاق محدود، رغم إعلان المقاومة الفلسطينية التزامها بالهدنة التي يفترض أنها دخلت حيز التطبيق منذ الليلة الماضية.
وفي إطار موجة التصعيد الجديدة المستمرة منذ مساء أمس، قصفت طائرات الاحتلال صباح اليوم موقعا للبحرية الفلسطينية جنوب غرب مدينة غزة.
وتواصلت الغارات الإسرائيلية بصورة متفرقة ومتقطعة بواسطة طائرات إف 16 والمروحيات والطائرات المسيرة رغم إعلان الغرفة المشتركة للفصائل الفلسطينية والمتحدث باسم حركة حماس فوزي برهوم عن هدنة تسري بداية من العاشرة من مساء أمس عقب اتصالات مصرية مع الطرفين، ولم تؤكد حكومة تل أبيب التوصل للهدنة.
وقال مراسل الجزيرة وائل الدحدوح إن الطيران الإسرائيلي نفذ بعد الموعد المفترض لسريان الهدنة نحو 15 غارة استهدفت مواقع للمقاومة في مناطق بيت حانون وجنوب مدينة غزة ووسط القطاع وميناء الصيادين في خان يونس، كما شملت الغارات أراضي زراعية.
وقبل ذلك كانت طائرات الاحتلال قصفت مكتب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في مدينة غزة مما أدى لتدميره بالكامل، كما دمر القصف مقرا لجهاز الأمن الداخلي غرب غزة، ومبنى شركة للتأمين والاستثمار بالمدينة.
وجاءت الغارات تنفيذا لتهديدات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو -من واشنطن- برد عنيف على صاروخ فلسطيني يقارب مداه 120 كيلومترا أطلق من قطاع غزة وأصاب مبنى بمستوطنة مشميرت في منطقة كفرسابا (شمال شرق تل أبيب) مما أسفر عن إصابة سبعة إسرائيليين.
قصف محسوب
وقال مراسل الجزيرة في غزة إن الغارات الإسرائيلية المستمرة منذ الليلة الماضية انحصرت ضد أهداف للمقاومة، وتجري بوتيرة "متقطعة ومحسوبة".
وأشار إلى أنه في المقابل أطلقت المقاومة رشقات من صواريخ وقذائف هاون باتجاه مستوطنات متاخمة لقطاع غزة.
ورجح المراسل أن ما يجري ربما يكون نهاية لموجة التصعيد الحالية، مشيرا إلى أن كل طرف يريد إثبات أن له الكلمة العليا، ويسعى لفرض شروطه.
ونقل عن مصدر بالمقاومة أن الوفد الأمني المصري مازال يواصل اتصالاته مع الفصائل والجانب الإسرائيلي لتثبيت التهدئة، في ضوء ما جرى من غارات ورد فلسطيني الساعات الماضية.
وقال المصدر الفلسطيني للجزيرة إن المقاومة في غزة أكدت لوفد أمني مصري الالتزام بعدم التصعيد إذا توقفت غارات إسرائيل. وفي الجانب المقابل، قال وزير التربية والتعليم الإسرائيلي نفتالي بينت إن وقف إطلاق النار الآن يعد استسلاما لحركة حماس.
وكانت الغارات الإسرائيلية أسفرت عن أضرار مادية كبيرة في المواقع المستهدفة، وأفادت وزارة الصحة في غزة بإصابة سبعة فلسطينيين بجراح مختلفة.
وفي الجانب الإسرائيلي، أصابت قذائف أطلقتها المقاومة بعض المنازل في مستوطنات غلاف غزة التي احتمى العديد من سكانها بالملاجئ، بيد أنه لم تسجل إصابات بين المستوطنين.
وفي مواجهة الغارات الإسرائيلية، ردت الأذرع العسكرية للفصائل الفلسطينية بإطلاق رشقات صاروخية تجاه المستوطنات القريبة من قطاع غزة، وحاولت منظومة القبة الحديدية الإسرائيلية اعتراض عدد منها.
وأعلنت الغرفة المشتركة لفصائل المقاومة الفلسطينية عن استهداف مواقع الاحتلال في سديروت ونتيفوت برشقات صاروخية ردا على الاستهداف الإسرائيلي للمقار والمنشآت المدنية في قطاع غزة.
وأفاد شهود عيان بأن النيران اشتعلت في أحد مساجد بلدة بيت حانون بعد قصف إسرائيلي استهدف فجر اليوم موقعا للمقاومة بجوار المسجد. وكان مكتب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية قد حذر الاحتلال من أن المقاومة قادرة على ردعه في حال تجاوز الخطوط الحمر.
وأعلن رئيس الحكومة الإسرائيلية أمس أنه سيقطع زيارته للولايات المتحدة ويعود إلى تل أبيب مباشرة بعد لقائه الرئيس دونالد ترامب. وقال الأخير خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نتنياهو إن إسرائيل لديها "الحق المطلق في الدفاع عن نفسها".
تعزيزات.. هدوء
في الأثناء، أبقى الجيش الإسرائيلي على تعزيزاته العسكرية على طول الحدود مع غزة، وذلك رغم سريان الهدنة المعلن عنها الليلة الماضية.
وأفادت مصادر في تل أبيب بأنه تم الإبقاء على التعزيزات بانتظار اجتماع سيعقد اليوم بإشراف رئيس هيئة الأركان أفيف كوخافي لتقييم الموقف العسكري تمهيدا لاجتماع قيادي موسع ينتظر أن يترأسه نتنياهو بعد عودته ظهر اليوم من الولايات المتحدة.
وفي نفس الوقت، أبقت قيادة الجبهة الداخلية الإسرائيلية على تعليماتها لسكان المستوطنات المتاخمة لغزة، حيث حظرت عليهم التجمع لأكثر من ثلاثمئة شخص بالساحات المفتوحة، كما أمرت العديد من البلدات بتعليق الدراسة وإبقاء الملاجئ في حالة تأهب.
وبعد مواجهات الليلة الماضية التي شملت ضربات صاروخية من قبل المقاومة الفلسطينية، يسود الهدوء مستوطنات غلاف غزة، وفق مدير مكتب الجزيرة بالقدس وليد العمري.