تختلف عادات ومراسم الزواج بين الدول العربية، بل وداخل الدولة الواحدة ذاتها، لتجسد بخطواتها، عادات وتقاليد جبلت عليها الشعوب وتوارثتها الأجيال عبر الزمان.
ويتميز الزواج في الصومال الواقعة في منطقة القرن الإفريقي، بطابع البداوة، الذي يعكس الموروث الشعبي للأقاليم والقبائل المحلية، ولعل أبرز مراسمه "الجلوس تحت الشجرة"، الذي يعد أهم وأشهر خطوات الزواج وأكثرها شرفاً واحتراماً.
تبدأ رحلة الزواج في الصومال، كعادة أغلبية الدول، بالبحث عن شريكة الحياة، وذلك من خلال تعاون الشاب المقبل على هذه الخطوة مع أقرانه في العشيرة، للبحث عن شريكة الحياة، وقد يتطلب الأمر السفر إلى أقاليم ومناطق بعيدة للقاء زوجة المستقبل، ولتتعرف هي أيضاً عليه.
بعد أن يقتنع كلاهما بالآخر، يوفد الشباب مندوبين من عشيرته إلى والد الفتاة التي اختارها، وإذا ما تمت الموافقة على اتمام الزواج، يحيل والد الفتاة الأمر إلى أعمامها وشيخ العشيرة، ليتخذوا القرار النهائي، وليحددوا موعد الخطبة، وهو يوم "الجلوس تحت الشجرة"، وفقاً لمركز مقديشو للدراسات والبحوث.
وفي يوم الخطبة يلتقي أهل العروسين تحت شجرة تم إعدادها بعناية، ويفتتحون مناسبتهم بتلاوة آيات من القرآن الكريم، ثم مناقشات حول عادات وتقاليد الزواج في التراث الشعبي، ليتقدم المتحدث باسم عشيرة الشاب طلباً ليد الفتاة للزواج، وبعد القبول يتم تقديم ما يعرف بـ "الغباتي"، وهو عبارة عن فرس وسوط ومصحف وأشياء أخرى ذات قيمة رمزية.
ومن عادات هذا النوع من الزواج، ألا تحضر الخطيبة إلى الشجرة، وألا يتحدث الخطيب خلال المراسم.
ثم تبدأ فعاليات الزفاف والفرح وتستمر أياماً تختتم بما يعرف بـ"غاف"، وهو عبارة عن مجلس عام يتم تزيينه بصورة جيدة لاستقبال شباب من العشيرتين، وعقب انتهاء حفل الزفاف ينتقل الحاضرون إلي بيت العروس، يجلسون في دائرة حول إناء فخاري ممتلئ باللحم والعسل والتوابل.
وبينما تتعدد أشكال الزواج في الصومال، تتضمن عاداته مجموعة من الخطوات منها "الكالة"، أي قيام أبناء العشيرة بجمع أموال وماشية لدعم الأسرة الجديدة، و"اليرد"، وهي الأموال التي يدفعها الشاب في الخطبة، وغالباً تكون مقدار ما دفعه والد الفتاة إلى والدتها، وتعد هذه الخطوة مصدر فخر للرجل ورفعة لمكانة عشيرة المرأة.
أما "المهر" وهو ما يدفعه الرجل للمرأة، التي يتزوجها، فهو حق مفروض على الزوج للزوجة وليس لأسرة المرأة دخل فيه. ومن العادات والتقاليد الصومالية، أن يكون المهر من الإبل أو الذهب، أو من أغلى ما يملكه الرجل، وأحيانا يكون ديناً مؤجلاً في ذمة الزوج.
في المقابل، تدفع عشيرة المرأة للأسرة الجديدة مساعدة مالية تسمى "ديقد"، حيث يتفق الطرفان على تحديد موعد لنقل الفتاة إلى بيتها الجديد، والتي لا تقل غالباً عن عام، بينما يلتزم الشاب بتقديم ملابس أو ذهب لخطيبته قبل حفل الزواج وتسمى "مرين".
وذكر اتحاد وكالات أنباء دول منظمة التعاون الإسلامي "إينا"، أن السلطات المحلية في منطقة بلد حاوو، التابعة لمقاطعة جدو، غربي الصومال، اتخذت العام الماضي قراراً يقضي بتحديد السقف الأعلى لتكاليف الزواج بنحو 600 دولار، وفقاً لما صرح به رئيس المنطقة محمود حيد عثمانو.
وأشار عثمانو إلى أن العديد من الأسر تنفق ما يزيد عن 15 ألف دولار على تكاليف الزواج في الوقت الذي تتفاقم فيه الأوضاع المعيشية والاقتصادية جراء موجة الجفاف التي تضرب البلاد، فضلا عن انتشار الفقر والبطالة وهجرة الشباب إلى الخارج بحثا عن حياة كريمة.
وأكد أن القرار لا يحدد المهر أو الصداق الذي هو من حقوق المرأة المنصوص عليها في الشريعة الإسلامية، داعياً الآباء إلى تسهيل الزواج المبكر للشباب والشابات.
"تايم لاين "