ظلت المرأة الموريتانية زمناً طويلاً، رهينة للعادات والتقاليد، غير أن التحولات المتسارعة في المجتمع، أسهمت في تغيُّر نظرة البعض تجاهها، إذ بدأت تقتحم مجالات واسعة من العمل، لعل أبرزها قطاع التجارة، الذي تتجاوز نسبة حضورها فيه نحو 40 في المئة من القوى العاملة ككل.
فعلى الرغم من الأعباء التي تتحملها المرأة في تربية الأبناء والاهتمام بشؤون الأسرة داخل البيت، فإنها تواجه الكثير من الضغوط للخروج من هذا الواقع، والانطلاق نحو المشاركة الفاعلة في الحياة النشطة. وإذا استثنينا بعض الرواسب من العادات والتفكير الذي يلازم المرأة الموريتانية في أنشطتها التجارية، كالتبذير والبذخ، يمكن القول إنها فرضت وجودها في مجتمع يهمش دورها.
وتعتبر تجارة "المَلاحِف" (الْمِلْحَفَة هي زي المرأة في موريتانيا) واسطة العقد في ولوج المرأة الموريتانية عالم الأعمال.
ويعود سر اختيارها لهذا الصنف من التجارة، لتناسبه مع اهتمام النساء في البلاد، ولانعدام الأعباء البدنية التي قد لا تتحملها. كما أن المرأة الموريتانية بطبيعتها مولعة بالمجالس، ويمثل "المحل التجاري" مكانا للقاء والأحاديث والفسحة الأنسب لها خارج محيط الأسرة المُحاط بسوار حديدي من العادات والتقاليد الصارمة.
وبالموازاة مع الدور الفاعل للمرأة في قطاع التجارة، فإن قلة من النساء تمكنَّ من تطوير أعمالهن للوصول بها إلى مستوى الشركات الكبرى.
نانسي أعبيد الرحمن، وهي بريطانية، وزوجة سابقة لوزير موريتاني، أنشأت في التسعينات من القرن الماضي، شركة "تفسكي" العائلية الناجحة التي تُعد اليوم دُرّة صناعات الألبان في موريتانيا.
وفيما عدا ذلك، انحصرت مشاركة المرأة في تجارة التجزئة والبنوك التعاونية الصغيرة.
وقد استطاعت المرأة أن تنافس الرجل في هذا المجال، لدرجة أنها اكتسحت الرجال في أغلبية الأسواق في العاصمة والمدن الكبرى.
ومع ذلك تجد المرأة الموريتانية نفسها في مفترق طرق داخل مجتمع عشائري لا يتساهل مع الخروج على العادات والتقاليد. فإما أن تعتمد على جهودها في مواجهة ضريبة خضوعها لمنظومة من العلاقات المجتمعية المعقدة التي يسيطر فيها الرجال على كل شيء، أو أن تبني لنفسها مستقبلا متصالحا مع محيطها الأسري، تحقق فيه استقلالا ماديا ومعنويا عن الآخرين. والخيار الأخير دفع الكثير من الموريتانيات إلى ولوج عالم التجارة، الذي يمثل ثالث قطاع مهم في البلاد بعد قطاعي الصيد والمعادن.
المصدر: شبكة حياة اجتماعية