صراع أجنحة على خلافة بوتفليقة يفاقم الأزمة في الجزائر

21 يناير, 2019 - 10:06

فجَّر رئيس، حركة “مجتمع السلم”، أكبر الأحزاب الإسلامية المعارضة في الجزائر، جدلًا بكشفه عن ما قال إنه “صراع محتدم بين جناحين في السلطة أحدهما يدعم ترشيح الرئيس الحالي عبد العزيز بوتفليقة لولاية خامسة، والثاني يدفع نحو ترشيح شخصية أخرى من دواليب النظام القائم”.

وزعم رئيس الحركة التي قادت قبل أسابيع مسعى تأجيل الانتخابات والتمديد لحكم بوتفليقة عامين إضافيين، بنية “التوافق الوطني”، أن حزبه قادر على المنافسة الرئاسية إذا توافرت شروط نزاهة الاستحقاق الانتخابي، مشيرًا إلى أن “مبادرة التوافق الوطني ستبقى قائمة حتى بعد الرئاسيات، ومهما تكن النتائج المترتبة عنها”.

ورغم أن رئيس البلاد عبد العزيز بوتفليقة، قرَّر “استدعاء هيئة الناخبين” ووزارة الداخلية فتحت أبوابها لسحب “اكتتابات الترشح” أمام الراغبين في خوض معترك انتخابات الربيع، إلا أن مقري ما زال يُرافع لتأجيل الموعد الرئاسي بواسطة “توافق سياسي” يفضي إلى مرحلة انتقالية.

وأثار الزعيم الإخواني المعارض جدلًا بلقاء سرّي جمعه بشقيق الرئيس الجزائري وكبير مستشاريه في القصر، السعيد بوتفليقة، ووصف مراقبون ذلك بـأنه”خطط من الحزب للهيمنة على البرلمان والحكومة وبعض أجهزة الدولة الأخرى، في محاكاة لأنموذج حركة النهضة في تونس، والعدالة والتنمية في المغرب”.

ويُوضح الناشط السياسي الجزائري، عز الدين جرافة، في تصريح لـ “إرم نيوز” أن تصريحات مقري، مبهمة وتُفاقم الغموض السياسي الذي يلفُّ المشهد العام عشية الانتخابات الرئاسية.

ويعتقد جرافة أن “الجهة الرافضة لترشح عبد العزيز بوتفليقة مرة خامسة لن تكون سوى أطراف من الجيش، نقلًا عن السعيد بوتفليقة بغض النظر عن صدقه في التعاطي مع مقري”.

وأضاف البرلماني السابق، “السلطة الجزائرية اليوم في مأزق حقيقي، بسبب المرشح الوحيد، ولأن أجنحة السلطة لم تتفق بعد على شخصية جديرة بأن تكون موضع إجماع سياسي، لخلافة بوتفليقة، خصوصًا أن وضعه الصحي صعب ويصعبُ معه خيار تقديمه مرشحًا للرئاسيات الجديدة”.

وكشف جرافة أنه يقوم بمعية أطراف أخرى بالتنسيق مع قادة ومسؤولين في تيارات سياسية مختلفة، بغرض التوافق على مرشح واحد يدخل السباق الرئاسي باسم قوى المعارضة، رغم إقراره بصعوبة ذلك.

سيناريو ثلاثي

وفي خضم هذه الجدل، يرفض الرئيس بوتفليقة إعلانه نيته في الترشح مرة خامسة مع أنه يملك الوقت لذلك ( 3 أشهر) أو الامتناع عن التجديد والانسحاب من السلطة بطريقة ديمقراطية، وسط انقسام حاد لدى الطبقة السياسية.

وفي مارس/آذار المقبل، يحتفل بوتفليقة بعيد ميلاده الـ82، ورغم أنه يواجه متاعب صحية منذ أعوام إلا أن أحزاب الموالاة تعتقد بقدرته على الاستمرارية في قيادة الدولة وتسيير الشأن العام، بينما ترفض المعارضة مبررات السلطة وتدعو الرئيس إلى التنحّي.

ويؤكد المحلل السياسي، عبد العالي رزاقي، أنّه لا يوجد مرشح رسمي واحد في الجزائر قاطبة، مشيرًا إلى أنّ السيناريو المتوقع يتباين بين استمرار الرئيس الحالي، عبد العزيز بوتفليقة، عن ترشحه، أو الدفع بشخصيات وازنة من صلب النظام، على منوال رئيسي الوزراء السابقين علي بن فليس ومولود حمروش، إضافة إلى الجنرال المتقاعد علي غديري.

وخلال تصريحات لـ “إرم نيوز”، يجزم رزاقي أن أحزاب الموالاة ستعلن عن ترشيح بوتفليقة لفترة خامسة، حتى وإن كان وضعه الصحي لا يسمح له، لكن النظام ليس له خيار، ورغم أن “بوتفليقة لم يحكم الجزائر نهائيًّا في خمس السنوات الأخيرة، ومع ذلك سيرشحونه”.

وأضاف، “سلطة واحدة لكن بحكومتين، حكومة واقعية وحكومة ظلّ، لكن صاحب القرار هو واحد وهو شقيق الرئيس، سعيد بوتفليقة”.

ويضيف الأستاذ في جامعة الجزائر: “رئيس حركة مجتمع السلم، عبد الرزاق مقري، أخطأ بالحديث عن لقائه بشقيق الرئيس، والتسويق لفكرة تأجيل انتخابات الرئاسة، مع أنّ خطوة كهذه، لا يصح أن يقوم بها، متزعم إخوان الجزائر، دون العودة إلى مجلس الشورى”.

صراع ما بعد بوتفليقة 

ويقرأ الخبير السياسي، رشيد قريم، ما يحدث في قمة هرم الحكم بالجزائر، على أنّه “بداية صراع الزعامة بين معسكرين يسعى كل واحد منهما للتموقع على أهبة مرحلة ما بعد بوتفليقة”.

ويعتقد قريم أن هناك احتمالًا كبيرًا لاستحداث منصب نائب الرئيس، حتى وإن كان تعيين الأخير لا انتخابه، لن يمنح “الرجل المحظوظ” الشرعية الشعبية اللازمة.

ووسط الحراك الدائر في الكواليس، يبدي المحلل السياسي، مولود مسلم، قناعة أنّ سباقًا محمومًا سيحتدم أكثر، لكن ليس بإيقاع رسمي، بل على محور حزبي، إذ لا يستبعد استعار حرب الإخوة الأعداء بين “التجمع الوطني الديمقراطي” حزب أويحيى ورحماني، و”جبهة التحرير” “حزب الغالبية” الذي يراهن على الظفر بعرش رئيس مجلس الأمة والذي يعني رسميًّا ودستوريًّا، منصب الرجل الثاني في الدولة.

" ارم انيوز"