أكدت دراسة رسمية أن الطلاق بات ظاهرة تلازم العائلة الموريتانية، لا يؤثرفيها لا السن ولا عدد سنوات الزواج، كما حذرت من استمرار ارتفاع نسبة الطلاق وتساهل المجتمع والقانون معه.
ومن أهم تداعيات الطلاق، تهديد مستقبل الأجيال، باعتبار أن إهمال الآباء للأطفال أو نزاعهما على الحضانة والنفقة يهددهم بالانحراف، وأثبتت الاحصائيات أن نسبة كبيرة من أطفال الشوارع والمجرمين والمنحرفين في موريتانيا، ضحايا الطلاق.
ويذكر أن سهولة إجراءات الطلاق وتقبل المجتمع له وضغط التقاليد التي تمنع الزوجة من المطالبة بحقوقها ونفقة أطفالها، دفعت الحقوقيين إلى دق ناقوس الخطر، محذرين من الزيجات السريعة وتأثيرها، على ارتفاع نسب التفكك الأسري وتشرد الأطفال ووصولها إلى مستويات قياسية.
وينتشر الطلاق في موريتانيا بشكل كبير، حيث تتجاوز نسبته 44 بالمئة من حالات الزواج، ولا تطالب المرأة الموريتانية زوجها بحقوقها وحقوق أطفالها، كما ترفض متابعته قضائيا بسبب العادات والتقاليد، ونظرة المجتمع التي تمنعها من ذلك، ما يجعلها تتحمل نفقة أطفالها من دون معين.وتؤكد منظمات المجتمع المدني، أن الإخفاق العائلي رفع نسب معيلات الأسر إلى مستويات قياسية، كما جعل موريتانيا الأعلى بين الدول العربية في نسب الطلاق، محذرة من استمرار ارتفاع نسبة الطلاق وتساهل المجتمع والقانون معه.
ويرى الباحثون أن سهولة الزواج في موريتانيا، هي أحد الأسباب الرئيسية لشيوع الطلاق، ويقول الباحث محمد محمود ولد الغيلاني أن الزيجات الحديثة في موريتانيا لا تتسم بطابع الثبات والاستقرار، وتنتهي بالطلاق لأسباب كثيرة، منها سوء الاختيار، والتسرع في اتخاذ قرار الزواج، وعدم الوعي بالحقوق والواجبات.
ويضيف ولد الغيلاني: "جهل الزوج والزوجة بمفهوم الزواج والعائلة، وعدم شعورهما بمسؤولية الحياة الزوجية، إضافة إلى العادات الاجتماعية التي تشجع على الزواج المبكر، تجعل الكثيرين يعتقدون بأن الزواج أمر سهل وبسيط، وحين يفاجأون بمسؤولياته يتهربون ويفضلون الانفصال، خاصة أن نظرة المجتمع الموريتاني للطلاق ليست هي السائدة في العالم العربي".
ويشير إلى أن العادات الاجتماعية تظلم المرأة، لأنها تمنعها من الحديث في الماديات قبل الزواج، وفرض شروط كالمهر والبيت والنفقة، كما تحرم عليها البحث عن حقوقها المادية في حالة الطلاق، فالمجتمع يعتبر ذلك عارا كبيرا، وبالتالي تمنع المرأة المطلقة من استرجاع مؤخر الصداق، واستعادة تجهيزات البيت والاستفادة من نفقة الأطفال.
ويدعو الباحث إلى معالجة أسباب الزواج السهل والطلاق السريع، لمحاربة التفكك الأسري الذي يهدد المجتمع الموريتاني.
وفقا للإحصائيات فإن أربع زيجات من أصل عشرة تنتهي بالطلاق، والسبب هو تكاليف الزواج الباهظة، وقلة إمكانيات الزوج وارتفاع معدلات البطالة من جهة، والدعم الكبير الذي تتلقاه الزوجة من أهلها، في حال طلاقها، وكم الأزواج الذي ستلقاه في انتظارها بعد الطلاق من جهة أخرى.
يشار إلى أن تعدد الزوجات في موريتانيا أمر نادر الحدوث، وبالمقابل تتمتع المرأة بحرية الطلاق والزواج عدة مرات أخرى، ويعتبر موضوع الطلاق أكثر الأمور التي يتخوف منها الرجل الموريتاني، في حين تستقبل المرأة المطلقة بالزغاريد وإطلاق النار في الهواء، حتى يظهر الأهل والأصدقاء والجيران فرحتهم وسعادتهم الكبيرة بنية رفع معنويات المطلقة، ومنحها الثقة في نفسها.
كما أن الطلاق في المجتمع الموريتاني لا يقترن بوصمة العار الاجتماعية، وإذا لم تحصل المرأة على حقوقها الكاملة في الزواج الأول، يمكنها المحاولة مرة ثانية وثالثة ورابعة وحتى خامسة، حيث تتزوج المرأة المطلقة عادة مباشرة بعد انتهاء عدتها، لذلك لا تحزن النساء على طلاقها.
يذكر أن هذه العادة ساهمت منذ وجودها في رفع مكانة المرأة الموريتانية، في مجتمعها دون أن يؤثر ذلك على مكانة الرجل وهيبته، وبدأت هذه الظاهرة تنحصر مؤخرا بسبب انتشار الوعي، في بعض المدن ولكن نسب الطلاق مع ذلك لا تزال عالية.
ويقول الناشط الاجتماعي المامى ولد محمد أن: "المرأة الموريتانية المطلقة تتفاخر أمام قريناتها بعدد المرات التي تزوجت فيها، بعضهن تزوجن لأربع وخمس مرات، ويعتقدن أن ذلك أكبر دليل على جمالهن وأنوثتهن، التي مكنتهن من جذب المزيد من الأزواج."
ويقول المحلل الاجتماعي المختار ولد ألين: "في اتفاقيات الزواج يتم إضافة التعهد التالي: "لا زوجة قبل، ولا زوجة بعد، وإذا تم ذلك يكون القرار في يد الزوجة"، وهو ما يعني أن العريس إذا تزوج بامرأة ثانية تملك المرأة الأولى الحق في الطلاق إن رغبت في ذلك.
وأضاف أن "المرأة الموريتانية حققت جميع حقوقها دون أي صراع حقيقي، فهي تحتل أهم المراكز الوزارية كما أنها تترشح للرئاسة من جهة أخرى يشعر بعض الرجال في موريتانيا بالاستياء تجاه ما يسمونه بـ"سلطة النساء"، بحجة أنه يهدد حياة الرجل اقتصاديا ونفسيا واجتماعيا.
وبغرض الحد من مكانة المرأة، أطلق الناشط محمد ولد زين العابدين في عام 2008، منظمة غير حكومية للدفاع عن حقوق الرجل، ويقول أنه يكافح ويخوض معركة طويلة، "لحماية الرجال من جبروت النساء، وإنشاء وزارة لحماية الحقوق المسلوبة من الرجال".
وصرح بأن "النساء سرقن كل شيء من الرجال في هذا البلد، فالقضاء يتعاطف معهن وكذلك المجتمع كما أن جميع المناصب الوزارية احتلتها النساء."
وأعتبر موقف ولد زين العابدين، مشكلة شخصية مع النساء ويحاول تعميمها عبر إنشاء منظمة لحماية حقوق الرجال.
وأثبتت الدراسات أن نسبة 72 بالمئة من المطلقات للمرة الأولى، يتزوجن مرة ثانية، بينما تبلغ نسبة النساء اللواتي تزوجن بعد طلاقهن الثاني نسبة 20 بالمئة، و6.7 بالمئة تزوجن للمرة الرابعة، أما نسبة النساء اللواتي تزوجن خمس مرات أو أكثر فتصل إلى 1.5 بالمئة، وترتفع نسبة الطلاق خاصة في أوساط الأغلبية العربية، مقابل انخفاضها لدى الأقلية الزنجية التي تسمح فيها العادات بتعدد الزوجات.
وحسب بيانات من الوزارة المكلفة بشؤون الأسرة في موريتانيا، فإن آخر مسح إحصائي قامت به للسكان، أوضح أن نسبة تعدد الزوجات لدى الأغلبية العربية لا تتجاوز اثنين ونصف بالمئة، بينما ترتفع النسبة لدى الأقلية الزنجية إلى أزيد من 53 بالمائة، من بينهم 10 بالمائة من الرجال لهم أربع زوجات". ويذكر أن ارتفاع نسبة الطلاق في موريتانيا، خلف نسبة كبيرة من الأطفال، الذين يعيشون في صراع وحرمان وضغط، مما دفع الحكومة إلى وضع خطة للتقليل من نسبته، وإنشاء مراكز تأوي ضحايا الطلاق، بسبب إهمال الآباء لهم، أو نزاعهما على الحضانة والنفقة، مما يهدد بانحرافهم وتحولهم إلى مجرمين.
المصدر: "العرب اللندنية"