ستكون الانتخابات الرئاسية المنتظرة خلال السنة الجارية مزلزلة لأنظمة حكم في دول بأقصى جنوب القارة الافريقية وأخرى غربها وشمالها.
وبين الرؤساء السبعة الذين سيعرضون على صناديق الاقتراع، من يسعى لولاية جديدة ومنهم المغادر رغما عنه بحكم الدستور.
اللغز الليبي
فيما يخص ليبيا حيث الحالة غير مصنفة، يبقى السؤال المطروح هل سيتمكن هذا البلد المدمر باحتراب داخلي يستنزفه منذ الإطاحة بمعمر القذافي عام 2011 من تنظيم انتخابات خلال السنة الجارية؟
وكان المقرر أن تشهد ليبيا انتخابات رئاسية العام الماضي ومارست فرنسا ضغوطا شديدة على أطراف المشهد السياسي لتنظيمها غير أن الأوضاع لم تسمح بذلك فأرجئت الانتخابات دون تسمية لأجل محدد.
وحتى الآن فإن ليبيا مقسمة بين مجموعتين سياسيتين إحداها يقودها المارشال خليفة حفتر رئيس الجيش الوطني الليبي القوي بدعم بمنطقة الشرق وببرلمان برقة، والأخرى يقودها خصمه فؤاد السراج رئيس حكومة الوحدة الوطنية المتمركز في طرابلس معتمدا على تأييد المناطق الغربية.
الحيرة الموريتانية
وفي موريتانيا، يتفاعل مشهد سياسي آخر بالغ التعقيد: فالرئيس محمد ولد عبد العزيز مضطر لمغادرة الحكم في منتصف السنة الجارية تنفيذا لمواد في الدستور الموريتاني غير قابلة للتعديل، تنص على دورتين رئاسيتين فقط؛ ومع أنه، أكد احترامه للدستور، فإن سماحه بتنظيم أنصاره لمهرجانات سياسية كبرى تطالب ببقائه في السلطة ويغطي أنشطها الإعلام الحكومي، جعل معارضيه يشككون في نياته.
وينتظر الموريتانيون بفارغ صبر، قرار الرئيس بخصوص الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة: فهل سيعدل الدستور ليترشح، وهنا تكمن المخاطرة حسب المراقبين، أم أنه سيرشح رئيس البرلمان الشيخ ولد بايه صديقه الخاص أو محمد عبد الفتاح وزير النفط الصديق الشخصي لولده الراحل أحمد، وهنا تكمن مخاطرة أخرى أيضا حيث أن التغيير المنشود لم يتم، أم أنه سيفسح المجال أمام رفيق دربه الجنرال محمد غزواني وزير الدفاع ليترشح وهنا مخاطرة أخرى لأن الكثيرين من أنصار الرئيس يعتبرون غزواني شخصا غامضا؟
جزائر بوتفليقة
وستشهد الجزائر خلال السنة الجارية انتخابات هي الأخرى: فهل سيتقدم لها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة طبقا لترشيحه من طرف كوادر حزب جبهة التحرير الوطني بصفته الرئيس الشرفي للحزب؟
لم يعلن الرئيس بوتفليقة قراره الخاص بالترشح لحد الآن، ما جعل الإشاعات تتحرك حول الموضوع بينما يعلم الجميع أن الرئيس الثمانيني يعاني ضعفا شديدا منذ الجلطة الدماغية التي تعرض لها عام 2013.
نيجريا والخياران الصعبان
وفي نيجريا أكبر دولة افريقية من حيث السكان والاقتصاد، تقدم الجنرال محمد بخاري (76 سنة) الذي يعاني حالة صحية صعبة، للانتخابات الرئاسية المقررة منتصف شباط/فبراير المقبل فهل سيتمكن من الفوز لولاية رئاسية ثانية؟
يذكر أن آمالا قد علقت على وصول الجنرال بخاري للسلطة بينها تقويم الاقتصاد والقضاء على الفساد ودحر حركة بوكوحرام الإرهابية بما يقوي الأمن ويجذب المستثمرين؛ غير أن حصيلة سنوات حكم الجنرال، كانت ضعيفة للغاية، فقد خيب آمال الكثيرين من أفراد شعبه، لأن ما علق عليه من آمال لم يتحقق منه شيء على الأرض.
وسيكون على الشعب أن يختار بين الرئيس ومرشح المعارضة عتيق أبوبكر (72 سنة) وهو رجل أعمال مؤثر لكنه من كبار المرتشين.
السنغال والامتحان الصعب
يسعى الرئيس السنغالي مكي صال لولاية ثانية، حيث نظم مؤتمرا ضخما لإعلان الترشح مفتتح شهر كانون الأول/ديسمبر المنصرم بحضور مجموعة من رؤساء الدول الافريقية.
وتتهم المعارضة السنغالية الرئيس المنصرف بالسعي لإقصاء خصومه الأساسيين؛ حيث يوجد خصمه الألد كريم نجل سلفه الرئيس واد، مهاجرا في قطر بعد الحكم عليه بست سنوات سجن تلاها عفو رئاسي عنه، كما أن خصمه الآخر خليفة صال عمدة داكار السابق محكوم عليه بالسجن خمس سنوات في قضية نهب للأموال العامة.
جنوب افريقيا والعودة
ينشد حزب المؤتمر الوطني العودة للرئاسة في جمهورية جنوب افريقيا، بعد أن أقيل الرئيس السابق يعقوب زوما في شباط/فبراير الماضي وبعد أن توقعت استطلاعات الرأي هزيمة للمؤتمر الوطني في انتخابات 2019.
إلا أن سيريل راموفوزا الذي خلف زوما في الرئاسة تمكن من إبعاد شبح الهزيمة عن حزب المؤتمر وهو ما أكده استطلاع للرأي نشر قبل أشهر وأكد حصول المؤتمر الوطني على 60 في المئة من الأصوات المنوي التعبير عنها في الانتخابات المنتظرة.
ويواجه الرئيس رامافوزا حالات عاجلة ومتناقضة بينها إقناع المستثمرين الأجانب بالعودة لامتصاص البطالة، (تناهز 27 في المئة) ومنها إجراء إصلاحات جامعة بين التأييد الشعبي وإخماد خطاب أحزاب المعارضة.
تونس: انتخابات وشكوك
مع أن الرئيس باجي قائد السبسي (92 سنة) أكد في أيلول/سبتمبر الماضي أن الانتخابات الرئاسية والنيابية التونسية ستنظم بموعدها المقرر في 2019 فإن الظروف الصعبة التي تمر بها تونس حاليا تجعل الموعد مشكوكا فيه.
وتشهد تونس احتجاجات متواصلة ما أعاد إلى الأذهان بدايات الثورة التونسية التي انطلقت ة أواخر سنة 2010.
كل هذا يؤكد أن الأزمة الاجتماعية في تونس لم تشهد أي حل لحد الساعة حيث البطالة ما تزال مستشرية كما أن آفاق المستقبل فيها غموض كبير.
القدس العربي