أصبح ارتفاع معدلات الطلاق بموريتانيا ظاهرة تؤرق عموم المجتمع الموريتاني، وتُلقي بتبعاتها على مستقبل الأجيال المقبلة، حيث غدا تفـــكك الأسر أمرا مألوفا في ظل تنامي تلك الظاهرة بشكل مثير للقلق.
وتعود أسباب الطلاق في كثير من الأحوال إلي صعوبة الوضع المادي والاقتصادي لمعيلي الأسر وضغط الحياة المعيشية، وفق ما يراه متابعون.
وتقول عائشة منت محمد المختار، وهي طالبة في قسم علم الاجتماع بجامعة نواكشوط، إن «الوضع الاقتصادي الصعب للموريتانيين يجعل باب الطلاق مفتوحا أمام الكثير من الزيجات».
وتعتبر أن «النظرة المادية للمرأة الموريتانية تجبر الكثير من الرجال على الطلاق بسبب الطلبات اللامتناهية للمرأة، والتي تكثر مع المناسبات الاجتماعية ومواسم الأعياد»، حسب قولها.
وتُضيف أن «انتشار الجهل في شرائح عريضة من المجتمع الموريتاني، يعتبر أيضا أحد العوامل التي تزيد من حالات الطلاق، حيث يقع الانفصال لأتفه الأسباب»، حسب قولها.
ولا تتوقف منت محمد المختار عند هذين العاملين، مؤكدة في حديثها أن «تدخل المحيط العائلي للزوج أو الزوجة في حياة البيوت الموريتانية يشكل مصدرا رئيسيا من مصادر الطلاق وشيوع حالات سوء التفاهم في بيت الزوجية».
وترى أن ظاهرة الاحتفاء بالمطلقة التي كانت شائعة قديما في المجتمع الموريتاني قد تراجعت في المجتمع الحديث بحكم «الضريبة الكبيرة» التي يُخلفها الطلاق على حياة الأطفال ومستقبلهم، وتراجع دور ذوي المطلقة بالتكفل بها وبأبنائها بعد انفصالها عن زوجها.
وكان الموريتانيون قديما يطلقون ثلاثة زغاريد احتفاء بالمطلقة، وتقام حفلات بهذه المناسبة يشرف الشباب على إعدادها، وذلك لرفع معنويات المطلقة وتوجيه رسائل لها باعتبار أنها يمكن أن تتزوج من جديد حالة انتهاء عدتها.
وبعد الطلاق تأخذ المطلقة حرية أكثر، خاصة إذا كان لديها أبناء، فتكون أكثر حرية في اختيار الزوج الجديد، ويكون ضغط الأهل عليها في هذه الحالة أقل مما كان عليه أثناء زواجها الأول.
غير أن سقف طموحاتها في «فارس الأحلام الجديد» أقل من ذي قبل، فهي تبحث عن رجل يمكن أن يؤمن لها لقمة عيش وما يسد احتياجات أبنائها.
وتشير إحصائيات قام بها المركز الديمغرافي والصحي بموريتانيا (حكومي) عام 2012، الى أن نسبة الطلاق بموريتانيا وصلت حوالي 50٪، وتقول الإحصائيات إن حوالي 27٪ من حالات الطلاق تعود لمشاكل لها علاقة بأهل الزوج أو أهل الزوجة.
وتعتبر الإحصائية أن هذه الأرقام «مقلقة جدا» بالمقارنة على ما كان عليه الحال عام 1997 حيث كانت نسبة الطلاق تقارب 16٪.
ووفق نفس الإحصائية فإن حوالي 96٪ من الأطفال دون سن الخامسة عشر يعيشون مع أمهاتهم بعد الطلاق، في حين يتقلص هذا الرقم إلى حوالي 85٪ بعد تجاوز سن الخامسة عشر.
ووصل أعداد المطلقات العام الماضي قرابة 4000 مطلقة، وفق مصدر بوزراة الشؤون الاجتماعية والطفل والأسرة.
وكالة الأناضول