يطلق على موريتانيا بلاد المليون شاعر انبهارا بما فيها من حضور الشعر الموريتاني والشعر العربي تعاطيا وكتابة وتلقيا.
الدكتورة باتة بنت البرا درست التجربة الشعرية الموريتانية منذ 1970 وحتى 1995، أي على مدى عقدين ونصف من الزمان، درست خلالها القصيدة دراسة نقدية وحاولت أن تكشف تمظهراتها الشكلية المختلفة وما استجد عليها من حيث الشكل والمضامين والصور والإيقاع.
وتقول إن القصيدة الموريتانية على مدى السبعينيات لم تغير من نمط القصيدة التقليدية سوى ابتعادها عن البحور الطويلة وتركيزها على البحور الخفيفة، كما أنها كانت ذات لغة رومانسية ليست مستقاة من البيئة، ولكن من عوالم الرومانسية ومدرسة أبولو وغيرها، والتغني بالفجر الجديد والثورة وإلى غيره.
وتضيف لحلقة الخميس (15/6/2017) من برنامج "المشاء" إنه في الثمانينيات بدأت القصيدة الموريتانية تتجذر في التربة، وتولد الرمز المحلي وتوظف الأسطورة المحلية، وكذلك بدأ استقبال قصيدة التفعيلة يرقى إلى مستوى الحضور النقدي، ولذلك فإن الثمانينيات كانت ميلاد القصيدة الموريتانية الحقيقية المتجذرة.
أما عن القصيدة الموريتانية حاليا، فتقول بنت البرا إن المشكلة أن الصورة النمطية التي احتفظ بها القارئ العربي عنها، هي ما وصله من أول منشور وهو كتاب "الوسيط" في القرن الـ19، والذي سجل فيها المؤلف بعض القصائد التي تحاكي قصائد الجاهليين، حيث كانت النموذج الذي كان متبعا بالتعليم وقتها.
ويقول الناقد الموريتاني محمد الحسن ولد محمد المصطفى إن الشعر الموريتاني ولد نتيجة إعادة استلهام الثقافة العربية الشعرية، ومع ذلك فالظروف التي أنتجته تكاد تتشابه وتتماهى مع الظروف التي أنتجت الشعر الجاهلي والشعر الإسلامي التقليدي.
ويضيف أن "الشاعر عندنا عندما يقف على الديار ويركب ناقته ليرحل ويمارس الصيد ويتغزل، فهذا الشاعر يفعل ذلك في خيمته وفي الصحراء الواسعة ويتنقل فيها".
ويتابع ولد الحسن "ولكن عندما يقوم بها البارودي أو شوقي وغيره من الشعراء الذين عاشوا في المدينة والحضرية فإنها تكون تجربة تقليدية ومستعادة على نحو لا يكاد يعبر عن واقع الشعر بأي مستوى ولا يمت للواقع بصلة، لكن الشعر الموريتاني القديم وحتى منتصف القرن العشرين يعيش الظروف والبيئة نفسها التي أنتجت الشعر الجاهلي".
المصدر الجزيرة