تمر بلادنا اليوم بوضعية مقلقة وبمرحلة حرجة من تاريخها تتسم بغلاء المعيشة، وغياب الأمن؛ وتفشي البطالة في صفوف الشباب؛ وتنامي العنصرية والجهوية والفئوية؛ ورعاية السلطة لتلك الخطابات وتوظيفها لها لإحداث المزيد من الشرخ والتشظي المجتمعي الشيء الذي جعل مستقبل البلاد يفتح على كل الاحتمالات.
يحدث كل هذا في ظل نظام عسكري دكتاتوري فاسد ومفسد أوصل البلاد إلى انسداد سياسي غير مسبوق وأدخلها في العديد من الأزمات التي لا يمكن الخروج منها إلا بتضافر جهود كل الوطنيين الطامحين إلى التغيير.
في هذه الوضعية الحرجة ارتأينا في حراك "محال تغيير الدستور" أن نتقدم بنداء إلى كل الجهات التي يعول عليها في صنع التغيير وفي إخراج موريتانيا من هذا المأزق الخطير الذي وضعها فيه هذا النظام العسكري الفاشل.
أولا : المعارضة
إنا ندعو المعارضة الموريتانية وبكل أطيافها إلى إطلاق حوار جدي فيما بينها، وذلك من أجل توحيد الخطاب وتحديد الآليات الكفيلة ببناء حلف قوي قادر على إبعاد الجيش عن السياسة بشكل نهائي وكامل، وعلى فرض انتخابات نزيهة وشفافة في العام 2019، أي أنه قادر على فرض التناوب السلمي على السلطة في العام 2019. كما ندعو هذه المعارضة إلى الاستفادة من أخطائها في الماضي، وإلى الابتعاد عن أساليب النظام في الحشد وفي استقطاب الجماهير، أي الابتعاد عن الخطابات ذات البعد القبلي والجهوي والفئوي من أجل استقطاب القوى التقليدية والتي لم يعد يخفى بأن دورها في التأثير قد أصبح في تراجع كبير.
كما ندعو هذه المعارضة إلى أن تُبعد عن واجهتها كل رموز الأنظمة السابقة، ولا يعني ذلك ـ بأي حال من الأحوال ـ بأننا ندعوها إلى سد كل الأبواب أمام المشاركة السياسية لكل من اقتنع من رموز تلك الأنظمة بالعمل المعارض، وإنما ما يعني فقط بأن متطلبات المرحلة تفرض على المعارضة أن تتقدم إلى الشعب الموريتاني في هذه المرحلة الحرجة من تاريخه السياسي بواجهة قيادية تعطي الانطباع بأن المعارضة قد أصبحت بالفعل معارضة تختلف عن النظام الحاكم، وبأنها قد أصبحت تعطي أملا حقيقيا في إمكانية حدوث التغيير، وبأن واجهتها قد أصبحت تختلف كليا عن واجهة النظام الحاكم المراد تغييره، وعن واجهات كل الأنظمة التي سبقته، والتي لا يحتفظ لها الشعب الموريتاني بذكريات جيدة.
ثانيا :الشباب
إننا ندعو الشباب الموريتاني إلى أن يهتم أكثر بقضايا الشأن العام، وإلى أن ينخرط أكثر في الشأن السياسي، وعلى هذا الشباب أن يعلم بأن الطبقة السياسية التقليدية، سواء كانت في المعارضة أو المولاة، لن تفرش له السجاد الأحمر، بل على العكس من ذلك، فإنها قد تضع الأشواك في طريقه.
على الشباب الموريتاني أن يعلم بأن الحقوق لا تعطى وإنما تنتزع انتزاعا، وبما في ذلك الحق في ممارسة العمل السياسي والصعود إلى واجهته. كما ندعو الشباب الموريتاني إلى أن يقف بكل حزم وقوة أمام كل الخطابات الجهوية أو القبلية أو الفئوية وسواء صدرت تلك الخطابات من جهات سياسية موالية أو معارضة.
ثالثا : إلى رافضي التعديلات الدستورية من داخل الموالاة
إننا نحيي كل رافضي التعديلات الدستورية من داخل الموالاة، وخاصة الشيوخ الذين صوتوا ب "لا" على هذه التعديلات الدستورية، وسجلوا بذلك موقفا شجاعا و مشرفا، وندعوهم ـ أي الشيوخ ـ إلى الانفتاح على كل رافضي التعديلات الدستورية من داخل الموالاة لتشكيل كتلة سياسية من داخل الموالاة تعمل على فرض احترام نتائج تصويت البرلمان الذي أسقط التعديلات الدستورية، وعلى هذه الكتلة أن تكون على استعداد للتنسيق مع قوى المعارضة من أجل إفشال الانقلاب الدستوري الذي يحاول النظام الحاكم أن ينفذه من خلال الاستفتاء الشعبي. وإننا في هذا المقام لنذكر الموالاة بأننا نعيش في زمن مواقع التواصل الاجتماعي، وبأن كل أشكال التصفيق والتملق والتطبيل يتم توثيقها الآن من خلال هذه المواقع، وسيتم استخدامها في المستقبل ضد أصحابها.
رابعا : إننا ندعو الطلاب والعمال إلى بذل المزيد من الجهود للدفاع عن حقوقهم التي يتم الاعتداء عليها بشكل وقح من طرف النظام الحالي ( الحرمان من المنح بالنسبة للطلاب على سبيل المثال، تدني الأجور و تواصل عمليات التسريح الجماعي بالنسبة للعمال). كما ندعوهم إلى المشاركة مع بقية القوى الوطنية في النضال السلمي الهادف إلى إخراج موريتانيا من أزماتها السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي تتخبط فيها بفعل القيادة غير الرشيدة للنظام الحاكم.
خامسا : إلى المؤسسة العسكرية
إننا نحيي كل أفراد المؤسسة العسكرية، وندعو هذه المؤسسة إلى أن تنأى بنفسها عن التجاذبات والصراعات السياسية، وأن لا تسمح لكبار الضباط بأن يسيئوا إليها بإقحامها في تلك الصراعات. وإننا في هذا المقام لنلفت الانتباه بأننا لم نعد نعيش في الثمانينيات أو التسعينيات من القرن الماضي، وبأن انخراط بعض الضباط في العمل السياسي لم يعد مقبولا، وبأن الاستمرار في ذلك سيشكل خطرا كبيرا على الجيش نفسه، وعلى الدولة الموريتانية بكاملها.
وفي الأخير فإننا لن نقبل بأن يظل شعبنا رهينة في أيدي أنظمة عسكرية تسومه سوء العذاب وتحكمه بعقلية بائدة في تحالف مشين مع نخب فاسدة. لقد عقدنا العزم في هذا الحراك على أن لا نألو جهدا في تقديم الغالي والنفيس في سبيل تغيير هذه الوضعية الكارثية والخروج ببلدنا من هذا الواقع البائس الذي يتخبط فيه منذ عقود، وذلك بالتعاون مع كل القوى والأحزاب والحركات الشبابية التي تعمل من أجل تحقيق ذلك. على هذا عقدنا العزم وعلى الله الاتكال .
حراك محال تغيير الدستور