الصحراء زووم : أحمد ساسي
لعل ما يثير اهتمام الباحث والمتتبع اليوم، للأحداث المتسارعة التي يعيشها ملف الصحراء مؤخرا، هو مجموع تلك التطورات التي تقوم بها قيادة البوليساريو في الآونة الأخيرة، والتي تعد الأجرأ والأكثر تصعيدا، في زمن أمينها العام الحالي "إبراهيم غالي" الذي شهد النزاع في بداية ترأسه مالم يشهده في الأربعة العقود الماضية.
انطلاقا من منطقة "الكركارات" التي أصبحت تعيش تحت "صفيح ساخن" منذ أن بدأت السلطات المغربية، بتعبيد طريق تربطها ببوابة موريتانيا الحدودية، ما اعتبرته البوليساريو خرقا لاتفاقية إطلاق النار المبرمة سنة 1991، والذي جعل كتائبها ترابط في المنطقة العازلة وتوقف مشروع تعبيد تلك الطريق، كان بمثابة اختبار حقيقي وأول احتكاك مباشر مع القيادة الجديدة.
تشنج العلاقات المغربية الموريتانية في زمن الرئيس "محمد ول عبد العزيز"، ساعد على تأجيج الأوضاع، ورسم معالم التوتر في منطقة "الكويرة"، التي ظهرت بها صور لمقاتلي البوليساريو، بالإضافة لصورةٍ لزعيمهم الحالي "إبراهيم غالي"، بالقرب من الشاطئ الذي تواتر أنه تابع لمنطقة "الكويرة"، الخاضعة لسيطرة السلطات الموريتانية حاليا، والتي التزمت الصمت بهذا الشأن، كما أنها لم تخفي تقربها من الجبهة وقياداتها في الشهور القليلة الماضية. توقف سياسة الكرسي الشاغر وطلب المغرب العودة للاتحاد الإفريقي، إضافة الى الزيارات الملكية المتتالية لمجموعة من الدول الإفريقية الداعمة للبوليساريو، ساهمت بشكل مباشر بدق ناقوس الخطر داخل قيادة البوليساريو، ما أعطى تفسيرا دقيقا لتحركات مقاتلي الجبهة ومناوراتهم، داخل كل من منطقة الكويرة والكركارات التي اصبحت تشكل استفزازا خطيرا للمملكة.
كل هذه الأحداث والتطورات جعلت "إبراهيم غالي" يخرج عن صمته مصرحا بأن "المرحلة تتميز بالعديد من التحديات التي تتطلب المزيد من رص الصفوف وتطوير الأداء وتأجيج المعركة" في رسالة منه بأن العودة للكفاح المسلح باتت وشيكة، وبأن النضال الدبلوماسي استنزفت طاقاته، بعد نجاح المغرب في استمالة العديد من الدول لجانبه، فيبقى السؤال مطروحا هل تدق جبهة البوليساريو طبول حربها من جديد؟