الكابوس الإسرائيليّ: حرب ضدّ حزب الله وحماس بآنٍ واحدٍ والجيش يُراقب معركة الموصل لدراسة تكتيكات “الدولة الإسلاميّة” للمُواجهة بالأماكن المكتظّة بالسكّان

1 نوفمبر, 2016 - 18:39

لا يقتصر الاهتمام الإسرائيليّ فيما يتعلّق بمعركة الموصل العراقيّة على الإعلام فقط، بل بات الحدث، يُثير فضول جيش الاحتلال، وكيفية استثمار المعركة في التعامل مع حركات المقاومة الفلسطينيّة، خصوصًا في المناطق المكتظة بالسكان المدنيين، ومعرفة طابع التكتيكات الذي يستخدمه “داعش” والخطط المضادّة لقوات التحالف الدوليّ بغرض تحقيق أكبر قدرٍ من الاستفادة في حال قررت إسرائيل شنّ حروب مستقبلية على غزة أوْ لبنان، نظرًا لتشابه تكتيكات حركات المقاومة الفلسطينيّة وحزب الله اللبنانيّ مع تلك المستخدمة من قبل “داعش”.

ولا بُدّ في هذا السياق من التذكير، بأنّه في الآونة الأخيرة، وعلى لسان كبار المسؤولين في المُستوى الأمنيّ، أضحت إسرائيل تربط بين المُستجدّات على الحدود الشماليّة، أيْ حزب الله، مع تلك على الحدود الجنوبيّة، أيْ المُقاومة الفلسطينيّة، وفي مُقدّمتها حركة حماس.

بكلماتٍ أخرى، فإنّ إسرائيل تخشى من أنّ اندلاع الحرب على إحدى الجبهتين، سيدفع الطرف الثاني في المُعادلة، إلى شنّ هجومٍ عليها، وإلزامها بإدارة مواجهة عسكريّة شاقّة وصعبة، على الجبهتين في آنٍ واحدٍ.

وربمّا، يكون القلق الإسرائيليّ، يستند إلى الماضي غير البعيد، إذْ أنّ العدوان الأخير على غزّة في العام 2014،  استمرّ 51 يومًا، دون أنْ يُحقق أيّ نتائج تُذكر.

وأنّ المُستوى السياسيّ، وفي مٌقدّمته رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، يخشى تقرير مُراقب الدولة العبريّة حول عملية (الجرف الصامد)، والذي من المُقرر أنْ يُنشر خلال الأسبوعين القادمين.

كما أنّ حرب لبنان الثانيّة في العام 2006 وضعت أوزارها بعد 34 يومًا، وبات في الذاكرة الجمعيّة الإسرائيليّة كابوسًا.

وبالتالي يُطرح السؤال: كيف ستتعامل الدولة العبريّة مع حربٍ تشتعل في الشمال والجنوب في نفس الوقت؟ علمًا أنّ أركان تل أبيب يُعلنون جهارًا-نهارًا، أنّ الترسانة العسكريّة لحزب الله، باتت تُصيب كلّ مكانٍ في العمق الإسرائيليّ، وأنّ الصواريخ التي تمتلكها حماس، وصلت في العام 2014 إلى ما بعد تل أبيب وضربت القدس، وأنّ الحركة تُواصل التسلّح، وتلجأ إلى الصناعة المحليّة، بسبب الحصار المفروض على القطاع من قبل الاحتلال، وبتواطؤ مع النظام المصريّ.

بالإضافة إلى ذلك، يخشى صنّاع القرار في تل أبيب، من المُستويين السياسيّ والأمنيّ، من الأنفاق الهجوميّة التي تُواصل حركة حماس حفرها في القطاع، على الـ”حدود” مع المُستوطنات.

وفي عدّة مُناسبات أعلنت على لسان كبار مسؤوليها أنّ أنفاق حماس باتت تُشكّل تهديدًا إستراتيجيًا على أمنها القوميّ.

وفي الشمال أيضًا، يعتقد كبار المُحللين في الإعلام العبريّ، المُتطوع لصالح الأجندة الصهيونيّة، أنّ حزب اله يحفر الأنفاق، وأنّ تقديرات الأجهزة الأمنيّة لا تستبعد البتّة، أنْ يقوم الحزب بـ”احتلال عددٍ من المُستوطنات الإسرائيليّة على الحدود مع لبنان خلال المُواجهة القادمة”، بحسب تعبيرهم.

وفي هذا السياق رأى عاموس هارئيل، محلل الشؤون العسكرية في صحيفة “هآرتس″، أنّه حتى طرد “داعش” من الموصل، سيكون هناك المزيد من الدمار والقتلى في صفوف المدنيين، إضافةً إلى الخسائر العسكريّة في الطرفين، فضلًا عن آلاف اللاجئين والمشردين.

وذكّر المُحلل ما حدث في مدينة أصغر، الرمادي، واستعان بكلماتٍ أطلقها ضابط أمريكي خلال حرب بلاده ضدّ فيتنام: من أجل إنقاذ الموصل، قال هارئيل، هناك حاجة لتدميرها، فالمعركة تدور في منطقةٍ مدنيّةٍ مليئةٍ بالأنفاق والمباني المفخخة والانتحاريين.

وتابع قائلاً: هكذا إلى درجةٍ كبيرةٍ ستبدو معارك المستقبل في الشرق الأوسط: احتكاك شديد في المناطق المأهولة، حيث أنّ السكان المدنيين سيعلقون بين الأطراف المتحاربة، ويتحوّلون رغم إرادتهم إلى دروعٍ بشريّةٍ.

ولفت المُحلل، المعروف بصلاته الوثيقة مع المنظومة الأمنيّة في تل أبيب، لفت إلى أنّ دروس الموصل لها علاقة بإسرائيل، التي ستتّم حروبها القادمة، إذا نشبت، في المناطق المكتظة في غزة وفي جنوب لبنان. وأنّه يتحتّم على وزير الأمن أفيغدور ليبرمان، الذي طلب من الجيش الإسرائيليّ تعديل الخطط التنفيذيّة من أجل احتلال غزة، عليه متابعة ما يحدث في العراق، بحسب قوله.

إلى ذلك، قال مُحلل الشؤون العسكريّة في صحيفة (يديعوت أحرونوت)، اليكس فيشمان، نأمل في أنْ تكون عيون رجال الاستخبارات والعمليات الإسرائيليين مُركّزةً على المعارك حول الموصل في العراق، إذ أنّ الموصل هي مثال لمدينة غزة: ميدان تجربة للتكنولوجيات، التكتيكات والسلاح الغربي حيال مقاومة جسم متزمت من مقاتلي العصابات، ممّن يقاتلون في سبيل حياتهم في منطقة مدنية كبيرة ومكتظة، فكيف يُمكن لقوة ما أنْ تُلحق بهم هزيمةً، دون أنْ تبقى عالقةً في الوحل لسنوات طويلة؟.

وأردف: صحيحٌ أنّ الجيش الإسرائيليّ احتلّ من جديد مدنًا فلسطينية بالضفة الغربيّة عام 2002 في حملة “السور الواقي”، وراكم تجربةً في القتال حيّال منظمات شبه عسكريّة وجهاديّة، ولكنّه لم يُواجه احتلال مدينة بحجم غزة، والتي يُرابط فيها الآلاف من حملة السلاح المشحونين بالأيديولوجية الجهاديّة، مع منظوماتٍ دفاعيّةٍ تمّ إعدادها خلال أعوامٍ بموجب مفاهيم المقاومة القتالية التي يستخدمها “داعش” في الموصل، على حدّ تعبيره.

وما لم يتطرّق إليه هارئيل وفيشمان هو التالي: عندما يُهدد ليبرمان بأنّ المعركة القادمة مع حماس ستكون الأخيرة، وأنّ بلاده ستُنهي حماس، هل الجيش الإسرائيليّ قادرٌ عسكريًا ومعنويًا على احتلال القطاع؟.

في عدوان صيف العام 2014، دخلت قوّات المُشاة الإسرائيليّة إلى حيّ الشجاعيّة بغزّة فقط، وتكبدّت خسائر بشريّة وماديّة لم تكُن متوقعةً، كما أنّ المُقاومة الفلسطينيّة واصلت دكّ الدولة العبريّة بالصواريخ حتى أخر يومٍ من العدوان، فماذا سيحصل إذا غامرت أوْ قامرت إسرائيل باحتلال المدينة؟.

المصدر