الناصرة – “رأي اليوم” – من زهير أندراوس:
ذكرت صحيفة “معاريف” العبرية، نقلاً عن مصادر أمنيّة رفيعة المُستوى، قولها إنّ إحدى القذائف التي سقطت في هضبة الجولان المحتلة بسبب المعارك الدائرة على الجهة المقابلة من الأراضي السورية سقطت على بعد مئات الأمتار من حاوية أمونيا في إحدى المستوطنات الإسرائيلية. وقال رئيس مجلس المستوطنة، التي لم تسمح الرقابة العسكريّة بذكر اسمها للصحيفة العبريّة: لو أصابت القذيفة حاوية الأمونيا لوقعت في المكان كارثة كبيرة جدًا كانت ستغير وجه القتال في المنطقة بمعدل 180 درجة، ولكن معجزة منعت وقوع كارثة، على حدّ تعبيره. ولفتت الصحيفة أيضًا إلى أنّه في أعقاب سقوط القذيفة في مكان قريب من حاويات الأمونيا صدرت الأوامر للعاملين في المكان تقليل كميات الأمونيا في الحاويات في أعقاب الوضع الأمني.
على صلةٍ بما سلف، أعلن موقع “روتر نت” العبريّ أن الجيش الإسرائيلي هاجم قبيل منتصف ليل الثلاثاء أهدافًا في سوريّة. ونقلت وسائل الإعلام العبريّة عن الناطق باسم الجيش الإسرائيليّ قوله إنّ الهجوم شنّته طائرات إسرائيلية واستهدف مواقع مدفعية للجيش السوري وسط الجولان.
وتابع قائلاً إنّ الجيش الإسرائيلي لن يتحمل أي محاولة للمس بسيادة دولة إسرائيل وأمن سكانها، مُشيرًا في الوقت عينه إلى أنّ الجيش الإسرائيلي يرى في النظام السوري مسؤولاً عما يحدث على أرضه، على حدّ تعبيره. وكان نهار الثلاثاء شهد إعلان قيادة الجيش السوري إسقاط طائرة حربية إسرائيلية جنوب غرب القنيطرة وطائرة استطلاع في منطقة سعسع، بعد ساعات على غارة إسرائيلية استهدفت أحد مواقع الجيش السوري في ريف القنيطرة. وقال بيان صادر عن القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة إنّ طيران العدو الإسرائيلي قام عند الساعة الواحدة صباح يوم 13-9-2016 بالاعتداء على أحد مواقعنا العسكرية بريف القنيطرة فتصدت وسائط دفاعنا الجوي وأسقطت له طائرة حربية جنوب غرب القنيطرة وطائرة استطلاع غرب سعسع.
وأضاف البيان أنّ العدوان السافر يأتي في إطار دعم العدو الإسرائيلي للمجموعات الإرهابية المسلحة وفي محاولة يائسة لرفع معنوياتها المنهارة بعد الفشل الذريع الذي منيت به والخسائر الفادحة التي تكبدتها بريف القنيطرة، على حدّ تعبيره. لكن الجيش الإسرائيلي نفى ما أعلنته القوات السورية.
وقال ناطق باسم الجيش الاسرائيلي الميجور آري شاليكار في القدس المحتلة ليس هناك أي صحة في ذلك. وأفاد ناطق آخر هو الكولونيل بيتر ليرنر على “تويتر” بأنّ صاروخي ارض-جو أطلقا من سورية بعد المهمة التي نفذها (الطيران الإسرائيلي) ليلاً على مواقع للمدفعية السورية، ولم يكن أمن الطيران في خطر في أي وقت. وكان هذا رابع حادث من نوعه في تسعة أيام.
وأعلنت وزارة الخارجية السورية أنها احتجت خطيًا لدى مجلس الأمن الدولي والأمين العام للأمم المتحدة على العدوان الإسرائيليّ. وقالت إنّ سورية تطالب مجلس الأمن والأمين العام للأمم المتحدة بوجوب اتخاذ كل الإجراءات التي ينص عليها ميثاق الأمم المتحدة لمعاقبة إسرائيل المعتدية وإجبارها على وقف عدوانها ومطالبتها فورًا ومن دون تأخير بوقف دعمها وحمايتها للإرهابيين ومجموعاتهم المسلحة، كما أكّدت الخارجيّة السوريّة. مصادر عسكرية أكدت لفضائية (الميادين) إسقاط المضادات السورية لطائرة “أف 16″ جنوب غرب القنيطرة في منطقة تسيطر عليها الجماعات المسلحة.
وبحسب معلومات الميادين فإنّ الجانب السوري أبلغ قبل أيام موسكو بأنّ دمشق سترد على أيّ اعتداء إسرائيليّ. والمُلاحظ أنّ التطورات السياسية والميدانية الأخيرة في الساحة السورية، التي بدا واضحًا خلال الأيام الماضية مستوى وحجم انزعاج تل أبيب وقلقها منها، وتحديدًا ما أظهرته التعليقات العبرية من قلق تجاه الاتفاق الأمريكي ــ الروسي، الذي وإن قدّرت أنه لن يصل إلى النتائج الموضوعة له وكادت تجزم قراءة تل أبيب بأنّه محكوم بالفشل، لكنّه كان محركاً للقلق والانزعاج من جهة أنه كاشف ومؤكد لبدء مسار التراجع الأمريكيّ عن الأهداف المأمولة إسرائيليًا، تجاه إسقاط النظام السوري أو إضعافه وحلفاءه، علمًا بأنّ إسقاط النظام وإضعاف وحلفائه هما معيار موقف تل أبيب من أي تطور سياسي أو ميداني في الساحة السورية.
وقالت القناة العاشرة العبرية: إنّ الصواريخ هي رسالة من الرئيس السوري. الصاروخان يهدفان للإشارة إلى إسرائيل بأنّ الأسد يعمل على معادلة جديدة، وعلى إسرائيل أن تدرك ذلك، مُضيفةً أنّ الاتفاق الروسيّ-الأمريكيّ أعطى الأسد جرعة ثقة كبيرة، كذلك فإنّ النجاحات الميدانية التي حققها الجيش السوري في الأسابيع الأخيرة، بمعونة من روسيا وإيران، ساهمت كثيرًا في رفع مستوى الثقة لديه، كما قال التلفزيون العبريّ.
إسرائيل أرسلت وما تزال جملة من الرسائل الردعية، كما هي العادة المتبعة في حالات القلق من سيناريوهات متطرفة، بـكشفها عن مناورة أركانية كبيرة جدًا، حاكت مواجهة مع الجيش السوري وحلفائه على جبهتين (لبنان وسوريّة) تخللها التمرين على استدعاء 200 ألف جندي من الاحتياط.
وتزامن الإعلان عن هذه المناورة مع الإعلان أيضًا عن مناورة أخرى مخصصة لردع حزب الله، أشارت فيه المصادر العسكرية الإسرائيلية إلى أنّها حاكت سيناريوهات قتال في مواجهة حزب الله وإخلاء المستوطنين من المستوطنات القريبة من الحدود مع لبنان.
علاوة على ذلك، أكّدت تل أبيب كجزء من الرد على الصاروخين السوريين، أنّها قررت تعزيز علاج الجرحى السوريين في المستشفيات الإسرائيلية، وأنها قررت نقلهم عبر حافلات من الحدود بشكل ثابت يوميًا إلى مستشفى صفد، ومن ثم إعادتهم بعد تلقيهم العلاج إلى الأراضي السورية، لافتةً إلى أنّ هذا المنحى سيتعزز في الفترة القريبة المقبلة.