
لو أخضعت أية قائمة تضم أسماء وجنسيات إرهابيين للفحص الدقيق تحت المجهر النفسي أولاً، لا تضح على الفور أن الإرهاب عابر للجنسيات والألوان والجنس أيضاً، ما دام هناك عرب وأوروبيون وآسيويون وأمريكيون وسود وبيض ورجال ونساء.
لهذا فإن الإلحاح على جنسية بعينها يتجاوز الاختزال إلى التعميم، وفي الحالتين ثمة إلحاق أذى ببشر لا ناقة لهم ولا بعير.
والبريطاني الذي أجهز على سيدة في برلمان بلاده بمختلف الأسلحة الحمراء والبيضاء، إضافة إلى الركل بالقدم ليس من خارج المدار الأنجلوساكسوني، كما أن أعنف عمليات الإرهاب في الولايات المتحدة لم يكن مرتكبوها مسلمين فقط أو عرباً أو حتى آسيويين. والإرهاب يمتد تاريخه إلى جذور بعيدة، ولم يولد في تلك الظهيرة السوداء في منهاتن عام 2001، بحيث يُشطر التاريخ إلى ما قبل ذلك العام وما بعده!
واتهام جنسية ما بالتطرف والعنف أمر ينفيه العلم، لأنه يعود إلى موروث عنصري كما يقول علماء الأنثروبولوجيا المعاصرون، حين كان يحكم بالجملة على شعب أو جنس بالعبقرية أو الغباء، كما حدث لزمن طويل حول أسطورة العرق الآري، أو ما قاله مستشرقون ترعرعوا في إسطبلات الاستعمار عن العرب وهو أن عقلهم يعود إلى ما قبل المنطق.
ونذكر للمثال فقط ما كتبه طومسون عن الدماغ العربي باعتباره شبيهاً لثمرة الصبير التي إن نُقبت من بذورها تتحول إلى هُلام! أو ما قاله حاكم عسكري فرنسي أثناء احتلال الجزائر، وهو إذا طُبخ الدماغان العربي والفرنسي في إناء واحد، فإن الحساء سوف يتجمع حول كل منهما بطريقة مختلفة!
إن محاولة منح الإرهاب جنسية أو هوية محددة هي أطروحة مضادة للعلم أولاً، وتسترها نوايا سياسية!
والإرهاب من ظواهر التاريخ التي لا تقبل مثل هذه الخصخصة، أو القومنة، لأنه تجاوز اللون والعرق والجنس، والقاسم المشترك بين من يمارسونه سايكولوجي أولاً وأخيراً!
خيري منصور