تحديات "البوليساريو" بعد وفاة زعيمها... قيادة الجبهة وملف الصحراء

2 يونيو, 2016 - 11:00

لا يبدو أن وفاة الأمين العام لجبهة تحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب (البوليساريو)، محمد عبد العزيز، أمس الأول الثلاثاء، ستمر من دون تداعيات أو تأثيرات مباشرة أو غير مباشرة على ملف الصحراء، باعتبار أن "البوليساريو" طيلة ولاية عبد العزيز، خلال أربعين عاماً، ما فتئت تطالب بانفصال الصحراء عن سيادة المغرب.

ويرى محللون مغاربة أن غياب عبد العزيز عن ملف الصحراء يأتي في خضم سياقات ملتهبة تعيشها جبهة البوليساريو من الداخل، وفي ظرف سياسي يمر به ملف الصحراء من خلال العديد من التحولات الجيو ــ سياسة، ما يجعل القيادة المقبلة، والتي يرجّح كثيرون أن تكون ممثلة في وزير الدفاع السابق، القيادي في الجبهة محمد لمين ولد البوهالي، تواجه منعطفات عدة في صراعها الدائم مع المملكة.
في هذا الصدد، يقول رئيس المركز المغاربي للدراسات الأمنية وتحليل السياسات، الدكتور عبد الرحيم منار اسليمي، لـ"العربي الجديد"، إن جبهة البوليساريو تنظيم شمولي ومغلق، لكن وفاة زعيمها بعد أربعين سنة من قيادة الجبهة ستكون لها تأثيرات كبيرة عليها". ويضيف منار أنّ وفاة عبد العزيز تأتي في سياق لم يفرز فيه المؤتمر الرابع عشر الأخير للجبهة مؤشرات القائد الجديد الذي قد يخلف الزعيم المريض منذ سنتين. وإن كانت بعض المعلومات الأمنية تشير إلى أن اجتماعاً لقادة البوليساريو في الجزائر، عُقد وتمّ اختيار إبراهيم غالي لقيادة الجبهة في المرحلة المقبلة.
ويشير المحلل ذاته إلى أن مثل هذا الاختيار قد يخلق نزاعات وسط قيادات الجبهة، خصوصاً مع محمد لمين ولد البوهالي، لافتاً إلى أنّ "موت الزعيم يتزامن مع ارتفاع حدة الاحتجاجات داخل المخيمات، وتظهر فيه معارضات ترفض استمرار الجيل القديم في القيادة". ويوضح أنه "بالإضافة إلى كل هذه الحيثيات، يجعل المناخ الإقليمي المضطرب من مخيمات تندوف التي تشرف عليها البوليساريو، عرضة لمزيد من الاختراقات. فجماعة أبو الوليد الصحراوي التي بايعت تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) منذ سنة تنتظر هذه الفرصة لمزيد من التمدد داخل المخيمات، وتعبئة موارد بشرية قتالية لاستعمالها في المنطقة العازلة بين موريتانيا والمغرب"، على حدّ تعبيره.

ويرى اسليمي أن أكبر المخاطر التي تنتظرها المرحلة المقبلة تتمثل في المواجهات التي قد تقع بين سكان المخيمات المحتجين والجيش الجزائري الموجود في المنطقة الثالثة في تندوف وبشار، الذي شرع في إغلاق كل الممرات نحو المخيمات منذ إعلان موت محمد عبد العزيز. ويلفت إلى أنّه "مهما كان شكل القيادة القادمة لجبهة البوليساريو، فإنها ستجد نفسها أمام خيارات صعبة في تدبير العلاقات مع الجزائر، والأمم المتحدة، والصراعات مع المغرب بشأن ملف الصحراء، بعد قرار مجلس الأمن رقم 2285".
من جهتها، تؤكد القيادية في حزب العدالة والتنمية الحاكم بالمغرب، نزهة الوفي، لـ"العربي الجديد"، أن "وفاة عبد العزيز مؤشر على نهاية البوليساريو"، مضيفة أن "الواجب الأخلاقي يقتضي أن يتحمّل المجتمع الدولي والأمم المتحدة مسؤوليتهما، وأن يعملا على فرض أجندة زمنية لتقديم حل سياسي لنزاع الصحراء بالمخرجات التنظيمية التي اعتمدتها الدول التي مرت بتجربة الحكم الذاتي"، على حدّ تعبيرها.
وتطالب الوفي المجتمع الدولي بوضع أفق للتفاوض والضغط على الجزائر لتتراجع عن استغلال ملف الصحراء، مضيفة أنّه "في حال تمّ العكس ستكون فرصة سانحة أمام المجموعات المتشددة لاختراق مخيمات الصحراويين، كما تم في السابق، وهو ما سيهدد القارة الأفريقية، والأمن والاستقرار، ويشجع مافيا الإتجار بالبشر والهجرة السرية بالمنطقة".

العربي الجديد