تستهدف الحكومة الموريتانية تقليص الفاتورة الباهظة لاستيراد الألبان ومشتقاته والتي تكلف خزينة الدولة 23 مليار أوقية موريتانية (نحو 676 مليون دولار) سنوياً، من خلال استغلال الثروة الحيوانية الهائلة في البلاد وإنشاء مصانع للحليب ومشتقاته تنافس بإنتاجها الألبان المستوردة.
وتستورد موريتانيا نحو 65% من احتياجاتها من الألبان، حيث يغرق السوق الموريتاني بمنتجات الألبان الرخيصة المستوردة من أوروبا وأميركا، حسب تقارير رسمية.
وبدأت الحكومة الخطوة الأولى في هذا المشروع بتدشين مصنع الألبان بمدينة النعمة مؤخراً بتكلفة إجمالية بلغت 15 مليون دولار، وتبلغ الطاقة الإنتاجية للمصنع 30 ألف لتر يوميا، ويوفر 102 فرصة عمل مباشرة، إضافة إلى دعم مئات المربين بشراء الألبان منهم.
ويعد مصنع "النعمة" الذي بدأ الإنتاج به الأسبوع الماضي أول تجربة في هذا المجال تدعمها الدولة، كما أنه أول مشروع اقتصادي تنموي بهذا الحجم في الشرق الموريتاني يلامس حياة السكان في منطقة ظلت مهمشة لعقود من الزمن، حيث تعاقد المصنع في المرحلة الأولى مع ما يناهز 300 مزارع من أجل تزويد الشركة بالحليب في مناطق التجميع الثلاث.
غير أن خبراء يؤكدون على مشاكل عديدة ستواجه مصانع الألبان بسبب قلة إنتاج الحليب ونوعية السلالات رغم الثروة الحيوانية الهائلة التي تتمتع بها موريتانيا، بالإضافة إلى الجفاف الذي قضى على الغطاء النباتي في المنطقة.
وفي هذا الإطار، يقول الباحث الاقتصادي سيدي أحمد ولد خطري، لـ"العربي الجديد، إن موريتانيا في حاجة إلى تطوير صناعة الألبان للحد من الاستيراد واستغلال إمكانيات الثروة الحيوانية، لكن التحدي يبقى في إنتاج البان ذات جودة عالية تنافس المستورد.
ويضيف خطري، أنه "بعيداً عن محاولات التقليل من شأن مصنع الألبان الجديد أو التشكيك في جدواه، فإن عدة عوائق تقف أمام نجاح مثل هذه التجارب منها قلة المراعي حيث يضطر مربو الماشية إلى الابتعاد عن القرى والتجمعات بحثا عن المراعي وبالتالي الابتعاد عن مراكز تجميع الألبان، إضافة لمشاكل التسويق والتوزيع وسط منافسة حادة من الألبان المستوردة.
ويقول إنه رغم حداثة مشروع مصنع النعمة إلا أن الدولة واجهت مشكلة الأعلاف فقررت إنشاء مصنعين جديدين للأعلاف وتقشير الأرز من أجل استخدام نواتجه كعلف قطعان الأبقار، ويؤكد أن هناك مخاوف من ارتفاع التكلفة.
ويدعو الباحث، إلى إقامة مزارع لإنتاج أعلاف خضراء باستغلال مياه بحيرة "اظهر" وتربية القطعان المنتجة في منطقة المصنع، كما يدعو لتحسين سلالات الأبقار وتوفير شاحنات مبردة ومدّ الطرق.
ويرى خطري، أن تطوير صناعة الألبان ومشتقاتها يحتاج إلى إرادة حقيقية من طرف الدولة لاستغلال الثروة الحيوانية المتوفرة ودعم المنتجين الذين لا يزال أغلبهم يعتمد على الحلب اليدوي ونظم الإنتاج التقليدية.
ودعت الحكومة المستثمرين إلى إنشاء مصانع الألبان وأعلنت أنها على استعدادها لمنح قروض لإنشاء مصانع في أي مقاطعة من البلاد من أجل تقليص الاستيراد وخلق فرص العمل وتحقيق تنمية متوازنة في البلاد.
ورغم أن البلاد لديها ثروة حيوانية كبيرة فإن حاجيات السكان من الألبان ومشتقاته لا زالت تعاني من نقص حاد بسبب تباعد مناطق الإنتاج والاستهلاك ومشاكل النقل وعدم توفر الطرق والشاحنات المبردة في مناطق الشرق والشمال التي تنتج كميات كبيرة من الألبان.
وترى الدولة المتحمسة لإنشاء مصانع الألبان أن هذه المشاريع كفيلة بتقليص فاتورة الاستيراد ودعم التنمية المحلية ووقف الخسائر الناتجة عن ضياع إنتاج مربي الماشية من الألبان في الصحاري والمناطق البعيدة .
العربي الجديد