تفتخر روسيا بتواجدها في سوريا وبالعملية العسكرية التي نفذتها هناك. حول هذا الموضوع كتبت صحيفة Die Welt الألمانية وذكرت أن ذلك يبدو واضحا لزوار العاصمة الروسية.
ففي بهو فندق” أوكرانيا” بموسكو على سبيل المثال، علقت للترحيب بضيوف مؤتمر الأمن الدولي في موسكو، صورا للعسكريين الروس وهم يطهرون تدمر من الألغام وكذلك صور لأطفال سوريين وهم يلوحون بالإعلام الروسية ويرفعون فوق رؤوسهم صور لبوتين والأسد.
وتتحدث وسائل الإعلام الروسية عن نفس الموضوع وتنقل محطات التلفزيون كلمات ممثلي النخبة في الهيئات الأمنية الروسية. وخلال الفعالية الدولية المذكورة أعلاه دعا وزير الدفاع سيرغي شويغو، الغرب للعمل المشترك خلال الكفاح ضد الإرهاب ونوه بأن روسيا تقيّم بشكل إيجابي تعاونها مع الولايات المتحدة في سوريا. وأشار إلى أن التنسيق بين الطرفين في مجال وقف النار في سوريا، سيستمر.
ولكن الولايات المتحدة تقيم الوضع بشكل مغاير، وهي تخشى أن الهدنة في سوريا التي حققت عن طريق التعاون مع روسيا، ستندثر بعد شهرين. وتنقل عن المعارضين قولهم، إن الحكومة السورية تحشد القوات في الشمال وبالقرب من حلب بالذات التي قتل فيها في الفترة الأخيرة مئات الأشخاص.
لقد أعلن الجانب الأمريكي في الأسبوع الماضي أنه يجري تجميع المدفعية الروسية الثقيلة بالقرب من مكان القتال في حلب. ونوه بأن جبهة النصرة ( فرع القاعدة في سوريا) تنشط في المناطق القريبة من حلب كونها لا تشارك في وقف إطلاق النار. ولكن هناك تتواجد أيضا فصائل معارضة تشارك في الهدنة. ومن المشكوك فيه أن يتمكن الجيش السوري التمييز بدقة إلى أي جهة تنتمي هذه المجموعة المعارضة أو تلك عند ممارسته القصف. ولكن في جميع الأحوال سيعتبر أخذ حلب بالنسبة للنظام بمثابة الانتصار الهام.
وعلى الرغم من إعلان روسيا عن سحب قوتها من سوريا إلا أن التقديرات المختلفة تشير إلى أن التواجد العسكري الروسي الحالي هناك يعادل مستوى خريف عام 2015.
ويرى الخبير في الشؤون السياسية الدولية فلاديمير فرولوف أن السلطات الروسية أعلنت عن الانسحاب لكي يهدأ سكان روسيا.
وقال الكسندر غولتس وهو أستاذ زائر في جامعة أوبسالا (السويد)، أن روسيا أرادت بذلك أن تؤكد أنها لن تنجرف في حرب طويلة وخطيرة في سوريا يمكن أن تتضمن المواجهة العسكرية المباشرة مع تركيا.
وترى الصحيفة الألمانية، أن الرئيس فلاديمير بوتين حقق المكاسب على المدى المتوسط من العملية في سوريا: فالولايات المتحدة من جديد باتت بحاجة إليه وراء طاولة المفاوضات ولم يعد أحد يتحدث عن عزلة دولية لروسيا.
ولكن يبقى غامضا حتى الآن، هل توجد لدى موسكو خطة على المدى الطويل فيما يتعلق بمستقبل سوريا. من المعروف أن موسكو تؤكد خلال المباحثات السلمية أنها غير مستعدة ولا تستطيع دفع الأسد لتقديم تنازلات كبيرة.
ومن الواضح أن الاختلاف في الموقفين الروسي والأمريكي، يظهر عادة عندما يدور الحديث عن مستقبل الأسد.
لقد أعلن الوزير شويغو يوم الأربعاء، أن موسكو تسمع كثيرا من الشركاء الغربيين القول إن “الحرب في سوريا ستنتهي فور رحيل الأسد”. وقال الوزير الروسي:” طبعا يستبعد أن نصدق هذه النوايا الطيبة”. وذكر شويغو بما جرى في العراق وليبيا.
ويعتقد ألكسندر غولتس أن المهم بالنسبة للجانب الروسي ليست شخصية الأسد بحد ذاتها بقدر ما هو مهم، عدم السماح بالإطاحة به نتيجة “ثورة ملونة” كما حدث في جورجيا عام 2003 وفي أوكرانيا عام 2004- في البداية اضطرابات شعبية سلمية يدعمها الغرب وعندما تفشل تتحول إلى صدام مسلح مع السلطة. وقال البروفيسور:” وفقا للمنطق الروسي، إذا نجحت عملية الإطاحة بالأسد، من المحتمل تكرار ذلك في روسيا أيضا”.
لهذا السبب وصف رئيس هيئة الأركان العامة الروسية الجنرال غيراسيموف في كلمته أمام مؤتمر الأمن الدولي في موسكو، ما يجري في سوريا على أنه “ثورة ملونة” تسببت بوقوع الحرب. ولقد خصص لهذا الموضوع حيز كبير من النقاش وخلاله اتفق الجنرالات الروس على أن الثورات الملونة ليست إلا وسيلة انقلاب على السلطة والدولة ولذلك يحق للجيش قمعها.
وأضاف البروفيسور القول، إن بعض المراقبين الغربيين يرون أيضا أن موسكو غير متعلقة بشخص الأسد بالذات وإن بوتين يستخدم ذلك للتحقق من المدى الذي يمكن أن يذهب إليه في سياسته. في حال تمكن من عدم التضحية بالأسد فلن يفعل ذلك. وهذا الأمر يبدو واضحا جدا لوزير الخارجية الأمريكي كيري الذي قال في حديث لصحيفة New York Times:” لن نجلس مكتوفي الأيدي ونسمح لبوتين بدعم النظام وقمع المعارضة ومن ثم القول، ” إنها طريقة ناجعة”. وأضاف كيري القول:” طبعا لن نكون حمقى في مثل هذا الوضع”.