كتب أقل مبيعاً

30 مارس, 2016 - 11:58

إذا كانت الكتب الأكثر مبيعاً في العالم العربي أصبحت معروفة على نطاق شعبي واسع وبلا حاجة إلى إحصاءات من الناشرين، فإن الكتب الأقل مبيعاً هي المسكوت عنها والتي يجري تجاهلها رغم أنها تتعلق بأهم سؤالين في المعرفة وهما سؤال الحرية وسؤال الوجود.
وباستثناء المصادر الدينية الصحيحة، فإن ما يطفو على سطح المكتبة والأرصفة هو سلالة من الكتب المشكوك في جديتها، لأن منها ما يتعلق بالشعوذة.
وقد يباع في العالم العربي من كتاب واحد عن الطبخ أضعاف ما يباع من كتب الجاحظ وطه حسين وسائر المفكرين العرب، وغالباً ما تكتفي الصحافة بتوصيف هذه الظاهرة وإضافة علامات تعجب إليها رغم أن تحليلها قد يؤدي إلى الحد من انتشارها لأن القراءة في النهاية فن ووعي في الانتقاء بقدر ما هي تجنب لما يضيع الجهد والوقت بلا طائل.
ومن يقولون إن السبب في عزوف الناس عن شراء الكتب هو الإنترنت باعتباره منجماً شبه أسطوري يمكن بلوغ كل شيء من خلاله يتناسون أن العالم العربي لم يكن يستهلك غير أربعة آلاف نسخة من أكثر الكتب شهرة، رغم أن الكتاب الورقي كان في تلك المرحلة هو المصدر الوحيد للمعرفة.
فهل هناك دور للإعلانات التي تتعامل مع الكتاب على أنه سلعة؟ بحيث يشاع عن كتاب ما بأنه خارق للمألوف ويجيب على أسئلة القراء كلها؟ أم أن الخلل في جذر الإعداد التربوي والتأهيل لاكتساب عادة القراءة؟
ما نخشاه هو أن تنقلب المعادلة قدر تعلقها بالكتب وتطرد العملة الزائفة العملة الأصلية ولو لبعض الوقت، لأن هناك مؤلفين محترفين قادرين على إنجاز أي كتاب من مئات الصفحات في أسبوع واحد، على طريقة العنعنة ووقع الحافر على الحافر وتوليد الكلام من الكلام.
إن بعض الكتب التي يستهدف أصحابها وناشروها الربح السريع قد تؤدي عكس ما تدعيه، وهو التجهيل لا التثقيف، لأنها تخلق وعياً سالباً وزائفاً أنكى من أي جهل.

خيري منصور