يواصل الجيش السوري تعقب تنظيم "الدولة الاسلامية"، غداة طرده من مدينة تدمر الاثرية، في تقدم ميداني يعد الابرز له ضد الجهاديين، تزامنا مع اعداده لشن هجمات جديدة ضد معاقل التنظيم الرئيسية في البلاد. وقال مصدر عسكري سوري: "يعمل الجيش السوري اولا على تأمين محيط مدينة تدمر خصوصا، وريف حمص الشرقي عموما، وثانيا على القضاء على المسلحين الذين هربوا الى المناطق القريبة من تدمر".
وقال مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن ان "قوات النظام والمسلحين الموالين لها يستعدون لشن هجوم جديد، بدعم جوي روسي، في اتجاه مدينة القريتين الواقعة جنوب غرب تدمر والسخنة شمال شرق تدمر". واشار الى "معارك عنيفة تدور على اطراف مدينة القريتين، حيث يسعى الجيش الى حماية اطراف تدمر، لمنع الجهاديين من العودة اليها".
ووفقا لمصدر عسكري سوري، "ارسل الجيش حشودا الى مدينة القريتين. وبدأت صباح اليوم العملية العسكرية هناك"، مؤكدا ان المدينة "تشكل الوجهة المقبلة للجيش"، غداة سيطرته على تدمر. وقال: "العين حاليا على منطقة السخنة التي انسحب اليها "داعش" من تدمر". لكن "العملية العسكرية لم تبدأ فعليا على الأرض بعد".
ورأى المرصد انه "في حال سيطر الجيش على مدينة السخنة، يمكنه عندئذ التقدم الى مشارف محافظة دير الزور التي يسيطر تنظيم "الدولة الاسلامية" على معظمها. وفي الوقت نفسه، تمكنه سيطرة وحداته على بلدة الكوم الواقعة شمال شرق تدمر، من الوصول الى تخوم محافظة الرقة، ابرز معاقل التنظيم في سوريا".
ويبقى امام الجيش حاليا طرد عناصر التنظيم من بلدة العليانية الواقعة على بعد 60 كيلومترا جنوبا، لاستعادة البادية السورية بالكامل، والتقدم نحو الحدود العراقية التي يخضع الجزء الاكبر منها لسيطرة التنظيم. ويقول توماس بييريه، وهو باحث في شؤون الاسلام المعاصر في سوريا في جامعة ادنبرة: "المؤكد ان تنظيم "الدولة الاسلامية" بات اكثر ضعفا، وسيقاتل مع اصرار اكبر للاحتفاظ بكل من الرقة ابرز معاقله في سوريا، ودير الزور اكبر المدن التي يسيطر عليها في سوريا وبوابته نحو العراق". واضاف: "لم تكن تدمر في المحصلة اكثر من بوابة" عبور.
وغداة طرد الجهاديين منها، بدت تدمر اشبه بمدينة "اشباح"، وخلت من المدنيين الذين فرّ معظمهم في الايام الاخيرة، من جراء الاشتباكات العنيفة بين الجيش ومقاتلي التنظيم، والتي تبدو آثارها واضحة على الابنية والمنازل في الاحياء السكنية.
وعملت وحدات الجيش على تفجير الالغام والعبوات التي خلفها التنظيم وراءه في الاحياء السكنية والمدينة الاثرية في تدمر. وقال مصدر عسكري انه تم تفجير "اكثر من 50 عبوة ولغم منذ الاحد"، في وقت عاودت الطائرات المروحية اليوم حركة الاقلاع والهبوط في مطار تدمر العسكري.
ولم تسلم المدينة الاثرية في تدمر من تداعيات الاشتباكات المستمرة، منذ سيطرة التنظيم المتطرف في ايار الماضي على المدينة، واقدامه بعد أشهر من استيلائه على المدينة على قطع رأس مدير الآثار في المدينة خالد الاسعد (82 عاما). كذلك فجر معبدي بعل شمين وبل، إضافة إلى تدميره عددا من المدافن البرجية في المدينة، قبل ان يحول قوس النصر الشهير حطاما.
لكن المدير العام للآثار والمتاحف السورية مأمون عبد الكريم قال ان "80 في المئة من آثار المدينة بخير. واذا حصلنا على موافقة منظمة "الاونيسكو"، نحتاج الى 5 سنوات لاعادة ترميم الآثار التي تضررت وتعرضت للدمار على يد تنظيم "الدولة الاسلامية".
واكد ان "لدينا موظفين مؤهلين وخبرة ودراسات. ومع موافقة المنظمة، نستطيع مباشرة اعمال الترميم خلال سنة"، مشيرا الى ان "فريقا من زملائي الاختصاصيين وصلوا الى تدمر، وطلبت منهم تقييم (وضع) الحجر والمدينة الاثرية، وهم يصوّرون الاضرار ويوثقون كل شيء. ومن ثم تبدأ مرحلة الترميم".