عرف بحدة طبعه و اتخاذه للقرارات السياسية الغريبة والدفاع عن كل تقلباته بحماس
توفي رئيس حزب المؤتمر الشعبي السوداني الدكتور حسن الترابي (84 عاماً)، صباح السبت، إثر إصابته بذبحة قلبية في السودان.
وأكد مصدر طبي لوكالة "فرانس برس" أن الترابي نقل إلى "قسم العناية المركزة صباح السبت، إثر إصابته بذبحة قلبية توفي على أثرها" في مستشفى "رويال كير" في الخرطوم.
وقد ولد عام 1932 في كسلا. ودرس الترابي الحقوق في جامعة الخرطوم منذ عام 1951 حتى 1955، وحصل على الماجستير من جامعة أكسفورد عام 1957، وحصل على دكتوراة الدولة من جامعة سوربون، باريس عام 1964. كما يتقن أربع لغات بفصاحة وهي العربية، والإنجليزية، والفرنسية، والألمانية.
كان الترابي أستاذاً في جامعة الخرطوم ثم عين عميداً لكلية الحقوق بها، ثم وزيراً للعدل في السودان. في عام 1988 عين وزيراً للخارجية السودانية. كما اختير رئيساً للبرلمان في السودان عام 1996. واختير أميناً عاماً للمؤتمر الوطني الحاكم 1998.
نشب خلاف بينه وبين الرئيس السوداني عمر البشير تطور حتى وقع انشقاق في كيان النظام 1999، فخلع الترابي من مناصبه الرسمية والحزبية، وأسس عام 2001 "المؤتمر الشعبي".
حسن الترابي.. طباع حادة وقرارات غريبية
عرف الدكتور حسن الترابي بحدة طبعه، واتخاذه للقرارات السياسية الغريبة، والدفاع عن كل تقلباته الفكرية والسياسية بالحماس نفسه، عندما صالح نظام النميري، قال إنه يضحي لنفسه لأجل التنظيم. وحينما كان في الحكم دعا الشباب إلى "الجهاد" في الجنوب قائلاً إنهم يذودون عن الإسلام، وبعد خروجه من السلطة بأسبوع، صرّح بأن كل من مات في الجنوب، إنما هو "فطيسة"، وزاد: "من أراد أن يموت لأجل برميل بترول فليذهب".
انفض أغلب تلامذته عنه حين خلافه مع الرئيس السوداني، ويعزو كثيرون ذلك لما اشتهر به الرجل، في أوساط مناصريه، بحدة الطبع، وقسوة اللسان، فكان يصف صفوة تلاميذه، بأوصافهم الخلقية الشاذة، كالتمتمة وغيرها، ويطلق في نوبات غضبه الألقاب الدقيقة ذات الوقع المؤذي، ويعيرهم بمهن جدودهم، وغيره.
في الإطار الفكري، وضمن منظومته التي حاول تطويرها، اشتهر بآراء شاذة، استحوذت على نقاش الرأي العام، مثل إمامة المرأة، وزواج المسلمة من الكتابي، ونسب إليه البعض إعادة تفسيره لمعنى الحجاب، الذي قال إنّه "ستارة"، وردّ عليه كثيرون حديثه عن استواء عدالة الصحابة، وإنكار عذاب القبر، الذي قال إنه لا يستقيم عقلاً لأن الجسد يتكون من 70% من الماء فلا مجال لعذابٍ يحسه، وانتشر عنه الرأي بأن البيعة الشرعية إنما هي لله وليست لحاكم، وأن الأمر لا يتولاه فرد بل أولي أمر، هم أمراء. يفسر المراقبون آراؤه الدينية بالمجال السياسي الذي يعمل فيه وتنعكس الآثار عليه.
اشتهر، هو وتلميذه راشد الغنوشي، بالتقارب مع أفكار الخميني، وحرصهم على إنشاء رابطة عامة، فيها. فيصرح بأنّه وحركته يتجاوزان التصنيفات التاريخية، فلا يعترفان بمسميات "سنة" و"شيعة". حرص على تعميد صلاةٍ قويّة مع نظام الخميني، منذ مطلع الثمانينات. وفي فترة نفوذه في التسعينيات، جمع كل الحركات الإسلامية في مؤتمر أسماه "المؤتمر الشعبي الإسلامي"، وجد فيه رجل الدين اليمني عبد المجيد الزنداني، والأب الروحي للإخوان يوسف القرضاوي، وحتى عناصر شُكلت منها في وقت لاحق القاعدة، واستضاف أسامة بن لادن، وكل الإسلاميين المطرودين من قبل حكوماتهم آنذاك.
مسيرة الترابي الطويلة، هي عطاء من التمرّد، فبالرغم من دوره الكبير، في إلهام الإخوان المسلمين، إلا أنّه يرى نفسه أكبر من الانتماء إليهم، ويحرص على تقديم نموذجه كتطور بعيد، ربما لا يصلون إليه. فهو صنع سلطة، ودمج المسيحي، واستغلال عطاء المرأة السياسي، والشباب.
ليست هذه المرة الأولى التي يغمى على الترابي، فقد تكرر الأمر، منذ التسعينيات، ويقول مقربون منه، إنها جراء الاجهاد، ويستشهدون بنقص مفاجئ في السكري، أصابه قبل ندوة في 2010، وفقد وعيه على إثرها. علمًا بأنه يمتاز بنظام صحي دقيق، يحتوي على تمارين اعتادها منذ سجنه الأول، في عهد الرئيس النميري. ويكرر كثيرون تأثره بآثار الاعتداء أو محاولة الاغتيال التي تعرّض لها في مطلع التسعينيات على يدي بطل الكاراتيه السوداني هاشم بدر الدين، الأمر الذي ينفيه بحسم المقربون منه.
العربية نت