رئيس مجلس النواب المغربي ؛وعلى مؤسستينا التشريعيتين أن تواكبا المشاريع الحكومية، ومبادرات القطاع الخاص في البلدين وتشجيع الاستثمارات المشتركة (نص الكلمة

10 مايو, 2025 - 13:14

كلمة السيد راشيد الطالبي العلمي رئيس مجلس النواب في افتتاح الدورة الأولى للمنتدى البرلماني الاقتصادي  الموريتاني المغربي

السيد الرئيس والأخ العزيز،

الســادة الوزراء،

السيـدات والسادة النواب،

السيد سفير صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله

السيـدات والسادة،

 

تغمرني سعادة خاصة، وأنا أفتتح معكم، إلى جانب أخي وزميلي العزيز

محمد بمب مكت رئيس الجمعية الوطنية بالجمهورية الإسلامية الموريتانية،

وعلى أرضها الطيبة، أشغال الدورة الأولى للمنتدى البرلماني الاقتصادي الموريتاني المغربي لندشن بذلك مرحلة جديدة في علاقاتنا الأخوية التي تتجاوز المنافع والمصالح إلى روابط الأخوة والدّم، التي جمعت دائما عبر التاريخ وتجمع اليوم، الشعبين الشقيقين المغربي والموريتاني.

 

وأود في البداية أن أشكركم، الأخ الرئيس، على حفاوة الاستقبالِ وكرم الضيافة وعلى ما تحيطون به هذه الدورة من عناية خاصة، حتى تُحَقِّقَ النتائجَ المُتَوَخَّاةْ منها، وتكونَ مردوديتُها كبيرةً بالنسبة لبلدينا.

 

لقد أَحْسَنّا معًا بأنْ مَنَحْنَا لهذا المنتدى محتوى اقتصاديا، وأحسنتم أكثر باقتراحكم لقضايا الزراعة، وتربية الماشية، والصيد البحري، والتكوين وإعداد المهارات البشرية لتكون موضوع هذه الدورة، بمشاركة وزراء وخبراء وممثلين للقطاع الخاص بالبلدين.

 

فإذا كانت علاقات بلدينا على المستوى السياسي، كما يرعاها صاحب الجلالة الملك محمد السادس وفخامة الرئيس محمد ولد الغزواني، هي نموذج لعلاقات بلدين شقيقين جارين، وإذا كانت الروابط البشرية والثقافية، التي يختلط فيها الدمُ والقِيم والتقاليد، تُيسِّر تواصلا وديا بين الشعبين الشقيقين، فإن علاقاتنا على المستوى الاقتصادي والتقني والخدماتي، لا تزال دون الطموحات المشتركة ودون الإمكانيات الهائلة المتوفرة في كلا البلدين.

 

إن الأمر يتعلق برافعاتٍ وثوابت نحنُ مَدْعُوُّون، معاً، إلى استثمارها من أجل رفع التحديات العديدة والكبرى التي تواجهنا، وربح الرهانات وتحقيق التطلعات التي يطمح إليها الشعبان الموريتاني والمغربي.

 

لاَ أُريد أن أستعرض مجمل هذه التحديات التي تُواجهنا معاً، ولكن التذكير بعناوينها الكبرى، سيكون مفيدًا في التحفيز على صياغة الأجوبة المشتركة الملموسة، العملية والناجعة، لِرفعها.

 

فموريتانيا، كما المغرب، اللذان ينعمان بالاستقرار يُوجَدَان في مواجهةِ محيط جيوسياسي مضطرب في عدد من السياقات. ويوجد بَلَدَانا في مواجهة آفة الجفاف والتصحر الناجم خاصة، عن الاختلالات المناخية، مع ما ينجم عن ذلك من فقدان لمناصب الشغل ومصادر الدخل وهجرات داخلية، في وقت يُواجهان هجرةً ونزوحا من مناطق أخرى من العالم، يُدَبِّرانها بمسؤولية وبوازع حقوقي وإنساني يليق بتقاليد الاستقبال والعيش المشترك التي تميز شعبي البلدين.

 

وليست هذه التحديات قَدَرا لا رادَّ له. فبالتصميمِ والشراكةِ الصادقة والتعاون المكثف، يمكن للجمهورية الإسلامية الموريتانية والمملكة المغربية أن يَكْتُبَا سَوِيًّا قصةَ نجاحٍ، وازدهارٍ، وتنميةٍ شاملة قَلَّمَا تُتَاحُ إمكانياتُها لبلديْنِ جارَيْنِ.

 

وبالتأكيد، فإن العديد من العوامل تُيَسّرُ هذا الهدف المشترك. فاقْتصادا البلدين يتكاملان في العديد من الأوجه، ومن حيث المواردُ التي يتوفران عليها. وقد حَبَاهُمَا اللهُ موقعًا استراتيجيًّا مَفْصليًّا مفتوحًا على البحر والمحيط بشريط ساحلي طوله أكثر من 4200 كلم، يشكل مجالا لإقامة مشاريع استراتيجية في مجال السياحة والتجهيزات الأساسية والخدمات، فضلا عما يختزنه عمقهما البحري من خيرات منجمية وموارد سمكية. ويتيح هذا الموقع للبلدين إمكانيات تَحَوُّلِهِمَا إلى قاعدتين للتجارة الدولية، ليس فقط بين إفريقيا وأروبا، ولكن في اتجاه الأمريكيَّتَيْن.

 

ويتوفر كِلاَ البلدين على هَرَمَيْنِ سُكانيَّيْنِ شابَّيْنِ وموارد بشرية هائلة، يمكن  بتكوينها وتأطيرها، أن تشكل ثروة حاسمة من أجل النهضة، وتحويل اليأس الذي يتسرب إلى بعض فئات الشباب إلى طموح، وحماسة، وإسهامٍ في البناء.

 

وقد أحسنتم، السيد الرئيس، باقتراح قطاع التكوين أحد محاور هذه الدورة. وفيما يُطْرَحُ الأمن الغذائي كتحدٍّ دولي، الآن وفي المستقبل، تتوفر موريتانيا والمغرب على إمكانيات هائلة لتوسيع وتكثيف وتنويع قطاعات الزراعة وتربية الماشية والصناعات السمكية مُسْتَنِدَيْن في ذلك إلى تقاليد عريقة وثقافة غنية في هذا المجال.

 

معالي الرئيس،

 

        إذا كان السادة الوزراء والخبراء سيتناولون بالتفصيل إمكانيات التعاون الاقتصادي والتقني، فإنه لابد من الإشارة إلى رافعات أخرى أساسية تيسر تعاوننا. وفي سياق دولي، غامض، متحول، ومتوتر في عدد من المناطق والسياقات، تُعْتَبَرُ العلاقات بين بلدينا نموذجا لعلاقات الأخوة وحسن الجوار، أساسها الثقة المتبادلة المكفولة بالإرادة السياسية لقائدي البلدين، والتفاهم والتناغم في الثقافة والقيم والمزاج العام، بين الشعبين، وما يميزهما من تسامح واعتدال وتضامن وثقافة المبادرة ومواجهة الصعوبات.

 

معالي الرئيس،

السيـدات والسادة،

 

يشكل عمقنا الإفريقي المشترك مجالا فريدًا للشراكة المبنية على منطق  رابح-رابح، ولتطوير الأعمال والمبادلات، لأننا، كما أسلفت، نُشَكِّلُ حلقةً أساسية بين ثلاث عوالم : إفريقيا وأروبا والعالم العربي، ومنه إلى آسيا، وأُورَاسْيَا.

 

 وكما أكدنا على ذلك في إطار القمة البرلمانية للبلدان الإفريقية الأطلسية يوم 6 فبراير الماضي بالرباط، بمشاركتكم القيمة والحاسمة، الأخ الرئيس، فإن مسلسل الدول الإفريقية الأطلسية الذي بادر إلى اقتراحه صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، يعتبر مبادرة جد طموحة ورافدا مهيكلا للاندماج القاري الإفريقي. وإن مما يزيد من أهميته تكامُلُه مع مبادرة تمكين بلدان الساحل الافريقية التي اقترحها جلالته لفك العزلة عن بلدان إفريقية شقيقة لا تتوفر على منافذ إلى البحر.

 

        وبالتأكيد، فإن موريتانيا والمغرب مرشحان لأن يلعبا أدوارا حاسمة في هذين المشروعين اللذين يكتسبان بُعداً استراتيجيا دوليا.

 

        وما من شك في أن ما يتوفر عليه البَلَدَان من تجهيزات أساسية صاعدة، تشكل روافد للربط القاري والدولي تعزز مثل هذين المشروعين الطموحين. وبمنطق المصالح، وبمنطق الاستراتيجيا والتموقع العالمي، فإن ذلك لن يكون إلا في صالح بَلَدَيْنَا وشعبيْنا والشعوب الإفريقية.

 

معالي الرئيس،

 

        علينا أن نسعى إلى تحويل النذرة والتحديات الجاثمة أمامنا إلى فرص ومشاريع مشتركة. وعلى مؤسستينا التشريعيتين أن تواكبا المشاريع الحكومية، ومبادرات القطاع الخاص في البلدين وتشجيع الاستثمارات المشتركة قصد ربح رهان الصعود والنهضة معاً وسويًّا، وفق رؤية قائِدَيْ البلدين صاحب الجلالة الملك محمد السادس وفخامة الرئيس محمد ولد الغزواني.

 

        أجدد لكم، السيد الرئيس، باسم أعضاء الوفد المغربي، شكريَ الوَافِرَ على حسن الاستقبال وكرم الضيافة، وعلى ما أحَطْتُمْ به في هذه الدورة من عنايةٍ خاصة، عربونَ الأخوةٍ والمودة الصادقة.