![](https://mithak.com/sites/default/files/FB_IMG_1738077723505.jpg)
يحكى عن الإداري الفرنسي، في ظل الاستعمار الفرنسي لموريتانيا، غابريال فيرال أنه ذات يوم قائظ كان يقيل في تقادت أهل المختار ، فإذا بخيّال موريتاني ( goumier) من المعاونين له يسرع نحوه على جمل، فلما وصل إليه بادره فيرال: خيرا؟ فقال الخيال هناك شجار عند أحد الآبار في المنطقة. فقال الفيرال بين من و من ؟ فقال له بين الفلانيين و مسومه. فقال الفيرال أنخ جملك و تعال للغداء، فشجار مع مسومه لا يحصل فيه الشر. فلما أكملا مقيلهما توجه الفيرال و موكبه نحو البئر، فوجدوا شيوخ مسومه قد حلوا المشكلة بالحسنى!
صحيح أن الاعتداء الجسدي على شخص انتقاما من أفكاره أو اتهامات أو حقائق... أمر شائن مشين! لكن اللوم و المسؤولية، كلا و بعضا، تقع على عاتق الحكومة التي تعطل القانون و لا تهتم بشكاوي الناس و لا تعني لها مظالم المواطنين من بعضهم بعضا و لا من أعوان الدولة أي شيء... فهي مظالم مهملة قضائيا. ضف أن أن القبيلة تحل محل الدولة و محل القضاء. فمثلما طويت صفحة ولد ودادي و أسرة أهل آياه بتفاهمات قبلية دون أن يعرف الموريتانيون، كمواطنين، أي الفريقين ظلم الآخر، فقد خرجت الأطراف منتصرة جميعا على إيقاع اتهيدين الفنانين للأسرتين، و للقبيلتين! كذلك، سيلتئم شيوخ إدوعلي و مسومه اليوم أو غدا و يسوون المشكلة دون أن يعرف الموريتانيون ، كمواطني دولة، من ظلم من؟... و هكذا ستتكرر هذه الصفعات و هذه الدماء بين أفراد من قبائل أخرى، ليجد شيوخها المناسبة الذهبية لتأكيد قوة القبيلة و هوان و سراب الدولة! يبقى أن إسالة الدماء في منطقة الأنف و الفم لا تعبر عن قوة ... فهي منطقة بها أوعية دموية حساسة و شفيفة تسيل لأبسط تخريش... لكنها لا تحل المشاكل، فهي متاحة لمن له رأس و قبضة يد... أما المصفوع حقا هو الدولة و القانون و القيم الثقافية الحضارية في بلد مميع تائه!