يد الغزواني الممدودة… إلى أين ستصل ؟ الاعلامي البارز خالد بن ققه

5 يوليو, 2024 - 18:44

سأواصل سياسة اليد الممدودة والتهدئة والتشاور والحوار"

أسفرت نتائج الانتخابات الرئاسية في موريتانيا الأحد الماضي (30 يونيو) عن فوز محمد ولد الشيخ الغزواني بولاية ثانية، وذلك طبقاً لما أفادت به اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات، في انتظار اعتماد النتائج من المجلس الدستوري بشكل نهائي.

سأواصل سياسة اليد الممدودة والتهدئة والتشاور والحوار

في تفاصيل تلك النتائج على مستوى النّسب التي تم الحصول عليها من طرف المرشحين الثلاثة الأوائل ــ من سبعة مرشحين ــ وما يقابلها من عدد أصوات الناخبين، نجد أن الغزواني حصل على نسبة 56.12% (بمجموع أصوات بلغ (554,956 صوتاً)، وجاء في المركز الثاني بيرام الداه اعبيدي الذي حصل على 22.10% من الأصوات، أي ما يعادل 218,546 صوتاً، وحل في المركز الثالث رئيس حزب” التجمع الوطني للإصلاح والتنمية” (تواصل)، ” حمادي سيدي المختار”، بنسبة 12.76% من الأصوات، وهو ما يعادل 126,187 صوتاً.
وبالقراءة الأولية لتك النتائج، نجد أن هذه الانتخابات مقارنة بانتخابات عام 2019، قد أوضحت زيادة في القبول الشعبي ـ بغض النظر عن نسبة المشاركة للغزواني حيث حصل 56،12%، في حين حصل في 2019 على 52%، أي بزيادة بلغت أكثر من 4%، وكذلك الحال بالنسبة لمرشح المعارضة اعبيدي أيضاً، الذي حصل في الانتخابات الماضية على 18%، أي بزيادة أكثر من 4%.
أما بالنسبة لمرشح “تواصل” حمادي سيدي مختار”، فقد حقق نجاحاً بوجوده في المرتبة الثالثة، وهي نفسها التي حصل عليها سيدي محمد ولد بوبكر، الذي ترشح في انتخابات عام 2019 مدعوماً من حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية “تواصل”، لكن هذا الأخير تراجع من ناحية الأصوات التي حصدها بنسبة فاقت 4% مقارنة بالانتخابات الرئاسية الماضية التي حصل فيها على 17%.
وإذا أخذنا بنتائج الانتخابات الرئاسية الراهنة لتحليل الخريطة السياسية في موريتانيا، فستظهر لنا ثلاث قوى فاعلة، انطلاقاً من الثلاثة الأوائل الفائزين في الانتخابات، مع توضيح أن لا وجه للمقارنة بين النسبة والنتيجة التي حصل عليهما الغزواني، وتلك لكل من اعبيدي وولد المختار.
القوى الثلاث الفاعلة على الساحة الموريتانية تُخْتصر في ثلاثة أطراف، أولها: الدولة ممثلة في السلطة، والتي يقودها في الوقت الراهن وفي المستقبل أيضاً محمد ولد الشيخ الغزواني، وقد جسدها على نطاق واسع في فترة رئاسته الأولى، حيث توفير الاطمئنان، والحفاظ على علاقات متميزة وحيادية مع دول الجوار، ومحاربة الفساد، والدعم النسبي للشباب.
الطرف الثاني المعارضة بقيادة بيرام الداه اعبيدي، الذي يسعى لتشكيل حزب، وهو المدافع عن حقوق الإنسان في موريتانيا، ورئيس مبادرة المقاومة من أجل الانعتاق التي اشتهرت من خلال دفاعها عن قضايا العبودية، ويقوم فعله وخطابه السياسي على انهاء تركة الماضي بأثر رجعي، وهذ يشترك معه فيه الغزواني، وإن كان هذا الأخير لا ينظر إليها باعتبارها القضية الوحيدة، التي تركز عليها الدولة اهتمامها.
الطرف الثالث: حزب “تواصل” ذو التوجهات الإخوانية، والذي يسمح له بالنشاط لكن ينظر إليه بحذر شديد في سياق ما يحدث في دول الساحل من حضور وفعالية لأحزاب التيار الإسلامية، خاصة المتشددة والمتطرفة، التي اختارت للجوء إلى العنف.

 الأطراف الثلاثة أسْهمت في إنجاح الانتخابات كما ذكر الغزواني، وذلك من خلال التنافس الإيجابي الذي جعل الحملة الانتخابية تتسم بالهدوء، متجاوزا ما ارتكبه البعض من عنف عند إعلان النتائج، ومنتهياً إلى أن “الانتصار الحقيقي هو الشعب الموريتاني الذي برهن على وعيه، ونضج نظامه الديمقراطي”.
وبناء على ذلك انتهى الغزواني إلى القول:” سأواصل سياسة اليد الممدودة والتهدئة والتشاور والحوار مع كافة الفرقاء السياسيين”، وهنا يطرح السؤال الآتي: إلى أين ستصل يد الغزواني الممدودة؟
بالمعنى الإيجابي للدولة سيواصل الغزواني مدّ يده نحو تحقيق وعود توجه بها لكل الشعب الموريتاني سواء بتكملة منجزات بدأها في فترة رئاسته الأولى، أو بتحقيق أخرى جديدة طرحها في برنامجه الانتخابي، أما بالمعنى السلبي ـ وهو ما تخشاه المعارضة ـ فهو تحكم الغزواني في الإرث التاريخي والاجتماعي للدولة والشعب، وجعل الدين ملكاً للدولة وليس للأحزاب الدينية، مما قد يساعد موريتانيا على تصفية تركة التعصب العرقي، ويجعل من الدين جامعاً لكل الموريتانيين كما كان في عهود سابقة، فإن طالت يده الممدودة ذلك، أو مُدِّت وتمّت مصافحتها من الأطراف الأخرى، فقد يكون في ذلك نجاحاً لموريتانيا، ولدول الجوار والمحيط، وللعرب أيضاً.

المصدر :الصدى

 

خالد عمر بن ققه / كاتب وصحفي جزائري مقيم في دولة الامارات العربية المتحدة