شهد العالم على مر التايخ اكتشافات مهمةً وحاسمة أسهمت في تغيير نمط الحياة على ظهر البسيطة، وتركت أثراً لا يمحى في حياة البشر ، وتظهر تلك الاكتشافات أحيانا بمثابة إلهام الهي.
وما تشهده مدينة طوبى في مجال التعليم القرآني للصم يمكن إدراجه في هذا الاطار باعتباره اكتشافا لم يسبق له مثيل على حد علمنا . إنه اكتشاف لا يقل قيمة من ابتكار طريقة البراي التي تسمح للمكفوفين بالكتابة والقراءة.
فقد توصل أحد مدرسي القرآن في طوبى إلى ابتكار طريقة لتدريس الصم البكم القرآن الكريم حتى يحفظوه حفظا جيداً ويكتبوه عن ظهر القلب. فالمدرس هو الشيخ حمدي مصطفى جوب الذي أصيب ولده حبيب جوب بهذا الإعاقة ولما بلغ سن التعلم 2003 بذل جهداً كبير في البحث عن طريقة تمكنه من تعلم القرآن وحفظه
حتى نجح في تحفيظه القرآن، وفي تدريبه على تدريس الاطفال الآخرين المصابين بالاعاقة نفسها.
وهكذا شرع الولد المصاب لداعاقة الصم والبكم الحافظ للقرآن في تنفيذ الطريقة نفسها بشكل ناجح، وبدأ الاولياء يرسلون أطفالهم الذين أصيبو بالصمم والبكم إلى المدرسة، ليدرسوا القرآن الكريم ويحفظونه
وبحمد الله تمكن عدد كثير من حفظ القرآن الكريم ، ويبلغ عدد الاطفال المعاقين في المدرسة حاليا 43 منهم 10 من الذكور و33 من الإناث.
وتجدر الإشارة ان هذا الاكتشاف إنجاز تاريخي في مجال البيداغوجيا والتربية الخاصة يستحق الدراسة والتوسيع على مستوى العالم الاسلامي. فإذا كان القسيس الفرنسي الاب دي لوبي Abée de l’Epee المتوفى سنة 1789م – صاحب الفضل في انتشار منهج تدريس الصم بلغة الإشارة- مشهوراً عالميا بطريقته، فإن نجاحه يعود إلى عدة عوامل من بينها اعتراف الدولة بطريقته وتمكينه من نشر مؤسساته وخبراته المعرفيةفي بعض المدن الفرنسية،
ثم اعتماد منهجه الدراسي من قبل دول أخرى. غي العالم
ولا شك أن طريقة الشيخ حمدي في تحفيظ القرآن للصم ليست أقل قيمة بالنسبة للمسلمين من طريقة دي لوبي.
وفي نظري، يجب على السلطات التربوية لمدينة طوبى وللسنغال عموما والعالم الاسلامي أن تعتني بهذه التجربة الفريدة وتحميها وترعاها لتكون تجربة سنغالية تُصدر إلى العالم أجمع ليستفيد منها المسلمون في كل مكان.
و يتعين دارسة التجربة وتوثيقها حتى تكون طريقة بيداغوحية ديداكتيكية معترفا بها دوليا، من خلال دراستها دراسة علمية، ووضع إطار تنظيمي وقانوني لها، وإعداد دليل مفصل لها حتى يتسنى تكْوِينُ مدرسين آخرين عارفين بمناهجها.
ومن المهم في هذه المرحلة الأولى مدُّ يد العون إلى صاحب التجربة ببناء معهد خاص لهؤلاء الأطفال وتزويده بكل ما يحتاجون إليه من أجهزة المراقبة والأدوات الصحية والوسائل البيدغوجية المعينة، مع بناء سكن مناسب لهم .
فهذه مسؤولية الدولة في المقام الأول ومسؤولية المسلمين أجمعين، فليس هناك ما هو أكثر اهمية من رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة وتوفير فرص التعلم والاندماج في المجتمع، ودراسة كتاب الله تعالى للمسلم هي الأساس في تكوين شخصيته وجعله مواطنا صالحا.
د. سام بوسو عبد الرحمن