عممت الرئاسة البريطانية لمجلس الأمن يوم الجمعة الماضي الفتوى الصادرة عن مكتب المستشار القانوني للاتحاد الإفريقي بشأن استغلال ثروات الصحراء الغربية من طرف المحتل المغربي ودول أجنبية.
وكان المندوب الدائم لجمهورية زمبابوي، ممثل الرئيس الحالي للاتحاد الأفريقي “فريدريك موسيوا ماكامور شافا”؛ قد سلم رئيس مجلس الأمن السفير البريطاني “ماثيو ريكروفت” نص الرأي القانوني الصادر عن الاتحاد الإفريقي.
وأكدت الأمم المتحدة أن نص الفتوى أصبح وثيقة رسمية من وثائق مجلس الأمن باعتبارها وثيقة تخص النزاع في الصحراء الغربية.
واعتمدت الوثيقة بنصها التالي :
فتوى بشأن شرعية الإجراءات التي قيل إنها اتُّخذت من قبل السلطات المغربية أو أي دولة أخرى أو مجموعة من الدول أو شركات أجنبية أو أي كيان آخر للتنقيب عن الموارد الطبيعية المتجددة وغير المتجددة و/أو استغلالها أو القيام بأي نشاط اقتصادي آخر في الصحراء الغربية، وذلك في سياق القانون الدولي، ولا سيما قرارات الأمم المتحدة ومقررات منظمة الوحدة الأفريقية/الاتحاد الأفريقي ذات الصلة
ألف – مقدمة
1 – طلبت حكومة الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية، بواسطة رسالة مؤرخة 25 شباط/فبراير 2015 موجهة إلى رئيسة المفوضية، نكوسازانا دلاميني زوما، فتوى من مكتب المستشار القانوني بشأن ”عدم شرعية استغلال الموارد الطبيعية للصحراء الغربية من قبل المملكة المغربية، السلطة القائمة بالاحتلال، وأي كيان آخر أو شركة أو مجموعة أخرى“. وهذه المسألة، بالصيغة التي عُرضت بها، تفترض بشكل مسبق عدم شرعية استغلال الموارد الطبيعية من قبل المملكة المغربية.
2 – إلا أن البعثة الدائمة للجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية عدّلت، في مذكرة شفوية مؤرخة 3 نيسان/أبريل 2015( )، هذه المسألة لتصبح ”شرعية الإجراءات التي قيل إنها اتُّخذت من قبل السلطات المغربية أو أي دولة أخرى أو مجموعة من الدول أو شركات أجنبية أو أي كيان آخر والمتمثلة في التنقيب عن الموارد الطبيعية المتجددة وغير المتجددة و/أو استغلالها أو القيام بأي أنشطة اقتصادية أخرى في الصحراء الغربية، وذلك في سياق القانون الدولي، ولا سيما قرارات الأمم المتحدة ومقررات منظمة الوحدة الأفريقية/الاتحاد الأفريقي ذات الصلة“.
3 – وتجدر الإشارة إلى أن وكيل الأمين العام للشؤون القانونية، المستشار القانوني للأمم المتحدة، قدم، في شباط/فبراير 2002، فتوى إلى مجلس الأمن بشأن مسألة مماثلة تقريبا هي ”شرعية الإجراءات التي قيل إن السلطات المغربية اتخذتها والمتمثلة في عرض عقود على شركات أجنبية وتوقيعها معها للتنقيب عن الموارد المعدنية في الصحراء الغربية، وذلك في سياق القانون الدولي، بما في ذلك القرارات ذات الصلة لمجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة، والاتفاقات المتعلقة بالصحراء الغربية“( ).
4 – وبما أن المسائل المتصلة بالجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية متعددة الأبعاد، سيقتصر مكتب المستشار القانوني، لأغراض هذه الفتوى، على المسألة بصيغتها الواردة في المذكرة الشفوية المؤرخة 3 نيسان/أبريل 2015 الموجهة من البعثة الدائمة للجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية.
باء – بيان الوقائع( )
5 – أصبح إقليم الصحراء الغربية مستعمرة إسبانية في عام 1884. وخلال الفترة التي كان فيها الإقليم مستعمرة إسبانية، كان يُعرف باسم الصحراء الإسبانية.
6 – ويحد الإقليمَ المغرب شمالا وموريتانيا جنوبا وشرقا والجزائر شرقا والمحيط الأطلسي غربا.
7 – وفي عام 1963، أدرجت الصحراء الغربية في قائمة الأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي بموجب المادة 73 من ميثاق الأمم المتحدة، وكانت إسبانيا هي السلطة القائمة بالإدارة( ). وطالبت الجمعية العامة إسبانيا باتخاذ خطوات فورية لضمان ممارسة شعب الصحراء الغربية للحق في تقرير مصيره. وشدد هذا الطلب على الحق في إجراء استفتاء بشأن تقرير المصير بموجب قرار الجمعية العامة 1514 (د-15) المؤرخ 14 كانون الأول/ديسمبر 1960، وظلت الجمعية العامة تؤكد دائما أن لشعب الصحراء الغربية الحق في تقرير مصيره.
8 – وأصدرت محكمة العدل الدولية، في 16 أكتوبر 1975، فتوى بشأن مركز الصحراء الغربية، بناء على طلب من الجمعية العامة. ورفضت المحكمة، في تلك الفتوى، مطالبتيْ المغرب وموريتانيا بالسيادة على الإقليم. وبعد أن أصدرت محكمة العدل الدولية فتواها، أبرمت إسبانيا اتفاقا سريا مع المغرب وموريتانيا (اتفاقات مدريد) مفاده الإذن بانسحاب إسبانيا من إقليم الصحراء الغربية والسماح للمغرب وموريتانيا باحتلاله.
9 – وفي 31 تشرين الأول/أكتوبر 1975، غزا المغرب الصحراء الغربية بحجة المطالبة بالإقليم، بالرغم من فتوى محكمة العدل الدولية بشأن هذه المسألة، التي تنص بوضوح على عدم وجود روابط قانونية بين المغرب أو موريتانيا والصحراء الغربية. وردا على تلك الفتوى، أمر الملك الحسن الثاني، عاهل المغرب، في تشرين الثاني/نوفمبر 1975 ”بمسيرة خضراء“ إلى الصحراء الغربية ضمت أكثر من 000 350 مغربي، في تجاهل لدعوة رسمية من مجلس الأمن إلى وضع حد فوري للمسيرة المعلن عنها إلى الصحراء الغربية( ).
10 – ونتيجة للضغط الذي فُرض، تفاوضت إسبانيا على تسوية سرية مع المغرب وموريتانيا في 14 تشرين الثاني/نوفمبر 1975، في إطار اتفاق مدريد الثلاثي، أفضت إلى انسحاب إسبانيا في 26 شباط/فبراير 1976 مما كان يسمى آنذاك الصحراء الإسبانية.
11 – وانسحبت إسبانيا بعد أن أخطرت الأمين العام للأمم المتحدة. وأعقب ذلك مباشرة إعلان من جانب واحد صادر عن جبهة البوليساريو في 27 شباط/فبراير 1976 عن قيام الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية، لتملأ الفراغ القانوني والإداري الذي خلقته إسبانيا بشكل انفرادي عندما انسحبت من مستعمرتها دون إتمام عملية إنهاء الاستعمار التي عهدت لها الأمم المتحدة بها.
12 – وقبل انسحاب إسبانيا بوصفها السلطة القائمة بالإدارة، كانت الجمعية العامة قد طالبتها باتخاذ خطوات فورية لضمان ممارسة شعب الصحراء الغربية لحقه في تقرير المصير( ).
13 – وفي أعقاب اتفاق مدريد، غزت قوات مسلحة مغربية وموريتانية الصحراء الغربية. وأدى هذا الغزو إلى حرب شنتها القوات المغربية والموريتانية على جبهة البوليساريو. وجبهة البوليساريو هي حركة تحرير تحارب من أجل استقلال الصحراء الغربية. وفي عام 1979، سحبت موريتانيا قواتها وتخلت عن مطالباتها بالسيادة. وقررت موريتانيا أيضا الاعتراف بالجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية بوصفها السلطة الشرعية في الصحراء الغربية( ). واستمرت الحرب بين المغرب وجبهة البوليساريو حتى وصلت إلى طريق مسدود في عام 1988. وفي وقت لاحق من ذلك العام، أقنعت الأمم المتحدة ومنظمة الوحدة الأفريقية الطرفين بأن يوافقا على وقف لإطلاق النار وخطة للتسوية يتعين بموجبها أن تسوى مسألة السيادة على إقليم الصحراء الغربية عن طريق استفتاء.
14 – وتوقفت الحرب في عام 1991، وأنشئت بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية بموجب قرار مجلس الأمن 690 (1991) المؤرخ 29 نيسان/أبريل 1991. وكان من المقرر أن يجرى الاستفتاء في غضون 6 أشهر، وأن يختار الشعب الصحراوي بين الاستقلال أو الاندماج مع المغرب. ولم يُجر الاستفتاء حتى الآن.
جيم – مركز الصحراء الغربية والجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية
1 – الاتحاد الأفريقي
15 – أصبحت الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية( ) دولة عضوا في منظمة الوحدة الأفريقية في عام 1982. وتجدر الإشارة إلى أن العضوية كانت مفتوحة أمام أي دولة أفريقية مستقلة ذات سيادة( ). وكان قبول الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية عضوا في المنظمة في عام 1982 يعني اعتراف أكثر من نصف دولها الأعضاء بالصحراء الغربية كدولة أفريقية مستقلة وذات سيادة( ). وتجدر الإشارة أيضا إلى أن من مقاصد المنظمة القضاء على جميع أشكال الاستعمار في أفريقيا( ). وبناء عليه، فإن الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية هي من مؤسسي وأعضاء الاتحاد الأفريقي، المنظمة التي خلفت منظمة الوحدة الأفريقية.
16 – وعلى الرغم من عضوية الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية في كل من منظمة الوحدة الأفريقية والاتحاد الأفريقي، هناك اعتراف بأن شعب الصحراء الغربية ليس متحررا بالكامل. فالجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية لا تسيطر إلا على جزء من الصحراء الغربية( ). ولهذا الغرض، بذل كل من منظمة الوحدة الأفريقية والاتحاد الأفريقي جهودا لإجراء استفتاء لتقرير مصير شعب الصحراء الغربية. وبعد عام من قبول الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية عضوا في منظمة الوحدة الأفريقية، حث مؤتمر رؤساء دول وحكومات المنظمة المملكة المغربية وجبهة البوليساريو على ”إجراء مفاوضات مباشرة تحقيقا لوقف لإطلاق النار يهيئ الظروف اللازمة لإجراء استفتاء سلمي وعادل بشأن تقرير المصير لشعب الصحراء الغربية، من دون أية قيود إدارية أو عسكرية“( ). وناقش مؤتمر الاتحاد الأفريقي بانتظام حق شعب الصحراء الغربية في استفتاء لتقرير المصير، وكرر تأكيد هذا الحق( ).
17 – وتجدر الإشارة إلى أن خطة العمل المعتمدة في الدورة الاستثنائية للاتحاد الأفريقي بشأن بحث وتسوية النزاعات في أفريقيا، المعقودة في طرابلس في آب/أغسطس 2009، تضمنت عزم مؤتمر الاتحاد على دعم الجهود التي تبذلها الأمم المتحدة للخروج من الطريق المسدود فيما يخص الصحراء الغربية. وأشار المؤتمر أيضا إلى قرارات مجلس الأمن في هذا الشأن التي دعت إلى مفاوضات مباشرة دون شروط مسبقة وبحسن نية، ليتسنى لشعب الصحراء الغربية تقرير مصيره في سياق ترتيبات تتماشى مع مبادئ ومقاصد ميثاق الأمم المتحدة( ).
18 – وبلغ النقاش حول الاستفتاء بشأن حق شعب الصحراء الغربية في تقرير المصير ذروته خلال الاحتفال بالذكرى السنوية الخمسين لتأسيس منظمة الوحدة الأفريقية/الاتحاد الأفريقي في أيار/مايو 2013. وكرر المجلس التنفيذي للاتحاد الأفريقي تأكيد دعوته الطرفين، أي المملكة المغربية وجبهة البوليساريو، إلى إجراء مفاوضات مباشرة بهدف التوصل إلى حل سياسي عادل ودائم يقبله الطرفان لتمكين شعب الصحراء الغربية من تقرير مصيره( ). وكرر مؤتمر الاتحاد الأفريقي أيضا تأكيد دعوة مجلس الأمن للطرفين( ).
19 – وأشار مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي، في اجتماعه الـ 496 المعقود في أديس أبابا في 27 آذار/مارس 2015، إلى أن الصحراء الغربية لا تزال مشكلة تعرقل إتمام عملية إنهاء الاستعمار في أفريقيا، وحث مجلسَ الأمن على اتخاذ جميع القرارات اللازمة لضمان التقدم في البحث عن حل للنزاع في الصحراء الغربية، وناشد باتخاذ إجراءات دولية معززة ومنسقة من أجل التبكير بإجراء استفتاء لتقرير مصير شعب الصحراء الغربية، وفقا لمقررات منظمة الوحدة الأفريقية/الاتحاد الأفريقي وقرارات الأمم المتحدة في هذا الخصوص( ).
20 – وكما يتبين مما سبق، لا يزال الاتحاد الأفريقي يدعو الى إجراء استفتاء من أجل تقرير مصير شعب الصحراء الغربية في إطار مبادئ القانون الدولي المعترف بها.
21 – وتجدر الإشارة إلى أن الاتحاد الأفريقي يعتبر الصحراء الغربية تحت احتلال استعماري من قبل المغرب( ). وهذا الاحتلال يتعارض مع روح الأهداف والمبادئ التي تأسس عليها كل من منظمة الوحدة الأفريقية والاتحاد الأفريقي.
2 – الأمم المتحدة
22 – الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية ليست عضوا في الأمم المتحدة.
23 – ويعود إدراج إقليم الصحراء الغربية( ) ضمن الأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي إلى عام 1963، على النحو المبيّن في قرار الجمعية العامة 1514 (د-15) المؤرخ 14 كانون الأول/ديسمبر 1960 الذي يتضمن إعلان منح الاستقلال للبلدان والشعوب المستعمرة. وتجدر الإشارة إلى أنه بموجب القرار 1514 (د-15)، أعلنت الجمعية العامة أن لجميع الشعوب الحق في تقرير مصيرها، ولها بمقتضى ذلك الحق، أن تحدد بحرية مركزها السياسي وتسعى بحرية إلى تحقيق إنمائها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي( ). وفي هذا الصدد، أعاد كل من الجمعية العامة ومجلس الأمن تأكيد حق شعب الصحراء الغربية في استفتاء لتقرير المصير وأعادت تأكيده كذلك محكمة العدل الدولية( ).
24 – ويتناول الفصل الحادي عشر من ميثاق الأمم المتحدة الأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي. وتنص المادة 73 من الميثاق على أن الدول الأعضاء في الأمم المتحدة التي تتحمل أو تحملت مسؤوليات عن إدارة أقاليم غير متمتعة بالحكم الذاتي يجب أن تعترف بالمبدأ القاضي بأن مصالح أهل هذه الأقاليم تأتي في المقام الأول، ويجب أن تقبل كأمانة مقدسة الالتزام بالعمل على تنمية رفاه أهل هذه الأقاليم إلى أقصى حد مستطاع. وبالإضافة إلى ذلك، تقتضي المادة 73 (هـ) أن ترسل السلطة القائمة بالإدارة إلى الأمين العام معلومات إحصائية وغيرها من المعلومات الفنية المتعلقة بالظروف الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية في الإقليم غير المتمتع بالحكم الذاتي.
25 – ومع ذلك، من وجهة نظر الأمم المتحدة، ليس لدى الصحراء الغربية أي سلطة قائمة بالإدارة، ذلك أن إسبانيا انسحبت من الإقليم في 26 شباط/فبراير 1976( ).
26 – ولدى تنفيذ المادة 73 من ميثاق الأمم المتحدة، وضعت الجمعية العامة بعض المبادئ التي يجب الالتزام بها، هي التالية:
(أ) ينبغي لجميع الدول الامتثال لقرارات الجمعية العامة بشأن أنشطة المصالح الأجنبية الاقتصادية والمالية ”والامتناع عن المساعدة على إدامة الحالة الاستعمارية في الإقليم بالاستثمار فيه“( ). (أضيف الخط المائل للتوكيد) وبالتالي يجب على الدول تجنب أية أنشطة اقتصادية تؤثر تأثيرا سلبيا على مصالح شعوب الأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي( ). وبناء عليه، ينبغي ألا تشجع الدول الاستثمارات التي قد تشكل عقبة أمام تحرير إقليم ما( )؛
(ب) لإقليم المستعمرة أو الإقليم غير المتمتع بالحكم الذاتي، بمقتضى ميثاق الأمم المتحدة، مركز منفصل ومتميز عن إقليم الدولة القائمة بإدارته، ويظل هذا المركز المنفصل والمتميز قائما إلى حين الممارسة التامة للحق في تقرير المصير( )؛
(ج) السيادة على الموارد الطبيعية هي أحد المكونات الأساسية للحق في تقرير المصير( )؛
(د) الموارد الطبيعية هي تراث لشعوب الأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي واستغلال ونهب الموارد البحرية وغيرها من الموارد الطبيعية للأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي، بما ينتهك قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، هما خطر يهدد سلامة هذه الأقاليم وازدهارها( ).
27 – وبالإضافة إلى ذلك، أخذ القرار الثالث لمؤتمر الأمم المتحدة الثالث لقانون البحار في الاعتبار ميثاق الأمم المتحدة، ولا سيما المادة 73، وأعلن أنه:
في حالة الإقليم الذي لم يبلغ شعبه الاستقلال التام أو أي وضع آخر من الحكم الذاتي معترف به من قبل الأمم المتحدة، أو الإقليم الواقع تحت السيطرة الاستعمارية، تنفذ الأحكام المتعلقة بالحقوق والمصالح بموجب الاتفاقية لصالح شعب الإقليم بهدف تعزيز رفاهه وتنميته( ) (الخط المائل مضاف للتوكيد).
دال – المغرب ومركز الصحراء الغربية
28 – بالرغم من أن المغرب يحتل جزءا كبيرا من إقليم الصحراء الغربية، فهو لم يكتسب قط مركز سلطة قائمة بإدارة الإقليم بمعنى أحكام المادة 73 من ميثاق الأمم المتحدة. ووفقا لقائمة الأمم المتحدة للأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي، لم يكن للصحراء الغربية، بعد انسحاب إسبانيا وتخليها عن مسؤولياتها في 26 شباط/فبراير 1976، أي سلطة أخرى قائمة بالإدارة( ). كما أن المغرب لم يمتثل قط لمقتضيات المادة 73 من ميثاق الأمم المتحدة ولم يصدر عنه ما يدل على ذلك، وبخاصة تقديم المعلومات الإحصائية وغيرها من المعلومات.
29 – وفيما يتعلق بمطالبات المغرب بالسيادة على إقليم الصحراء الغربية، تجدر الإشارة إلى أن محكمة العدل الدولية أصدرت، في 16 تشرين الأول/أكتوبر 1975، فتوى رفضت فيها مطالبات المغرب وموريتانيا وأكدت حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير بموجب القانون الدولي. ومن المسائل التي طلبت الجمعية العامة إلى المحكمة تقديم فتوى بشأنها مسألة الروابط القانونية بين الصحراء الغربية وكل من المغرب وموريتانيا( ). وخلصت المحكمة إلى أن المغرب وموريتانيا لم يعلنا قط أي نشاط فعلي وحصري في الصحراء الغربية( ). وبالتالي لم يُثبت كلاهما أي علاقة سيادة إقليمية على إقليم الصحراء الغربية. وخلصت المحكمة إلى أنها ”لم تلاحظ وجود أي علاقة قانونية تسمح بتعديل تطبيق قرار الجمعية العامة 1514 (د-15) من حيث إنهاء الاستعمار في الصحراء الغربية، وبصفة خاصة، من حيث تطبيق مبدأ تقرير المصير من خلال التعبير الحر والحقيقي لإرادة سكان الإقليم“( ). وبناء على ذلك، عندما احتل المغرب إقليم الصحراء الغربية في 31 تشرين الأول/أكتوبر 1975، دعاه مجلس الأمن إلى الانسحاب منه( ).
30 – وعلى نحو ما بينه المستشار القانوني للأمم المتحدة في فتواه المقدمة إلى مجلس الأمن، تجدر الإشارة إلى أن ”اتفاق مدريد لم ينقل السيادة على الإقليم، ولم يمنح أيا من الدول الموقِّعة مركز الدولة القائمة بالإدارة، وهذا المركز ما كان لإسبانيا وحدها أن تنقله من طرف واحد“( ).
31 – وفي قراره 2218 (2015) المؤرخ 28 نيسان/أبريل 2015، أهاب مجلس الأمن بالطرفين ”إلى مواصلة المفاوضات برعاية الأمين العام دون شروط مسبقة وبحسن نية […] بهدف التوصل إلى حل سياسي عادل ودائم ومقبول للطرفين يكفل لشعب الصحراء الغربية تقرير مصيره في سياق ترتيبات تتماشى مع مبادئ ميثاق الأمم المتحدة ومقاصده“( ).
32 – وتجدر الإشارة إلى أن مسألة الصحراء الغربية تتناولها اللجنة الرابعة للجمعية العامة، المعنية بمسائل إنهاء الاستعمار.
هاء – الصكوك المنطبقة على مسألة التنقيب عن الموارد الطبيعية الآتية من الصحراء الغربية أو استغلالها
1 – الصكوك الدولية والإقليمية
33 – هناك صكوك دولية وإقليمية عديدة تعترف بحق الشعوب في تقرير المصير وحق الشعوب في السيادة الدائمة على مواردها الطبيعية، منها الصكوك الواردة أدناه.
34 – الاتفاقية الرابعة الخاصة باحترام قوانين وأعراف الحرب البرية وملحقها (اتفاقية لاهاي لعام 1907): بموجب هذه الاتفاقية وغيرها من قواعد القانون الدولي الإنساني، لا يجوز للسلطة القائمة بالاحتلال تغيير الوضع القانوني أو المؤسسي أو السياسي للإقليم المحتل. وذلك لأن الاحتلال هو مجرد وضع مؤقت ويجب على السلطة القائمة بالاحتلال عدم إدخال تغييرات دائمة في الإقليم المحتل. على أنه يجوز للسلطة القائمة بالاحتلال اتخاذ تدابير لاستعادة وضمان النظام العام والسلامة العامة في الإقليم المحتل( ). وتحظر المادة 47 من الاتفاقية أيضا السلب حظرا تاما.
35 – وتجدر الإشارة إلى أن الجمعية العامة وصفت المغرب بأنه السلطة القائمة بالاحتلال في الصحراء الغربية في عامي 1979 و 1980. ومع ذلك، ينفي المغرب انطباق هذا القانون لأنه يعتبر الصحراء الغربية خاضعة لسيادته على الرغم من أن محكمة العدل الدولية قد رفضت هذه المطالبة.
36 – اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949: تحظر المادة 33 من هذه الاتفاقية نهب الموارد الطبيعية.
37 – العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لعام 1966 (بدأ سريانهما في عام 1976): تنص المادة 1 من العهدين على أن لجميع الشعوب الحق في تقرير مصيرها، وهي حرة في تقرير مركزها السياسي وحرة في السعي لتحقيق نمائها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي. وبالإضافة إلى ذلك، تنص المادة على أن لجميع الشعوب أيضا الحق في التصرف الحر في ثرواتها الطبيعية( ). وبناء على ذلك، يجب على الدول الأطراف في العهد، بما فيها الدول التي تقع على عاتقها مسؤولية إدارة الأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي والأقاليم المشمولة بالوصاية، أن تعمل على تحقيق حق تقرير المصير وأن تحترم هذا الحق، وفقا لأحكام ميثاق الأمم المتحدة( ).
38 – ميثاق حقوق الدول وواجباتها الاقتصادية لعام 1974: تنص المادة 16 (2) على أن ”لا تتمتع أي دولة بالحق في تعزيز أو تشجيع الاستثمارات التي قد تشكل عقبة أمام تحرير إقليم محتل بالقوة“.
39 – الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان وحقوق الشعوب لعام 1981: تنص المادة 20 من الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان وحقوق الشعوب على ما يلي:
لكل شعب الحق في الوجود. ولكل شعب حق مطلق وثابت في تقرير مصيره وله أن يحدد بحرية وضعه السياسي وأن يكفل تنميته الاقتصادية والاجتماعية على النحو الذى يختاره بمحض إرادته.
40 – وتنص المادة 21 على أن تتصرف جميع الشعوب بحرية في ثرواتها ومواردها الطبيعية، وعلى أنه في حالة الاستيلاء، للشعب الذى تم الاستيلاء على ممتلكاته الحق المشروع في استردادها وفي التعويض الملائم.
41 – اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982: الصحراء الغربية ليست طرفا في اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، ولكن القرار الثالث لمؤتمر الأمم المتحدة الثالث لقانون البحار أعلن أنه ”في حالة الإقليم الذي لم يبلغ شعبه الاستقلال التام أو أي وضع آخر من الحكم الذاتي معترف به من قبل الأمم المتحدة، أو الإقليم الواقع تحت السيطرة الاستعمارية، تنفذ الأحكام المتعلقة بالحقوق والمصالح بموجب الاتفاقية لصالح شعب الإقليم“.
2 – الاجتهاد القضائي لمحكمة العدل الدولية
42 – في قضية الأنشطة المسلحة في أراضي الكونغو (جمهورية الكونغو الديمقراطية ضد أوغندا)، تناولت محكمة العدل الدولية مسألة استغلال الموارد الطبيعية وأشارت إلى المادتين 43 و 47 من اتفاقية لاهاي لعام 1907 والمادة 33 من اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 المتعلقة بحظر النهب. ولاحظت المحكمة أيضا أن جمهورية الكونغو الديمقراطية وأوغندا طرفان في الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان وحقوق الشعوب. ثم أشارت المحكمة إلى المادة 21 (2) من الميثاق الأفريقي التي تنص على أنه ”في حالة الاستيلاء، للشعب الذى تم الاستيلاء على ممتلكاته الحق المشروع في استردادها وفي التعويض الملائم“. وخلصت المحكمة إلى أن السلطة القائمة بالاحتلال تتحمل دوليا المسؤولية عن أعمال نهب وسلب واستغلال الموارد الطبيعية في الأقاليم المحتلة.
43 – وهناك قضيتان أخريان ادُّعي فيهما أن مبدأ السيادة الدائمة على الموارد الطبيعية قد انتُهِك، ولكن محكمة العدل الدولية لم تصدر أي حكم في موضوع الدعوى( ).
واو – فتوى وكيل الأمين العام للشؤون القانونية، المستشار القانوني للأمم المتحدة، 12 شباط/فبراير 2002
44 – على النحو المشار إليه في الفقرة 3 من هذه الفتوى، قدم وكيل الأمين العام للشؤون القانونية، المستشار القانوني للأمم المتحدة، فتوى بناء على طلب مجلس الأمن. وقُدم الطلب في 13 تشرين الثاني/نوفمبر 2001، وكانت المسألة التي طُلب منه تناولها هي ”شرعية الإجراءات التي قيل إن السلطات المغربية اتخذتها والمتمثلة في عرض عقود على شركات أجنبية وتوقيعها معها للتنقيب عن الموارد المعدنية في الصحراء الغربية، وذلك في سياق القانون الدولي، بما في ذلك القرارات ذات الصلة لمجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة، والاتفاقات المتعلقة بالصحراء الغربية“( ).
45 – وبعد دراسة المادة 73 من ميثاق الأمم المتحدة وقرارات الجمعية العامة وممارسة الدول، لاحظ المستشار القانوني للأمم المتحدة أنه ”رغم أن الطابع القانوني للمبدأ الأساسي المتعلق بـ ”السيادة الدائمة على الموارد الطبيعية“، باعتباره نتيجة طبيعية لمبدأ السيادة الإقليمية أو الحق في تقرير المصير، يمثل بلا نزاع جزءا من القانون الدولي العرفي، فإن نطاقه وآثاره القانونية ما زالت محل نزاع“( ).
46 – وحلل المستشار القانوني بعد ذلك مسألة استغلال الموارد المعدنية باعتماد القياس، وخلص إلى أن أنشطة استغلال الموارد المعدنية في الأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي ليست أنشطة غير مشروعة في حد ذاتها، ولكنها غير مشروعة في حالة عدم مراعاتها لاحتياجات ومصالح شعب الإقليم( ). وللأسف، باتباع هذا النهج، لم ينظر المستشار القانوني للأمم المتحدة في مسألة ما إذا كان ينبغي اعتبار المغرب سلطة قائمة باحتلال أو إدارة الصحراء الغربية في إطار أحكام ميثاق الأمم المتحدة. ولم يأخذ المستشار القانوني للأمم المتحدة في الاعتبار أيضا أي قرار من قرارات مجلس الأمن أو الجمعية العامة بشأن مركز الصحراء الغربية أو احتلال المغرب لها.
47 – وباستخدام القياس على أنشطة الموارد المعدنية المضطلع بها في الأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي، خلص المستشار القانوني للأمم المتحدة إلى أن:
عقود التنقيب عن النفط وتقييمه لا يترتب عليها استغلال الموارد المعدنية أو نقلها بشكل فعلي ولم تنشأ عنها أي منافع حتى الآن. ولهذا السبب خلصنا إلى الاستنتاج التالي: رغم أن العقود المحددة التي تشكل موضوع طلب مجلس الأمن لا تعتبر غير مشروعة في حد ذاتها، فإن القيام بأنشطة أخرى في مجال التنقيب أو الاستغلال دون مراعاة لمصالح شعب الصحراء الغربية ورغباته سيشكل انتهاكا لمبادئ القانون الدولي المنطبقة على أنشطة الموارد المعدنية في الأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي. (أضيف الخط المائل للتوكيد)
48 – وقد اعترف المستشار القانوني السابق للأمم المتحدة في عروضه الأخيرة بشأن المسألة بأنه ليس للمغرب مركز السلطة القائمة بالإدارة فيما يتعلق بالصحراء الغربية. وذكر أن المسائل المتعلقة بوضع الصحراء الغربية حساسة( ). وانتقد أيضا أقوال المغرب التي تدعي السيادة على الصحراء الغربية معتبرا إياها متعارضة مع قرارات مجلس الأمن وفتوى محكمة العدل الدولية لعام 1975( ).
راي – التحليل القانوني
49 – إن المسألة الأولى التي يتعين معالجتها هي ما إذا كان يمكن للمغرب التنقيب عن الموارد الطبيعية المتجددة وغير المتجددة في إقليم الصحراء الغربية واستغلالها.
50 – ولا يمكن تناول هذه المسألة بالكامل إلا من خلال تحليل مركز المغرب بالنسبة للصحراء الغربية. فالصحراء الغربية إقليم غير متمتع بالحكم الذاتي بموجب المادة 73 من ميثاق الأمم المتحدة. وبوصفها إقليما غير متمتع بالحكم الذاتي، فهي تحتفظ بمركز منفصل ومتميز إلى أن يمارس شعبها بالكامل الحق في تقرير المصير عن طريق استفتاء. وتجدر الإشارة إلى أن المغرب لم يكتسب قط مركز سلطة قائمة بإدارة إقليم الصحراء الغربية بمعنى أحكام المادة 73.
51 – وبالإضافة إلى ذلك، رفضت محكمة العدل الدولية، في فتواها الصادرة في عام 1975 بشأن الصحراء الغربية، أي مطالبات بالسيادة على الصحراء الغربية من قبل كل من المغرب وموريتانيا.
52 – وتجدر الإشارة إلى أن أحد أهداف منظمة الوحدة الأفريقية هو تخليص القارة من بقايا الاستعمار، مثلما تنص على ذلك الفقرة (1) (د) من المادة الثانية من ميثاقها.
53 – ولم تعترف الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي وجميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة قط بمطالبات المغرب بالسيادة على الصحراء الغربية ولم تُقِر احتلال المغرب لها.
54 – وفيما يتعلق بالتسوية السياسية لمسألة الصحراء الغربية، اعترفت الأمم المتحدة ومنظمة الوحدة الأفريقية/الاتحاد الأفريقي بحق شعب الصحراء الغربية غير القابل للنقاش وللتصرف في استفتاء لتقرير المصير. وبناء على ذلك، أهاب كل من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي بالطرفين إلى التوصل إلى حل يكفل تقرير المصير لشعب الصحراء الغربية.
55 – وعلاوة على ذلك، اعترف كل من الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي ومحكمة العدل الدولية بالسيادة الدائمة لشعب الصحراء الغربية على موارده الطبيعية. فالموارد الطبيعية للصحراء الغربية هي ملك لشعب الصحراء الغربية. وتشكل الموارد الطبيعية للصحراء الغربية جزءا من تراث شعب الصحراء الغربية.
56 – والحق في تقرير المصير وحق الشعب في موارده الطبيعية وسيادته عليها هما قاعدتان قطعيتان (قاعدتان آمرتان) وحقان إزاء الكافة بموجب القانون الدولي على النحو المحدد في المادة 53 من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات لعام 1969( )، ولا يمكن للدول الانتقاص من هاتين القاعدتين.
57 – وبناء عليه، ليس للمغرب أي حق قانوني بموجب ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي في أن يحتل أو يحكم إقليم الصحراء الغربية. وتجدر الإشارة إلى أن مجلس الأمن دعا المغرب إلى الانسحاب من إقليم الصحراء الغربية عقب احتلاله له بعد فترة قصيرة من إصدار محكمة العدل الدولية لفتواها. وفي هذا الصدد، ليس للمغرب الحق في التنقيب عن أي موارد طبيعية، متجددة أو غير متجددة، موجودة في أراضي الصحراء الغربية المحتلة واستغلالها أو الدخول في اتفاقات مع أطراف ثالثة بشأن تلك الموارد.
58 – وبالإضافة إلى ذلك، فإن أي تنقيب عن الموارد الطبيعية في الصحراء الغربية واستغلال لها من قِبل المغرب يقوض بشكل خطير الجهود والمفاوضات الرامية للتوصل إلى تسوية سلمية والتي ما برحت تُبذل منذ أكثر من أربعة عقود. ويقوض التنقيب والاستغلال أيضا مبادئ وقرارات ومقررات الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي، ولا سيما حق شعب الصحراء الغربية في تقرير المصير من خلال استفتاء والحق في موارده الطبيعية.
59 – والدول الأعضاء في الأمم المتحدة ملزمة بموجب ميثاق الأمم المتحدة وقراراتها بالامتناع عن المساعدة على إدامة حالة الاستعمار أو إضفاء الشرعية عليها عن طريق الاستثمارات أو استغلال الموارد الطبيعية في الإقليم غير المتمتع بالحكم الذاتي.
60 – وفي ضوء ما تقدم، يعد أي تنقيب عن الموارد الطبيعية واستغلال لها من قبل المغرب أو أي دولة أخرى أو مجموعة من الدول أو شركات أجنبية يعهد لها المغرب بذلك في الصحراء الغربية غير مشروع لأنه ينتهك القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي. ويشكل استغلال الموارد الطبيعية أيضا تهديدا لسلامة شعب الصحراء الغربية وازدهاره. وفي هذا الصدد، تُعتبر الشركات الأجنبية وأي دولة أخرى أو مجموعة من الدول تدخل في اتفاقات/عقود مع المغرب لاستغلال الموارد الطبيعية في الصحراء الغربية ضالعة في ممالأة وضع غير قانوني وتشجيعه، وتُعتبر تلك الاتفاقات/العقود باطلة( ).
61 – وينبغي لكل من مجلس الأمن ومجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي الاضطلاع بمسؤولياتهما والضغط على المغرب لضمان وقف التنقيب عن الموارد الطبيعية في الصحراء الغربية واستغلالها بشكل غير مشروع إلى أن يتوصل الطرفان إلى حل عادل ودائم من خلال استفتاء لتقرير المصير.
62 – والمسألة الثانية هي تحديد الظروف التي ينبغي أن يتم في ظلها التنقيب عن الموارد الطبيعية للصحراء الغربية أو استغلالها. وهذه هي النقطة الوحيدة التي نتفق بشأنها مع الفتوى التي قدمها المستشار القانوني للأمم المتحدة إلى مجلس الأمن. فالصحراء الغربية إقليم غير متمتع بالحكم الذاتي، وبالتالي فإن جميع الأنشطة يجب الاضطلاع بها في ظل الامتثال الدقيق لأحكام المادة 73 من ميثاق الأمم المتحدة كما أوضحها العديد من قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة. وينبغي تطبيق هامش إضافي من الحيطة إذا كانت الدولة المعنية ليست هي السلطة القائمة بإدارة الإقليم، مثلما هو الحال بالنسبة للمغرب.
63 – وتجدر الإشارة إلى أن المستشار القانوني للأمم المتحدة قد خلص إلى أن:
القيام بأنشطة أخرى في مجال التنقيب أو الاستغلال دون مراعاة لمصالح شعب الصحراء الغربية ورغباته يشكل انتهاكا لمبادئ القانون الدولي المنطبقة على أنشطة الموارد المعدنية في الأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي.
64 – ونكرر التأكيد على أن شعب الصحراء الغربية، بوصفها إقليما غير متمتع بالحكم الذاتي، هو فقط الذي تحق له السيادة الدائمة على موارده الطبيعية. ولكي تكون الأنشطة الاقتصادية للتنقيب عن الموارد الطبيعية في الصحراء الغربية واستغلالها مشروعة، يجب أن تعود بالفائدة على شعب الصحراء الغربية وتحترم رغباته. وينبغي ليس فقط استشارة شعب الصحراء الغربية وممثليه الشرعيين (جبهة البوليساريو)( ) وحكومة الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية بشأن أي ترتيب أو اتفاق لاستغلال الموارد الطبيعية في إقليمهم أو التنقيب عنها، وإنما ينبغي أيضا أن يشاركوا مباشرة في ذلك الترتيب أو الاتفاق.
65 – وفي هذا الصدد، إذا دخل المغرب في اتفاقات للتنقيب عن الموارد الطبيعية في الصحراء الغربية واستغلالها، ينبغي لمجلس الأمن أن يكفل قيام المغرب بتبيان تلك الأنشطة بدقة وتحويل جميع الفوائد المتأتية منها لشعب الصحراء الغربية من خلال آلية شفافة ومستقلة يشرف عليها كل من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي. وقد تدعو الحاجة إلى أن تعيّن الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي فريقا مستقلا مشتركا للتحقق من بيان المغرب.
حاء – الاستنتاجات والتوصيات
66 – يتضح من التحليل الوارد أعلاه أنه يجب على كل من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي الاضطلاع بمسؤولياتهما والضغط على المغرب ليمتثل لمبادئ الأمم المتحدة والقانون الدولي ذي الصلة بشأن الحق في تقرير المصير واستغلال الموارد الطبيعية. ولا يمكن السماح باستمرار حالة عدم اليقين التي ظلت تتسم بها مسألة الصحراء الغربية لأكثر من أربعة عقود.
67 – والمغرب ليس سلطة قائمة بإدارة إقليم الصحراء الغربية بموجب المادة 73 من ميثاق الأمم المتحدة. وليس للمغرب أيضا السيادة على الصحراء الغربية. وتبقى مسألة الصحراء الغربية من مسائل إنهاء الاستعمار العالقة، وبالتالي يجب تسويتها وفقا لقرار الجمعية العامة 1514 (د-15) المؤرخ 14 كانون الأول/ديسمبر 1960 الذي يتضمن إعلان منح الاستقلال للبلدان والشعوب المستعمرة.
68 – وليس للمغرب أي حق في التنقيب عن أي موارد طبيعية، متجددة أو غير متجددة، موجودة في أراضي الصحراء الغربية المحتلة واستغلالها أو الدخول في اتفاقات/عقود مع أطراف ثالثة بشأن هذه الموارد.
69 – وبالتالي، يجب على الاتحاد الأفريقي أن يناشد، عن طريق مفوضية الاتحاد وأجهزته الأخرى ذات الصلة، مجلس الأمن بضمان أن يجري التنقيب عن الموارد الطبيعية في الصحراء الغربية واستغلالها ضمن الإطار التالي:
(أ) ينبغي ألا يدخل المغرب في أي اتفاقات مع أي دولة أخرى أو مجموعة من الدول أو شركات أجنبية للتنقيب عن الموارد الطبيعية المتجددة أو غير المتجددة في إقليم الصحراء الغربية أو استغلالها. وفي هذا الصدد، ينبغي أن تكون الاتفاقات التي يدخل فيها المغرب مقتصرة حصرا على أراضيه المعترف دوليا بأنها خاضعة لسيادته (وهي لا تشمل الصحراء الغربية)؛
(ب) يجب أن يكون أي تنقيب عن الموارد الطبيعية في الصحراء الغربية أو استغلال لها لفائدة شعب الصحراء الغربية ووفقا لرغباته؛
(ج) بناء على ذلك، فإن شعب الصحراء الغربية وممثليه الشرعيين( ) يجب ليس فقط أن يُستشاروا بشأن أي اتفاق ينطوي على استغلال الموارد الطبيعية في إقليم الصحراء الغربية، وإنما أيضا أن يوافقوا على ذلك الاتفاق ويشاركوا مشاركة فعلية في التوصل إليه؛
(د) ينبغي مساءلة المغرب وأي كيان آخر عن الاتفاقات/العقود المبرمة للتنقيب عن الموارد الطبيعية المتجددة أو غير المتجددة في إقليم الصحراء الغربية و/أو استغلالها، وضمان أن يجني جميع فوائدها شعب الصحراء الغربية وفقا للقانون الدولي. وفي هذا الصدد، ينبغي للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي النظر في تعيين فريق مشترك مستقل للتحقق من بيان المغرب.
70 – ويجب أيضا على مجلس الأمن ومجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي أن يعلما، طبقا لذلك، جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي بأن أي اتفاقات/عقود للتنقيب عن الموارد الطبيعية المتجددة أو غير المتجددة في الصحراء الغربية و/أو استغلالها في تجاهل لمصالح ورغبات شعب الصحراء الغربية، ودون التشاور مع ممثليه الشرعيين، تنتهك مبادئ القانون الدولي المتعلقة بتقرير المصير واستغلال الموارد الطبيعية في الأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي، وأن هذه الاتفاقات/العقود باطلة وبالتالي غير قانونية.
71 – وبما أن الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية دولة عضو في الاتحاد الأفريقي، يجب على جميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأفريقي أن تضع في اعتبارها مبادئ وأهداف الاتحاد الأفريقي، وخاصة المتعلقة بضرورة الدفاع عن سيادة الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية واستقلالها الإقليمي. ويجب على مفوضية الاتحاد الأفريقي وغيرها من أجهزة الاتحاد ومكاتبه المعنية إبلاغ شواغل الاتحاد الأفريقي بشأن التنقيب عن الموارد الطبيعية في الصحراء الغربية واستغلالها بشكل غير مشروع إلى سائر المنظمات الدولية والإقليمية والشركاء. ولذلك، ينبغي أن تدرج هذه المسألة في جدول الأعمال لمناقشتها مع الشركاء الضالعين في التنقيب عن الموارد الطبيعية المتجددة أو غير المتجددة في الصحراء الغربية و/أو استغلالها بشكل غير مشروع.
72 – والدول الأعضاء في الأمم المتحدة وشركاتها ملزمة، وفقا للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة وقراراتها، بالامتناع عن المساعدة في إدامة الوضع الاستعماري في الصحراء الغربية أو إضفاء الشرعية عليه عن طريق الاستثمارات أو التنقيب عن الموارد الطبيعية المتجددة أو غير المتجددة و/أو استغلالها وغير ذلك من الأنشطة الاقتصادية في الإقليم غير المتمتع بالحكم الذاتي، ولذلك ينبغي أن تمتنع عن الدخول في اتفاقات/عقود مع المغرب بوصفه السلطة القائمة بالاحتلال وفقا للقرار 2711 (د-25) المؤرخ 14 كانون الأول/ديسمبر 1970.
73 – وقد اعترف كل من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي ومحكمة العدل الدولية بحق الشعب الصحراوي غير القابل للتصرف في تقرير المصير وبسيادته الدائمة على موارده الطبيعية. فهذه الموارد هي ملك لشعب الصحراء الغربية وتشكل جزءا من تراثه. وينبغي للدول الأعضاء في الأمم المتحدة اتخاذ الترتيبات السياسية والقانونية اللازمة لإعلام شركاتها بالمركز القانوني للصحراء الغربية وبعدم شرعية التنقيب عن الموارد الطبيعية المتجددة أو غير المتجددة و/أو استغلالها وغير ذلك من الأنشطة الاقتصادية في هذا الإقليم.
74 – وأي تنقيب عن الموارد الطبيعية المتجددة أو غير المتجددة واستغلال لها من قبل المغرب أو أي دولة أخرى أو مجموعة من الدول أو شركات أجنبية في الصحراء الغربية يتعارض مع ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي العرفي، وبالتالي فهو غير مشروع لأنه ينتهك القانون الدولي.
75 – واستغلال الموارد الطبيعية المتجددة أو غير المتجددة والتنقيب عنها في ظل الوضع الراهن (الاحتلال) هو أيضا تهديد لسلامة شعب الصحراء الغربية وازدهاره وللسلام والاستقرار في شمال أفريقيا. وهذا وفقا لقرار الجمعية العامة 2983 (د-27) المؤرخ 14 كانون الأول/ديسمبر 1972.
76 – وينبغي للأمم المتحدة الاضطلاع بمسؤولياتها السياسية والقانونية وحماية موارد الشعب الصحراوي الطبيعية المتجددة أو غير المتجددة، مثلما فعلت في تيمور الشرقية وناميبيا، إلى حين يعبّر شعب الإقليم عن إرادته ويختار مصيره عن طريق استفتاء حر ونزيه.
77 – وعلى جميع الدول أو الشركات الأجنبية الامتناع عن استيراد المنتجات الصحراوية أو الاستثمار في المناطق المحتلة من الصحراء الغربية، ذلك أن هذه الأنشطة تشكل انتهاكا للقانون الدولي.
78 – وأي تنقيب عن الموارد الطبيعية واستغلال لها من قبل المغرب هو غير مشروع لأنه ينتهك القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي المتعلقة بالحق في تقرير المصير وبالسيادة الدائمة لشعب الصحراء الغربية على موارده الطبيعية. وبالإضافة إلى ذلك، فإن التنقيب والاستغلال يقوضان بشكل خطير الجهود والمفاوضات الرامية للتوصل إلى تسوية عادلة وسلمية بشأن الصحراء الغربية.
79 – وينبغي أن تضع مفوضية الاتحاد الأفريقي استراتيجية مقاطعة شاملة تستهدف المغرب وأي دولة أخرى أو مجموعة من الدول أو شركات أجنبية ضالعة في التنقيب عن الموارد الطبيعية المتجددة أو غير المتجددة في الصحراء الغربية أو استغلالها بشكل غير مشروع، وذلك امتثالا لبيان مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي المعتمد في اجتماعه الـ 496 في 27 آذار/مارس 2015.