حملت وكالة الأنباء الإسبانية “إيفي” خبرا مفاده تعرض أربعة منقبين موريتانيين عن الذهب للاستهداف من قبل طائرة من دون طيار مغربية، مطلع الأسبوع الجاري، في مكان يسمى “جليبات الفولا”، وهي منطقة توجد إلى الجنوب من الأراضي الصحراوية المحتلة، وهي المعلومات التي سربتها مصادر قريبة من المنقبين.
ويضاف هذا الحادث المأساوي إلى حوادث مشابهة سابقة، راح ضحيتها رعايا موريتانيون في أكثر من مرة، كانوا ينقبون عن الذهب في المناطق الحدودية بين موريتانيا والصحراء الغربية، وكان الجيش المغربي الطرف المهاجم في كل مرة، بواسطة طائرات من دون طيار، يرجح أنها صهيونية الصنع.
ووفق الوكالة الإسبانية، فإن الضحايا كانوا على متن ثلاث مركبات، تعرضت إحدى هذه المركبات فقط للاستهداف، بينما نزل ركاب المركبات الأخرى وفروا سيرًا على الأقدام. واعتاد الموريتانيون تحميل المسؤولية للمغرب، غير أن هذا الأخير لم يعلن في أي من هذه الحالات مسؤوليته عن الجريمة، فيما تخوض حسابات على شبكات التواصل الاجتماعي مقربة من الجيش المغربي، في الموضوع وتنسبها لها.
وفي مقابل ذلك، تخرج من حين إلى آخر الحكومة الموريتانية لتحذر مواطنيها من تجاوز الحدود الرسمية للبلاد، بداعي البحث والتنقيب عن الذهب بطرق يدوية في شمال موريتانيا، علما أن معالم الحدود البرية بين نواكشوط والأرضي الصحراوية المحتلة، غير معلمة بشكل واضح، وهو ما يجعل المنقبين يتيهون ويتجاوزون الحدود دون قصد، ما يجعلهم عرضة للاستهداف من قبل الطيران المسيّر التابع للجيش المغربي.
وخرجت الجزائر في أكثر من مرة لتندّد بالعمليات الإجرامية للجيش المغربي ضد المدنيين العزل في المنطقة، وصفتها بـ”عمليات اغتيال موجهة”، كما جاء في بيان لوزارة الخارجية الجزائرية في أفريل 2022 عندما قتل موريتانيون، “تدين الجزائر بشدة عمليات الاغتيال الموجهة باستعمال أسلحة حربية متطورة من قبل المملكة المغربية، خارج حدودها المعترف بها دوليا، ضد مدنيين أبرياء ر عايا ثلاث دول في المنطقة”.
وكان للرعايا الجزائريين نصيب من هجمات الجيش المغربي، فقد تعرض ثلاثة منهم كانوا يقودون شاحنة في الأراضي الصحراوية المحررة، في نوفمبر 2021، للاستهداف من قبل طائرات من دون طيار تابعة للجيش المغربي، وهي الحادثة التي تزامنت وازدياد منسوب التوتر بين البلدين، بحيث أقدمت الجزائر في تلك الأيام على وقف العمل بأنبوب الغاز المغاربي – الأوروبي الذي يربط الجزائر بإسبانيا مرورا بالتراب المغربي،
وكان يحصل المغرب بموجب ذلك على كميات معتبرة من الغاز بالإضافة إلى أموال في شكل سيولة.
وعادة ما يكون استهداف الجيش المغربي للرعايا الموريتانيين المنقبين عن الذهب بالطائرات من دون طيار، مرتبط بطبيعة العلاقات المغربية – الموريتانية، وفي الحالة الأخيرة التي قضى فيها منقبون موريتانيون على يد الجيش المغربي، سبقتها حادثة لم ترق للمغرب في علاقاته مع موريتانيا.
فقد وجهت الرباط قبل نحو أسبوع دعوة للسلطات الموريتانية من أجل المشاركة في اجتماع بمدينة مراكش المغربية، خصص لبحث مبادرة الولوج إلى الأطلسي التي أطلقها المغرب والموجهة لدول منطقة الساحل (مالي والنيجر والتشاد وبوركينا فاسو)، غير أن نواكشوط لم تتجاوب مع هذه الدعوة، الأمر الذي خلّف تساؤلات كثيرة لدى الصحافة المغربية، التي قرأت في هذا الغياب اصطفافا إلى جانب الجزائر على حساب جارتها الغربية.
وقرأت الصحافة المغربية في عدم مشاركة موريتانيا في اجتماع مراكش التنسيقي، ضربة موجعة لهذه المبادرة، لأن مبادرة الولوج إلى المحيط الأطلسي لا يمكن أن ترى النور إلا بمشاركة نواكشوط، باعتبارها البوابة الرئيسية والوحيدة للمحيط أمام دول الساحل، في ظل استحالة انضمام الجزائر إلى هذه المبادرة باعتبارها مغربية.