توزيع موارد صندوق "دعم الصحافة" ... زيادة معتبرة للقنوات رغم تفاوت حضورها .... أرقام

3 أكتوبر, 2023 - 02:19

شهدت السنوات السابقة زيادة حصة القنوات التلفزية والإذاعات من موارد صندوق الدعم العمومي بصورة معتبرة، قياسا بما كان مخصصا لها من موارد الصندوق، وذلك على حساب الصحف والمواقع الإخبارية والمنظمات الصحفية

وكانت أول لجنة لتسيير وتوزيع الصندوق خلال السنة 2012 وكذلك لجنة 2013 قد خصصت مبلغ 28 مليون أوقية قديمة تستفيد منها القنوات في سداد ديونها المستحقة عليها لدى شركة البث حيث كان يتم تحويل هذه المبالغ إلى شركة البث مباشرة، وهو ما احتج عليه تجمع السمعيات البصرية الذي كان يرأسه حينها مدير إذاعة نواكشوط الحرة آنذاك محمد محمود أبو المعالي، حيث طالب التجمع بتحويل حصص القنوات والإذاعات إلى حساباتها الخاصة باعتبار أن سداد الديون مسؤولية ثنائية بين القناة أو الإذاعة وشركة البث وليست من مسؤولية الصندوق.

ومنذ 2012 وحتى 2019، حين كان الغلاف المالي للصندوق لا يتجاوز 200 مليون أوقية قديمة، ظل نصيب القنوات والإذاعات مستقرا على 28 مليون أوقية قديمة ليقفز مع الزيادة الأولى لغلاف الصندوق إلى 31,5 مليون أوقية. ولكن بعد 2020 تجاوز الغلاف المالي المخصص لهذه الإذاعات والقنوات مبلغ 70 مليون أوقية وهي زيادة كبيرة قياسا بعدد الإذاعات والقنوات المحدود جدا، والذي لا يتجاوز تسعا، بعضها لم يقدم أدنى خدمة للجمهور كالبرامج والنشرات والتقارير وغيرها، وهو ما يعني عمليا أنها لا تستحق أي دعم من موارد عمومية مخصصة للصحافة النشطة، والتي تلج للجمهور عبر برامجها وتقاريرها ونشرات أخبارها ...إلخ، فضلا عن أنها لم تحترم دفاتر التزامها، وهو ما يضع دعمها أمام إشكالية قانونية بحتة، قد تكلف اللجنة، والسلطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية، التي تعمل تحت وصايتها، ثمنا أكبر مما كان متوقعا.

ووفق معلومات "التواصل" فإن اللجنة الحالية لتسيير وتوزيع موارد الصندوق تسير في اتجاه رصد مبلغ يتراوح بين 70 و73 مليون أوقية قديمة للقنوات والإذاعات التسعة على أن تستفيد القناة التلفزيونية من مبلغ 12 مليون أوقية قديمة مقابل قرابة 5 ملايين أوقية قديمة للإذاعات، وتستوي في هذه المبالغ القنوات والإذاعات الفاعلة في المشهد الإعلامي وتلك "الميتة سريريا" وهو ما يعني غياب معايير موضوعية نزيهة وشفافة لصرف موارد عمومية من أموال دافعي الضرائب.

وإذا أقرت اللجنة المكلفة صرف هذه المبالغ على هذا النحو فإن ذلك قد يعرضها للمساءلة القانونية والطعن لدى القضاء فضلا عن استدعاء المفتشية العامة للدولة للتحقيق في هذه التجاوزات بحق أموال دافعي الضرائب. هذا فضلا عن مشروعية دعم قنوات و(مواقع) مملوكة لبعض أكبر رجال المال والأعمال في موريتانيا.

وفي المقابل كانت الصحف تحظى بمبالغ معتبرة من موارد الصندوق، ولكن مع تقلص عدد الصحف المنتظمة، استقر المبلغ المخصص لدعمها عند مبلغ يناهز 28 مليون أوقية قديمة، ومنذ 2020 لا تستفيد الصحف الأكثر انتظاما من هذه المبالغ وإنما تستفيد منها صحف أحد التجمعات الناشئة والتي توصف في الساحة الإعلامية بــ"الصحافة شبه الرسمية"، حيث لا يضم تجمعها المذكور سوى ثلاث صحف بين منتظمة وشبه منتظمة اثنتان منها فرانكفونيان، أي تخاطبان جمهورا لا يتجاوز 28% من المواطنين، لكنها مدعومة من جهات نافذة، فيما تحظى الصحف الأكثر انتظاما بالفتات، حيث كان بعضها، قبل زيادات مخصصات الصندوق، يحظى بأكثر من مليوني أوقية، وهو مبلغ لم يتغير مع الزيادات التي تجاوزت 60 بالمائة. أي أن المتضرر الأكثر من هذا التسيير هو الصحف التي تنتسب لتجمع صحفي أصبح محروما من حقه في التمثيل في لجان الصندوق منذ وصول النظام الحالي. وهي مفارقة غريبة في عهد "الإنصاف" ؟ّ!.

وفي المقابل لم تعد المجموعات الإعلامية، التي تضم أربع وسائط إعلامية أو أكثر، وبلغتين مختلفتين، تحظى بأي اعتبار حيث لا يتم احتساب ولوجها للجمهور ولا التكاليف الباهظة التي تنفقها إداراتها على الصحفيين والعمال والطباعة والتوزيع والانترنت والتكاليف الثابتة كالمقر وغيرها، إذ يفترض أن تحظى بمبالغ تفوق ما تحصل عليه القنوات والإذاعات بــ"حيّها وميّتها" ولكن لغياب معايير شفافة وموضوعية يتم التعاطي بكثير من الزبونية مع مختلف ملفات الجهات المستفيدة من الدعم العمومي هذا ؟!!.

وفيما يتعلق بالمواقع الإخبارية فإن المبالغ المخصصة لها قفزت من 70 مليون أوقية إلى 130 مليون أوقية ســ"تستفيد" منها قرابة 300 موقع متفاوتة الحضور والتأثير والأداء. مقابل أكثر من نصف هذا المبلغ لصالح 9 قنوات تلفزيونية وإذاعية بعضها "ميت سريريا" كما يصفه الإعلاميون.

وليست المنظمات الصحفية أكثر حظا بعد سنوات الصندوق الأولى، حيث يخصص لها قرابة 14 مليون أوقية قديمة تستفيد منها أكثر من 25 منظمة صحفية ليس بينها سوى ست منظمات فاعلة في المشهد الإعلامي من خلال التكوين والمساهمة في ترقية وتجسيد مهنية الحقل الصحفي.

ولا شك أن القارئ يستطيع بسهولة كبيرة، وهو العارف بواقع الساحة الإعلامية، سمعية بصرية، مكتوبة وإلكترونية وغيرها، أن يقارن بين أعداد المستفيدين حسب تصنيفهم والمبالغ المخصصة لكل "صنف" حيث سيدرك ببساطة غياب معايير الشفافية والنزاهة في هذه "القسمة الضيزى" المفروضة على الحقل قسريا منذ تفردت به جهات بعينها ولحاجة في أنفس يعاقيب، فقط.

"وكالة التواصل"

إضافة تعليق جديد