ميثاق/متابعات
انعقد في مدينة طوبى اليوم الثلاثاء الحفل الرسمي للنسخة ال129 لمناسبة مغال طوبى بحضور الناطق باسم الخليفة العام للطريقة المريدية ووزير الداخليةة٦ السنغالي أنطوان فليكس جوم والوفد الحكومي المرافق له، وشخصيات دبلوماسية وسياسية ودينية واجتماعية...
وقد أشاد وزير الداخلية السنغالي في كلمة له خلال الحفل دور البيوتات الدينية في الحفاظ على الموروث السلمي للبلاد.
وأكد في سياق متصل على أنه في هذه الفترة التي تشهد فيها عدة دول اضطرابات أمنية وسياسية ستقوم الحكومة السنغالية باتخاذ جميع التدابير اللازمة للحفاظ على الأمن والاستقرار في السنغال.
شارك في مناسبة مغال طوبى 2023 نحو 5.875.536 شخصا، حسب الإحصائيات التي قامت بها اللجنة التنظيمية لمناسبة " مغال طوبى" بالتنسيق مع خبير الإحصائيات السيد " مبارك لوح".
ولأول مرة يصل عدد المشاركين في مغال طوبى إلى هذا العدد، ففي عام 2015م كان العدد أربعة ملايين شخص حسب اللجنة التنظيمية.
مغال طوبي ثاني أكبر تجمع سنوي للمسلمين حول العالم.. "مغال طوبى" أو " مناسبة طوبي " في مدينة طوبى السنغالية
يحرص "محمد مرتضى سيلا" سنوياً، وبالتحديد في 18 صفر، على حضور أكبر احتفال ديني تشهده القارة السمراء، وهو ما يُعرف بـ"مغال طوبى"، وتعني باللغة الولوفية المحلية "احتفال طوبى". ملايين المسلمين من إفريقيا يشاركون في الاحتفال الذي أطلقه الشيخ أحمد بمبا إمباكي رحمه الله (1853-1927)، مؤسس المذهب الصوفي المريدي، وصاحب النفوذ الديني والسياسي والاقتصادي في غرب إفريقيا. مرتضى سيلا ليس من أحفاد الشيخ الراحل، لكنه يعتبره أباً لكل "مريدي"، ويعتنق أفكار مذهبه الصوفي الذي تأُسس على مبدأ الطاعة الكاملة، والعمل الجاد، وإنكار الذات. "الجميع هنا يعتنقون أفكار المذهب المريدي، خاصة في مدينة طوبى التي أسسها الشيخ أحمد بمبا، والتي يبلغ تعداد سكانها أكثر من ثلاثة ملايين نسمة"، يقول لرصيف22. INSIDE_MagalTouba1 تُطلق على هذا الاحتفال تسمية "الحج" ويُعتبر ثاني أكبر تجمع سنوي للمسلمين حول العالم، ويراه بعض المُريدين كعيد الأضحى الثاني، إذ أمر الشيخ أحمد بمبا أتباعه بتقديم ذبائح في المناسبة التي يوافق تاريخها تاريخ يوم عودته من "الغيبة البحرية"، وهو مصطلح يُقصد به الفترة التي قضاها في منفاه في الغابون، لنحو ثماني سنوات. واعتبر الشيخ نفيه على يد الاستعمار الفرنسي "شدة كبيرة"، وعودته زوال لها يقتضي الشكر، ورأى أنه غير قادر بمفرده على تقديم هذا الشكر، فناشد أتباعه بمساعدته في ذلك، بالذبح والذكر وقراءة القرآن. بعض المشاركين يذبح "دجاجة" وبعضهم الآخر يذبح "عجلاً"، كُلٌّ بحسب إمكاناته المالية. لكن الذبح "تقليد من تقاليد هذا اليوم"، بحسب مرتضى.
مدينة طوبى "المقدسة"
تقع طوبى في المنطقة الوسطى من السنغال، على بحد نحو 190 كيلومتراً من العاصمة داكار، واتخذها الشيخ مدينة للاعتكاف والخلوة الروحية. لكن، ومع بداية السبعينيات من القرن الماضي، تطورت كثيراً، وتحوّلت إلى عاصمة اقتصادية. تبدأ تحضيرات الاحتفال قبل إحيائه بأكثر من ستة أشهر، وتُدعى إليه جميع البعثات الدبلوماسية ورئيس جمهورية السنغال الذي يحضر بنفسه أو يُرسل نيابة عنه وفداً رفيع المستوى. أكثر من أربعة ملايين شخص من كل أنحاء إفريقيا وبعض الزوار من أمريكا الجنوبية وآسيا وحتى أوروبا يجتمعون كل عام في المدينة، لزيارة ضريح الشيخ أحمد بمبا المقام في داره الذي تحوّل بعد توسيعه إلى مسجد كبير يحوي عدداً من أضرحة خلفائه وشيوخ المريدية. INSIDE_MagalTouba4 وبحسب الرحالة التونسي مهدي بلحاج، تُقدّم في كل حي القرابين والأضاحي من الأبقار المُعدّة للذبح وإطعام الحجيج، وتعلو أصوات الأغاني الصوفية في كل مكان، خاصة تلك التي كتبها الشيخ المؤسس بنفسه، مدحاً للرسول. ويقول بلحاج لرصيف22 إن "آلاف الحجيج المبتهلين والمصطفين أمام أبواب المسجد يخلعون نعالهم وينتظرون دورهم للدخول إليه. وفي وسط ذلك الزحام قد تضطرّ للوقوف ساعات وساعات تحت أشعة الشمس الحارقة، إنْ لم تكن من أهل الحظوة". داخل المسجد الكبير، يوجد ضريح الشيخ: قبر عاجي وسط قفص ذهبي كبير. يهمّ كل حاج يمر بجانبه بالدعاء، وإلقاء مبلغ من المال داخله، ويقوم اثنان من الخدم داخل القفص بكنس الأموال وآخر بجمعها داخل صناديق ضخمة. الجميع يقف خاشعاً عند نوافذ الغرف، والبعض يبكي عند صورة الشيخ الوحيدة، أما البقية فيصلّون عن الأضرحة المُنتشرة هنا وهناك. INSIDE_MagalTouba7 أما دار الشيخ فهي مُخصصة لاستضافة أبرز الشخصيات الدينية والسياسية من السنغال وخارجها. ومن طقوس الزيارة أيضاً بحسب ما روى الباحث في الشأن المريدي أبو مدين شعيب تياو لرصيف22 زيارة المعالم الأثرية للمدينة، ومنها مكتبة الشيخ الخديم (أي خادم الرسول، وهو الشيخ بمبا)، التي تضمّ مخطوطات وكتباً ومصاحف مكتوبة بخط يد أبناء الشيخ وأحفاده. كما تُعقَد المحاضرات الثقافية، وأكثرها شهرة المحاضرة السنوية التي تُعقد مساء يوم الاحتفال بالمغال بعد صلاة العشاء، ويحضرها علماء ومفكرون، وتتطرق إلى أحداث الأمة الإسلامية بشكل عام، والسنغالية بشكل خاص. ولأهمية هذه الندوات تتم طباعة نصوصها في كتب. وفي اليوم التالي للاحتفال، تكون الجلسة الرسمية التي يحضرها الخليفة (خليفة المريدين)، والرئيس السنغالي أو مبعوثه، والوفود الدبلوماسية من البلدان المشاركة في الاحتفال.