ردي على منشور الأستاذ: الحسن مولاي علي /رطانات_ازناكه/ د/السالم بن دريد بن عبود

27 يوليو, 2023 - 10:41

بعد كامل التحية أقول للأستاذ الكريم المبجل الحسن مولاي على: 
ما كان بودي أن تكون  -وأنت صاحب إذاعة التنوير - ممن يخوض في أمر تاريخي تمس فيه من شريحة كبيرة من شعبك بكلام إنشائي لا أراه مناسبا لمقامك ... فليتك حين قررت  الإدلاء بدلوك أن تلتزم العلمية والتوثيق فيما كتبت .... وعلى كل حال فإن صنهاجة  وبني حسان  مجتمع واحد لا يمكن دق إسفين بينه لذا أقول لكم وبكل صدق

أنعم ببني حسان وأكرم وهذا مما نتفق عليه وليس محل بحث ولا جدال وهم مكون أساسي من مكونات أرض البيظان.....

وأما غمزك في السكان الأصليين فهو أمر  لا ينفعك ولا  يضر صنهاجة.

وأما دعواك  أن مجتمع البيظان لم يعرف سوى (رطانات أزناكه) - بين ظفرين- إلى  القرن الثامن  ثم دعواك أن ذلك "من ثوابت التاريخ بلا مراء" 

فعن أي ثوابت وعن أي  تاريخ يا أستاذنا الفاضل  تتكلم... فأين المصادر التاريخية التي أفصحت عن ذلك، وأين المراجع التي أماطت اللثام عنه ؟! 

إن انحسار الصنهاجية أمام لغة القرآن ليس أمرا مستغربا   فقد سبقتها إلى ذلك لهجات عربية في جزيرة العرب .. وذلك مفهوم فلغة القرآن هي لغة الإسلام ولا تصح بعض العبادات إلا بها لذا لا غرو أن يكون انتشارها بانتشار الإسلام ..

وإليك ما قاله العلامة: عبد الله كنون في كتابه #النبوغ_المغربي:

" ولقد سارت العربية في المغرب  أول الأمر بسير الإسلام، مترسمة خطاه، متتبعة آثاره
وفي خلافة عبد الملك بن مروان وعلى يد أحد ولاته في إفريقية... حسان بن النعمان الغساني:" دونت الدواوين في المغرب ورسمت اللغة العربية أي جعلت لغة الدولة الرسمية، فوجب بذلك تعلمها على السكان... المسلمين، وغير المسلمين. ج 1/ص ٤٢.

ومصداق ذلك خطبة طارق بن زياد التي طبقت الآفاقَ شهرتُها، وحُفظتْْ في كل ذاكرة كلماتُها؛ والتي ألقاها 28 رمضان سنة 92هـ فألهب  بها النفوس وكان لها التأثير الكبير في شحذ عزائم الجند وتقوية إرادتهم  مع أنه هو  وأكثر الجنود إما من صنهاجة أو البربر.. مما يدل على سرعة انتشار العربية في القوم كسرعة انتشار الإسلام فيهم...

وقد أورد نص الخطبة كاملة كل من:
1- ابن خلكان: في وفيات الأعيان 5/321، 322،
2- المقري: في نفح الطيب 1/240، 241. 
3-ابن عذاري: في البيان المغرب 2/6،
4-الحميري: في الروض المعطار ص35.
5- حسين مؤنس: فجر الأندلس ص72

وإذا كان هذا قد حصل في القرن الأول في عموم المغرب فلا بأس    أن ننتقل إلى أرض البيظان التي هي محل النقاش وخاصة تحت إمارة أبنائها المرابطين 

والتتأمل أستاذنا المكرم ما ذا قال العلامة: عبد الله بن كنون في سياق كلامه على اهتمام أمير المسلمين يوسف بن تاشفين بالأدب وأهله: 

" وهذا الخبر وحده كاف في الدلالة على ما كان ليوسف من عناية بالأدب وأهله، والفن وأربابه،حتى الجواري المغنيات المؤدبات..! ولا غرو فتلاميذ مدرسة ابن ياسين  أقل ما يتوفر فيهم المعرفة باللغة العربية، على أن النبغاء في العلم والفقه من اللمتونيين قد ظهروا قبل دخول ابن ياسين إلى الصحراء وقد تقدم  ذكر بعضهم في العصر السابق"
انظر النبوغ المغربي ج/1/ص82.

وفي الحديث عن زمنهم  يقول:
" وظهر في هذ العصر أيضا الاشتغال بالعلوم الأدبية واللسانية
من نحو ولغة، وشعر وكتابة".... إلى أن يقول:
وشارك الأمراء المرابطون، والرؤساء منهم في طلب العلم والتحصيل، فنجد مثلا أبا الحسين بن سراج وهو من أعلم الناس بالنحو وأشعار العرب وحكاياتها ولغاتها وأخبارها، يجتمع إليه للسماع منه نحو الخمسين من رؤساء الملثمين من مهرة الكتاب كأبي عبد الله بن الخصال وتلك الطبقة. انظر كتاب النبوغ ج/1/ص73. 

ولا يستغربُ هذا إلا مَن لم يطالع المراجع.. فهذا عبد الواحد المراكشي المتوفى 647هـ يقول في كتابه  المعجب: 

 "وانقطع إلى أمير المسلمين يوسف بن تاشفين من الجزيرة  من أهل كل علمٍ فحولُه، حتى أشبهت حضرته حضرة بني العباس في صدر دولتهم..
واجتمع له ولابنه من بعده من أعيان الكتاب وفرسان البلاغة ما لم يتفق اجتماعه في عصر من الأعصار". انتهى منه.

 وبعد سقوط دولة المرابطين تأسست حاضرة  تنيگي في أواخر القرن السادس الهجري
فكانت مدينة العلم وحاضرة الإشعاع الثقافي ومركز الاقتصاد..

وفي كتاب: #إمارتا_إيدوعيش_ومشظوف يروي العلامة الشيخ باب بن الشيخ سيديا في سياق حديثه عن ازدهار  تينگي العلمي: " إنه كان في تنيگي أربعون جارية فارقة تحفظ الموطأ".

لذلك لا غرو أن يرتبط بها تأسيس كثير من التقاليد العالمة في هذه البلاد.. وليس مصطلح المحظرة منا ببعيد فأول ذكر معروف لمصطلح "المحظرة" إنما عرف فيها حيث نجده مرتبطا باسم أحد العلماء المشهورين الذين عاشوا فيها وهو المختار بن الطالب أند عبد الله المعروف "بالطالب محظرة.

أستاذنا المكرم الحسن مولاي علي   هذا هو حال القوم في القرن الرابع وبداية الخامس..  والسادس والسابع. وإذا كان الأمر كذلك فإن صنهاجة قد تمكنوا من ناصية الفصحى وشيدوا الأربطة وأشاعوا النهضة العلمية وأقاموا الدول....
قبل "تغريبة" بني هلال وبني سليم الذين ترافقهم طوائف من بينها معقل الذي ينتمي إليه ذوو حسان

وعليه فإن دخول الفصحى لأرض البيضان له عدة أسباب:

1- دخول الإسلام وانتشاره ..لأن العربية لغته ولسانه.

2-  ترسيم اللغة العربيه على يد أحد ولاة الخليفة عبد الملك بن مروان في إفريقية وهو:
حسان بن النعمان الغساني 

فإن كان هو الذي تنسب إليه الحسانية  والتعريب فهذا مفهوم  ومقبول فهو أول من فرضها ورسمها في المغرب الكبير  حيث أصبحت لغة التعليم، والتوثيق، والإدارة، والتأليف في شتى الفنون ... 
لذلك لا غرو  إذا لم يعرف صاحب الوسيط  #حسان الذي تنسب إليه الحسانية  حيث يقول: (يسمونها الحسانية وما أدري ما هو حسان هذا) انظر الوسيط  ص486. لأن كتب التاريخ لم تذكر حسانا آخر قام بترسيم العربية وجعلها لسان الإدارة غير حسان بن النعمان الغساني هذا.
 ومن لديه معلومة ثابتة فليتحفني بها وأنا له شاكر.

3- ما قام به المرابطون  من اهتمام منقطع النظير باللغة والأدب ولابأس أن نعيد لك ما ورد في كتاب النبوغ المغربي
 في ج/1/ص73.  حيث يقول عن زمنهم:
" وظهر في هذ العصر أيضا الاشتغال بالعلوم الأدبية واللسانية
من نحو ولغة، وشعر وكتابة".... إلى أن يقول:
وشارك الأمراء المرابطون، والرؤساء منهم في طلب العلم والتحصيل، فنجد مثلا أبا الحسين بن سراج وهو من أعلم الناس بالنحو وأشعار العرب وحكاياتها ولغاتها وأخبارها، يجتمع إليه للسماع منه نحو الخمسين من رؤساء الملثمين من مهرة الكتاب كأبي عبد الله بن الخصال وتلك الطبقة...إلخ   

4- ومما ساهم في ثراء العربية بين العامة القوافل التجارية.

وإنما قلت العامة...؛ لأن غيرهم من أهل العلم والتوثيق  والإدارة  قد امتلكوا ناصية الأدب واللغة وسائر العلوم الإنسانية كما سبق.

فإن سألتني  عن هجرة عرب  المعقل  إلى أرض البيضان وما ذا حصل لتلك  الهجرة؟
أقول
لما وصل عرب المعقل فيما بعد في نهاية القرن الثامن استكمل القطر عناصر سكانه... واستوعبهم مجتمع البيضان واندمجوا فيه .... وتأثروا بلهجته البيضانة، كما  تأثر هو أيضا بهم وازداد ثراءً... 
وتتجلى مظاهر تأثر تلك القبائل العربية في عدة نقاط منها على سبيل التمثيل لا الحصر:
1التأثر به في تسمية النباتات والأعشاب:
تيشط تيتارك تيكفيت تورجة تيدنوار تادريصة تيدومة ايون
ايكنين آتيل اوروار ازكزيك ارماش ازكاف امجيج أبيلة 
تيدشمة إنيتي تشيات اصبط ايزكلم سانقو بافريوة آكنات  آز 
ادلكان افرنان آكلال آمور شركاش فندي لكواز فلارة 
تاطرارت آكرناف اماسين اتنقلاية تنتركل تيجب  آدرس اندرن ادار الزوانة املي آسار آجرور امزرقد تاجة لمنجد آلخص ازنين باوية تكسراريت تنبهرليت تنقة تقية تجمخت العكريش تقليت بشنة تاتكليت تكجرت متري اكلمام...

2-التأثر به في تسمية الأماكن :
انواذيب انوامغار تيجريت تازيازت انواكشوط انشيري اكجوجت آدرار آزوكي شنقيط أوجفت تنيكي ودان توزيكت 
آلاك لبراكنه "أبركان "آفطوط الترارزة "ترازه" تيكنت آجوير 
بوتلميت تنويش تيفريت أمندور شمامة "تشمامت"تيمرزيكت 
تنكراش أكرج أكرراي اتوجكجيت آمريشه تويكرنيت اغوديت انواشيد تيميجيجات إكرجان إكفان إغلمبيت تجكجه تيشيت توميراتن تيبراتن أشتف جوك كامور كرو اتيغديون انتاكات تن طهره انواكلين كنديكه آمرش أفله 
سوفه تامشكط تكبه أودغست الطينطان تنبدغه ولاته آسكر....

3-التأثر في تسمية الطيور: أيبار تاوكت إلخ... 
4-التأثر في تسمية الأدوات المنزلية: آسلاي تاسفره آكرط التاديت إلخ. 
5- التأثر في تسمية الحيوانات: آوداش آفوك تافكيت آغجل... إلخ. 
6-التأثر في تسمية الآلات الموسيقية والغناء آزوان وآلاته. اتيدينيت آردين وغير ذلك مما هو معروف لدى الجميع.

وفي الأخير أؤكد للأستاذ: الحسن مولاي علي إنما رددت على منشوره تحيزا للحقيقة لا غير.
فمكونات هذا الشعب بمختلف ألوانه وأعراقه من ضفته إلى شماله ومن شرقه إلى غربه، تاج رأسي ولواء فخري. 

أدام الله الألفة والمحبة بين الجميع وحفظهم وحفظ بهم وطنهم

كتبه/د. السالم بن دَيْدَّ بن عبود

إضافة تعليق جديد