بسبب المعاملة الهمجية أضاحٍ تنتحر من الشرفات وأخرى تهرب يوم النحر

28 يونيو, 2023 - 18:10

-يتكبّد المواطن الجزائري الكثير من العناء، لتأمين ثمن أضحية العيد. لكنه، حين يشتريها ويصحبها إلى بيته يُسيء معاملتها، ولا يرأف لحالها، ولا يُحسن الحفاظ عليها. الأمر الذي يزيد من حوادث قفز الأضاحي من الشرفات، أو هروبها يوم النحر، لجهل الكثير بآداب معاملتها، وخاصة لحظات الذبح، ولعدم إدراكهم أن ذلك كفيل بالتأثير على جودة لحومها.
مشاحنة ومناطحة وترويع وتعذيب
من منحها للأطفال ليتسلوا بها، إلى المشاحنة والمناطحة بينها، وصولا إلى الهمجية في التعامل معها عند الذبح، بضربها قصد إخضاعها. زيادة على ذبحها أمام بعضها البعض، وإظهار السكين لها.. هي كلها تصرفات همجية تهيجية للأضاحي، ما قد يدفع بها إلى القفز من الشرفات، أو الهرب لحظة النحر، رغم أن الإسلام نهانا عن تعذيب الأضحية، بحجة الذبح. وهذا، ما التمسه الطبيب البيطري، نوفل درويش، صاحب عيادة نوفل لطب وجراحة الحيوانات بميلة، حيث يؤكد قائلا: “للأسف.. تصلنا الكثير من حالات الإصابات والصدمات، خلال عيد الأضحى المبارك. سواء بسبب تحريض الأضاحي على المبارزة أم بسبب سوء معاملتها. وعادة، ما يتعلق الأمر بكسور في فقرات الرقبة، أو في أحد الأطراف، أو حتى في القفص الصدري. كما تصل عيادتنا، كذلك، حالات لكباش قفزت من الشرفات، بسبب إهمال أصحابها. وهو، عادة، ما يؤدي إلى نزيف داخلي، ينتهي بموت الأضحية، خاصة إذا كان ارتفاع القفز كبيرا.”
من الهدي النبوي الرفق بالحيوان
وعل عكس كل تلك الهمجية، التي صرنا نعامل بها أضاحينا، فإن الهدي النبوي الشريف حثنا على الرفق بالحيوان. يقول الأستاذ بلقاسم. ز- مختص في الشريعة الإسلامية-: “لقد كان من سنته- صلى الله عليه وسلم- الرفق بالحيوان والرأفة به. فلم يكن يضربه ولا يُعذبه ولا يُرهقه. ولا يربطه في الشمس، بل يركنه في الظل.كما كان يُريح الأضحية عند ذبحها. فلا ينحرها بسكين ثلمة. ولا يضربها بأداة قاسية أو حادة، ليُضعف قوتها، أو يطعنها لتنزف قبل نحرها. ولا يمنحها للأطفال، ليلعبوا ويعبثوا بها. ولا يُرعبها بسكينة أو بذبح أختها أمامها. ولا يجعلها ترى مشاهد الدم. ولا يُخيفها، إذا أقبل عليها أو ليمسك بها. ويطرحها برفق ولُطف، ويذبحها بسكين حادة، حتى لا يُعذبها بإطالة شعورها بالوجع والألم.”
ترهيب الأضحية وتعذيبها ينتج لحوما مسمومة
ولأنه لا ينطق عن الهوى، فلقد جاءت الدراسات الحديثة لتكشف الحكمة والسرّ من وراء ذلك الهدي النبوي، القاضي بعدم ترويع وتعذيب الأضحية. فلقد بيّن خبراء تغذية الحيوانات حديثا أن الإجهاد الحركي للأضحية وترويعها قبل الذبح، يؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة عضلاتها. وهذا، ما يؤثر على جودة لحومها، بسبب تكوّن أحماض بداخل العضلات، تنتج لنا لحما مسموما متغيرا لونه، وطعمه ورائحته. وبالتالي، من الضروري جدا، إراحة الأضحية قبل ذبحها وعدم ترويعها، لأن تعنيفها يؤدي إلى إهدار طاقة عضلاتها.. وبالتالي، تراكم بكتيريا بلحومها، ما قد يصيب مستهلكيها ببعض الأمراض الناجمة عن اللحوم الملوثة. ولهذا، كما يُضيف الدكتور البيطري، نوفل درويش، فإن “العناية النفسية بالحيوان، من أهم العوامل التي يجب أخذها بعين الاعتبار، في أثناء نقل الأضحية من المكان الذي وُلدت وكبرت فيه إلى مكان آخر، أو حين انتقالها من العيش ضمن قطيع إلى العيش بمفردها، ما قد يُسبب لها توترا كبيرا، ينعكس على جودة لحومها. هذا، إضافة إلى بعض الأخطاء التي يمكن أن يرتكبها من يقوم بذبح الأضحية، إذا لم يكن مُتمرّسا، فتؤدي إلى بقاء كمية من الدم داخل الأعضاء الحيوية للحيوان، وخاصة الرئتين، ما يجعلها غير قابلة للاستهلاك.”
آداب ذبح الأضحية
لنحر وذبح الأضحية، يضيف محدثنا، آداب ينبغي التقيد بها، لتفادي ترويعها، وما قد ينجر عنه من هروبها أو تأثر نوعية لحمها، ومنها:
-إن تعب الأضاحي يؤثر على جودة لحمها، ويجعل لونه غامقا. لهذا، من الضروري، إراحة تلك التي يتم جلبها من مناطق بعيدة لمدة 12 إلى 24 ساعة، قبل الذبح، خلال فصل الصيف. ومدة 10 ساعات، خلال فصل الشتاء.

-ترفق عند الذبح، وعاملها بعناية، فلا تجرها من مكان إلى آخر كي لا تهيجها وتثير غضبها.
-لا تجعلها ترى آلة الذبح، لأن ذلك من أكبر أسباب هرب الأضاحي في لحظات النحر.
-لا تذبح أضحية أخرى أمامها حتى لا تجزع وتهرب.
-لا تسلخها حتى تتأكد من تمام زهق روحها.

الشروق الجزائرية 

إضافة تعليق جديد