حيرة المواطن في تونس بين النعم ولا..

8 يوليو, 2022 - 12:37

من حق التونسي أن يسأل اليوم لمن يفترض أن يصوت يوم 25 جويلية تماما كما انه من حقه ان يفهم لماذا يتعين عليه ان يصوت “بنعم ” على دستور سعيد  أو أن يصوت “بلا”  على هذا المشروع أو أن يقاطع الاستفتاء , والاهم من كل ذلك  من حقه أن يفهم لماذا يتجه الى هكذا خيار وأن يجد لدى صاحب السلطة ونعني بذلك الرئيس قيس سعيد الاجوبة المقنعة للخروج من دائرة الحيرة لا سيما في خضم الجدل الذي عشنا على وقعه على مدى الفترة الماضية والذي سنعيش على وقعه مستقبلا قبل موعد الاستفتاء في 25 جويلية  …المؤسف بل المخيف فعلا أن الاجوبة لا تأتي وان أتت فانها لا تروي عطشا ولا ترفع هاجسا ولا تغير من الامر شيئا , فالمواطن يجد نفسه في بحرمن الاسئلة العالقة التي لا يمكن ان تجد لها بالتأكيد جوابا من خلال رسالة مسقطة موجهة للشعب التونسي على موقع رئاسة الجمهورية في غياب رئيس الدولة الذي تواجد في الجزائر للمشاركة في احتفالات الذكرى الستين للاستقلال يدعو فيها من يفترض أنهم مواطنيه للتصويت “بنعم” على مشروع داعيا التونسيين الذين لم يتحمل عناء مخاطبتهم مباشرة في شأن مصيري يتعلق بمصيرالاجيال ويحثهم  أن “قولوا نعم” للاستفتاء “حتى لا يصيب الدولة هرم وحتى تتحقق اهداف الثورة فلا بؤس ولا ارهاب ولا تجويع ولا ظلم ولا ألم .. وكلها عبارات أدبية جوفاء لا تلغي المخاوف ولا تزيل الانشغال ..

طبعا ندرك جيدا ان دستور 2014 كان ملغما لا سيما فيما يتعلق بنظام الحكم الهجين الذي مشهدا سياسيا متعفنا وكرس عقلية الغنيمة والسياحة الحزبية وأفسد حال البلاد والعباد, وكنا ولا نزال مقتنعين بأن تونس تحتاج لاصلاح الدستورو لم لا لدستورجديد يعيد تنظيم الحياة السياسية وفق القيم والمبادىء الكونية التي تفرض العدالة بين الجميع على أساس الدولة المدنية وقيم المواطنة تحت مظلة القانون تاج الجمهورية بعيدا عن العودة الى مربع الصراعات الايديولوجية والانسياق في البحث عن الانتماءات الحضارية و صراع الهويات والبحث في جنس الملائكة الذي كنا نعتقد اننا تجاوزناه …

لقد اخطأ سعيد بتأجيل الحواربشأن الدستورالى ما بعد نشر مسودة الدستور وكان يفترض فتح الحوارقبل ذلك على الاقل حتى يفهم العامة مكونات هذا الدستوروالهدف منه …وها انه بعد نشر مشروع  الدستورفي الرائد الرسمي نعود مجددا الى نقطة البداية مع تبرأ هيئة بلعيد منه واعتبارالعميد ان المشروع خطير على مستقبل البلاد.. ..والنتيجة اليوم كما نعيش على وقعها غموض على غموض في الوقت الذي تتفاقم فيه ازمات البلاد الاقتصادية و الاجتماعية ويرتفع التضخم بشكل غير مسبوق  وتتراجع الامال ويتفاقم الاحباط كل ذلك فيما تسجل جائحة كورونا عودتها و تفاقم المخاطر الصحيةو تعيد الى الاذهان كل الجروح و الماسي التي ارتبطت بالفيروس  الذي تسبب في وفاة اكثر من سبعو عشرين الف مواطن من مختلف الاعمار خلال السنتين الماضيتين …

 الواقع انه لا احد بامكانه قراءة المشهد  الراهن  و ما يمكن ان يحمله في طياته حيث يستقبل التونسي عيد الاضحى هذا العام وقد تفاقمت مشاعرالحيرة التي تعصف به وهوالغارق في مشهد سريالي ما كان لامهرالخبراء والمحللين السياسيين واخصائي علم الاجتماع توقعه او استباقه قبل نحو عقد من الزمن …

حيرة التونسي اليوم تتجاوز حدود الارتفاع المشط للاسعارالذي بات أمرا مألوفا حتى انه لا يكاد يمضي يوم دون تسجيل ارتفاع جديد يثقل كاهل المواطن الذي يغرق في الديون والاقتراض وهي حيرة تمتد الى المشهد السياسي الذي استعصى قراءته في ظل حالة الشد و الجذب بين مؤيد  معارض لدستور الرئيس ..و بين هذا و ذاك يعيش المواطن التونسي حيرة بين نعم للدستور الجديد بكل ما يعنيه ذلك من تداعيات قد ترتبط بهذا الخيار, وبين لا الرافضة بكل ما يعنيه ذلك ايضا من مخاوف بشأن قفز الاسلامي السياسي مجددا الى المشهد والاستفادة من هذا الانقسام .. كيف ستكون تونس بعد 25 جويلية ؟ تلك مسألة مؤجلة والايام كفيلة بكشف خفاياها..

آسيا العتروس

كاتبة تونسية

إضافة تعليق جديد