انقلاب بوركينافاسو وأزمة مالي يلغيان لقاء وزراء مجموعة الساحل والاتحاد الأوروبي

29 يناير, 2022 - 09:34

لم تعد محاربة الإرهاب الشغل الشاغل لدول الساحل ولا للاتحاد الأوروبي، بل إن الأولوية المطلقة لدى الجميع حالياً هي التعامل مع تبعات الأزمة المالية والانقلاب العسكري في بوركينافاسو التي هزت التنسيق الإقليمي والدولي المتواصل منذ سنوات لمواجهة الأخطار الأمنية المحدقة بمنطقة الساحل والتي تتجه للتمدد نحو أوروبا وبقية دول العالم.
وأول انعكاس خطير للأزمة المالية ولانقلاب بوركينافاسو هو تصدع مجموعة دول الساحل التي تضم موريتانيا ومالي والنيجر والتشاد ومالي وبوركينافاسو، بفعل خروج دولتين عضوين فيها هما مالي وبوركينافاسو عن النظام الدستوري، واضطرار بقية الأعضاء لإدانة ما يقع فيهما، بل لتطبيق الحصار الذي فرضته المجموعة الاقتصادية لغرب إفريقيا على مالي.
وأعلنت موريتانيا أمس على لسان المختار ولد داهي وزير الثقافة والشباب والرياضة الناطق الرسمي باسم الحكومة الانقلاب في بوركينافاسو، حيث أعلن الوزير “أن الحكومة الموريتانية تدين وترفض بشدة الانقلاب العسكري في بوركينا فاسو”.
وأضاف ولد داهي “أن موقف الحكومة الموريتانية من الانقلابات واضح، هو أنها ترفض أي تغيير يتم خارج النصوص الدستورية والقوانين المعمول بها في البلد الذي حدث فيه الانقلاب”.
ومن تفاعلات الحالة في مالي، اندلاع أزمة بين حكومة باماكو والدنمارك بعد أن طلبت حكومة مالي سحب المفرزة العسكرية الدنماركية التي وصلت إلى مالي ضمن عملية “توكوبا” العسكرية الأوروبية، وهو ما اعتبرته حكومة الدنمارك “مناقضاً للأساس الذي وصلت الكتيبة الدنماركية إلى مالي وهو طلب الحكومة الانتقالية المالية”.
وأكد وزير الخارجية الدنماركي، يبي كوفود، في تصريح له على هامش زيارة إلى بروكسل، أمس، أن “الوجود العسكري لبلاده في مالي يأتي بموجب دعوة واضحة من الحكومة الانتقالية المالية” ومع حلفائنا الأوروبيين وعلى رأسهم فرنسا”.
وفي إطار ردات الفعل لهذه الأزمة، أعلنت وزيرة الجيوش الفرنسية فلورنس بارلي، عن إطلاق بلادها “مشاورات معمقة” مع شركائها في قوة “تاكوبا” الأوروبية الخاصة، بعد مطالبة مالي بسحب الدنمارك قواتها من البلاد.
وعبرت بارلي في حديث نقلته وسائل إعلام فرنسية، عن “استيائها لموقف السلطات الانتقالية المالية، مضيفة أن المجلس العسكري الحاكم في باماكو يضاعف الاستفزازات”.
وأكدت بارلي تضامنها مع شركاء بلادها الدنماركيين “الذين تم نشرهم على أساس قانوني خلافاً لتأكيدات الطغمة العسكرية المالية”.
واضطر وزراء خارجية مجموعة الساحل والخارجية الأوروبية لتأجيل الدورة التشاورية السابعة التي كانت مقررة في بروكسل أمس الأربعاء بسبب مستجدات الأزمتين المالية البوركينابية.
غير أن وزراء موريتانيا والنيجر والتشاد ومالي انتهزوا وجودهم في بروكسل وأجرى كل منهم مشاورات على انفراد مع جوزيف بوريل مسؤول الشؤون الخارجية الأوروبية حول الأوضاع في مالي وبوركينافاسو وحول انتشار قوات مجموعة فاغنر المحسوبة على روسيا في عدة مناطق مالية.
وأكد جوزيف بوريل “أن الاتحاد الأوروبي مستمر في شراكته من أجل دحر الإرهاب في مالي وفي منطقة الساحل”.
وقال: “أريد أن أستمع لوزير خارجية مالي عبدولاي جوب، قبل أن يتخذ الاتحاد الأوروبي قراره بخصوص فرض عقوبات على النظام العسكري في مالي”.
وتأتي هذه التطورات بينما يلاحظ استمرار الانقلابات العسكرية في إفريقيا التي شهدت خلال الأشهر العشرة الأخيرة أربعة انقلابات عسكرية عزل خلالها ضباط الجيش رؤساء منتخبين.
ففي الفترة ما بين نيسان/ أبريل 2021 إلى كانون الثاني/ يناير 2022 ضربت حمى الانقلابات القارة الإفريقية، وبخاصة منطقة جنوب الصحراء الكبرى، التي شهدت 4 انقلابات، في بوركينافاسو، ومالي، وغينيا، وتشاد.
وكان أحدث هذه الانقلابات انقلاب بوركينا فاسو الحادي عشر في تاريخ هذا البلد الواقع في منطقة الساحل والصحراء والأكثر اضطراباً غربي القارة السمراء.
وشهدت القارة الإفريقية منذ استقلال معظم دولها من احتلال دول أوروبية في ستينيات القرن الماضي، أكثر من 200 انقلاب عسكري.
وتتعدد العوامل الدافعة للانقلابات في القارة السمراء، ومن أبرزها الفقر والفساد وهشاشة الاقتصاد والاضطرابات الأمنية المضطربة، والاستهتار بالمواثيق الديمقراطية، ولجوء العديد من الرؤساء لتمديد فترات حكمهم، إضافة للصراعات العِرْقية والقبَلية.

 

إضافة تعليق جديد