الرقابة على "ما وراء الإنترنت"..

8 نوفمبر, 2021 - 21:13

كل المؤشرات والتحولات تثبت وتؤكد أن الحالة الرقمية "التكنولوجيا" هي المحرك الرئيسي، الذي تعتمد عليه الحياة في القارات والدول والمجتمعات والأفراد، حاليا ومستقبلا..

والمؤكد أن كل تغير أو تطور يحدث على كوكب الأرض، نجد أن البعد الرقمي عنصر أصبح فيه حاسم، كما حدث ويحدث للحالة الصحية وجائحة كورونا، والحالة التعليمية في التعليم عن بعد، والحالة الاقتصادية في المعاملات الإلكترونية، والحالة البيئية والرصد الرقمي للتغيرات المناخية.

هذا الواقع بدوره أدى إلى التحول والاعتماد على الاتصالات في الحياة وكافة الأنشطة، ونتج عنه زيادة وطلب هائل على البنية الرقمية وتقنيات الإنترنت، وأيضًا فى مواجهة "الهجمات السيبرانية"، في ضوء التطور المذهل في تقنيات الإنترنت والذي تمكن معه مرتكبو الجرائم السيبرانية من جعلِها جرائم عابرةً للمدارات والحدود، كما يشهد العالم  نموًا متزايدًا فى أعداد مستخدمي الأجهزة والنظم الذكية، وتزايد الهجمات الإلكترونية المتعددة ومتنوعة المخاطر.
ولاشك أن الحكومة تبذل جهودًا واضحة ومستمرة لرفع كفاءة منظومة الاتصالات الرقمية، وتخفيف الآثار السلبية للتحولات والمتغيرات الراهنة والآجلة، وتطوير المنظومة الخدمية، فضلا استخدام شبكات "فايبر" لنقل البيانات، وتطوير الشبكات بين الأبراج والسنترالات، بالإضافة إلى جهود تطوير أداء الحكومة الرقمي وحوكمة أنشطتها.

ولتأمين المجتمع وأفراده والدولة ومؤسساتها فرضت الرقابة على الإنترنت، وأصدرت الدولة قانون جرائم تقنية المعلومات، باسم "مكافحة الجريمة الإلكترونية" في  أغسطس 2018، ويمنح القانون جهات التحقيق سلطة حجب المواقع تبث داخل الدولة أو خارجها، بوضع أي عبارات أو أرقام أو صور أو أفلام أو أية مواد دعائية، مما يعد جريمة من الجرائم المنصوص عليها بالقانون، وتشكل تهديدًا للأمن القومي أو تعرِّض أمن البلاد أو اقتصادها القومي للخطر.

وأصدر مجلس النواب أيضًا القانون رقم 180 لسنة 2018 بشأن تنظيم الصحافة والإعلام، والذي أعطى للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام سلطة حجب مواقع الوب لأسباب، منها نشر أو بث أخبارٍ كاذبة، أو ما يدعـــو أو يحرض على مخالفة القانون أو إلى العنف أو الكراهية، أو ينطوي على تمييز بين المواطنين أو يدعو إلى العنصرية أو التعصب، أو يتضمن طعنًا في أعراض الأفراد أو سبًا أو قذفًا لهم، أو امتهانًا للأديان السماوية أو للعقائد الدينية.

ولمجتمع المعلومات المصري وللحكومة جهود رائدة في هذا المجال على المستوى الإقليمي والعالمي، وتتم بالفعل عمليات حماية الأنظمة والشبكات والبرامج من الهجمات الإلكترونية بشكل جاد، حتى تصدرت مصر مركزًا متقدمًا في الأمن السيبراني، فقد حققت المركز الـ 32 على مستوى العالم من بين 182 دولة خلال العام 2020، طبقا لمؤشر الأمن السيبراني - cyber security" التابع للمركز الدولي للاتصالات.

إلا أن هناك ما هو ورواء الإنترنت.. وهو العالم الخفي المظلم للشبكة العالمية للمعلومات، هو الصور والأفلام الفاضحة، والتي تصدم مشاعر كل الفئات وتتسلل إلى الصفحات والمواقع بلا مانع أو رقيب، والمذهل أن هذه الصفحات والمواقع والصور تتزايد أعدادها وتقفز في وجوه المستخدم للإنترنت بكثافة تعوق الوظيفة الأساسية للموقع وشبكة الإنترنت، وتعوق الاستخدام الآمن للشبكة.

أين الرقابة، وأين التطبيقات عالية التقنية التي ترصد وتتابع وتحمي الحقوق والكرامة البشرية، وأين الدور المهم لوزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، ومعها الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات؟

وكما أن هناك جهودًا نشطة لحجب مواقع وروابط وتطبيقات تخالف القانون ولائحته التنفيذية، نرجو أن تنشط هذه الجهود الرقابية أيضًا لإيقاف هذا السيل من الجرائم الواضحة والفاضحة والمخلة بالذوق والقيم والأعراف.

لاشك أن حماية القيم والحفاظ على أخلاقيات المجتمع لا تقل أهمية عن حماية المنظومة الإدارية والاقتصادية والخدمية، بل تأتي أولا، وبعدها حماية الشبكات والأنظمة والبرامج والمرافق والخدمات، فالعبارات المخلة أو الصور والأفلام الخادشة للحياء تكون واضحة ومؤكدة ولا تحتمل المراوحة أو التأويل، وبالتالي فان الحكم عليها سهل، ولابد أن يكون سريعًا وحاسمًا وصريحًا ومعلنًا، قبل فوات الأوان.

لماذا لايتم التعامل مع جرائم خدش الحياء والصور الفاضحة والأفلام المخلة، بنفس الاهتمام بسرعة وحسم الجرائم الأخرى، باعتبارها جرائم بنص القانون، كما أنها تعرض القيم المجتمعية والأسرية للخطر، قبل أن يستفحل ضررها؟

نعلم إن الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات يدرس حاليا إدخال تقنيات الجيل الخامس للمحمول، وهو جهد جيد، إلا أن الاهتمام بالجيل الحالي من شبابنا هو الأولى والأهم..

ثابت أمين عواد

إضافة تعليق جديد