ناشطة حقوقية: نسعى لبناء السلام داخل ضحايا الاغتصاب بجنوب السودان (مقابلة)

3 أبريل, 2019 - 10:25

كريستين نغبازندى، الحاصلة على جائزة "بوند" في دعم ضحايا العنف الجنسي، تروي تجربتها للأناضول:

- نأمل أن يساعدنا تحسن الأوضاع الأمنية في معالجة الصدمات التي سببتها الحرب للنساء.
- النظرة السلبية للنساء المغتصبات دفع بعضهن للالتحاق بالجماعات المسلحة.
- أقود مبادرات تهدف لإعادة دمج ضحايا العنف الجنسي في مجتمعاتهن وأسرهن.
- فوزي بالجائزة منحني دفعة كبيرة وأكد لي أن العالم لا يزال يهتم بمعاناة النساء في جنوب السودان.
- الجائزة جرعة أمل للنساء والأطفال الذين عانوا كثيرا بسبب الحرب التي شهدتها البلاد.
- تراجعت جرائم الاغتصاب والعنف الجنسي التي كانت مرتبطة بالحرب في المنطقة بعد توقيع اتفاق السلام.
- أؤمن أن بلادي ستشهد سلاما دائما في القريب، لكن التحدي الوحيد الآن هو كيفية بناء السلام بعقول المستضعفات.

قالت كريستين نغبازندى، الحائزة على جائزة منظمة "بوند" العالمية للتنمية 2019 لدورها في دعم ضحايا الاغتصاب خلال الحرب بدولة جنوب السودان، إن التحدي الذي تواجهه حاليا يتمثل في إعادة بناء السلام في نفوس النساء والأطفال الذين كانوا طوال سنوات الحرب فريسة لبشاعة العنف الجنسي.

" نغبازندى" التي ارتكز عملها بولاية قودوي (غرب الاستوائية سابقاً / جنوب غرب) أعربت في مقابلة مع "الأناضول" عن أملها في أن يساعدها تحسن الأوضاع الأمنية بالمنطقة، وما رافقه من تراجع معدلات الاغتصاب المرتبطة بالحرب إلى تحقيق هدفها في معالجة بعض الصدمات التي سببتها الحرب للنساء وخاصة ضحايا العنف الجنسي.

وفي 5 سبتمبر / أيلول الماضي، وقع فرقاء جنوب السودان، في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، اتفاقًا نهائيا للسلام، بحضور رؤساء دول "الهيئة الحكومية للتنمية بشرق إفريقيا" (إيغاد).

وانفصلت جنوب السودان عن السودان عبر استفتاء شعبي في 2011، وشهدت منذ 2013 حربًا أهلية بين القوات الحكومية والمعارضة أخذت بُعدًا قبليا وخلفت آلاف القتلى والجرحى والمشردين.

وخلال سنوات الحرب، شهدت البلاد مستويات غير مسبوقة من العنف الجنسي، أسقط آلاف الضحايا من النساء والفتيات والأطفال.

على سبيل المثال، لا الحصر، في النصف الأول من العام 2018، تم الإبلاغ عن ألفين و300 حادثة اغتصاب بجنوب السودان، الغالبية الساحقة منها استهدفت نساءً وفتيات، وأكثر من 20 بالمئة من الضحايا كانوا من الأطفال، وفق بيان للأمم المتحدة، أواخر العام الماضي.

** تجربة شخصية

وبينت "نغبازندى" أنها استفادت كثيرا من تجربتها كلاجئة سابقة في الكونغو الديمقراطية بتسعينيات القرن الماضي، ما منحها القدرة والخبرة اللازمتين في علاج الآثار النفسية التي تسببها الحرب للنساء.

وتلقي الناشطة الحقوقية بالضوء على سبب اختيارها العمل في مجال دعم النساء ضحايا العنف الجنسي، اللواتي أنجب بعضهن أطفالا نتيجة للاغتصاب في مدينة يامبيو (عاصمة ولاية قودوي).

وتقول بهذا الخصوص: "علمتني تجربتي الشخصية، أن العمل الإنساني ومساعدة المحتاجين والشرائح المستضعفة خاصة النساء، مسألة حتمية وضرورية ، فانا أيضا كنت ضحية للحرب التي شهدتها منطقة جنوب السودان في العام 1990".

وتضيف "لجأت مع أسرتي إلى الكونغو الديمقراطية، وهناك شاهدت معاناة النساء والأطفال، وقتها كنت أبلغ من العمر 13 عاما، حينها قررت أن أعمل في المجال الإنساني مستقبلا".

وتتابع: "اخترت العمل في مناصرة قضايا النساء ضحايا العنف والاغتصاب بولاية قودوي، لأنني رأيت الكثير منهن بلا مأوى، كما اختار بعضهن الالتحاق بالجماعات المسلحة، نتيجة للنظرة السلبية من المجتمع نحوهن، لذلك اخترت أن أقود مبادرات تهدف لإعادة دمجهن في مجتمعاتهن وأسرهن، وتغيير تلك النظرة العدائية تجاههن".

** إعادة دمج الضحايا

متطرقة لجهودها في تكوين مجموعات عمل بولاية قودوي والدعم الذي لاقته من المجتمع المحلي تقول "نغبازندى" التي تعمل بمنظمة "ورلد فيشن":استطعت خلال عملي في السنوات الماضية تدريب حوالي 50 مجموعة من المتطوعين المحليين، من مختلف قطاعات المجتمع مثل القيادات الدينية، والنساء، والشباب، من مختلف مقاطعات الولاية".

وزادت بقولها :"تعمل تلك المجموعات على إيصال الرسالة التي تهدف لتوعية المجتمعات المحلية بأهمية قبول ضحايا الاغتصاب من النساء والأطفال الذين ولدوا نتيجة للاغتصاب كجزء منهم، وقد نجحنا من خلال العمل الجماعي في إعادة دمج عدد كبير من هؤلاء الضحايا مع أسرهم".

**إقناع الضحايا بتقبل أطفالهن

صعوبة كبيرة تواجهها كريستين نغبازندى والعاملين معها في إقناع النساء في احتواء أطفالهن الناجمين عن التعرض للاغتصاب.

وفي هذا الصدد تقول الناشطة: "كنا نقول لهم (ضحايا الاغتصاب) إن هؤلاء الأطفال هم هبة وعطية من عند الله، وإنهم سيصبحون قادة المستقبل الذين سيقومون ببناء جنوب السودان، لذلك يجب أن نقبل بهم باعتبارهم أبناءنا وبناتنا، علينا أن نوفر لهم الاهتمام والرعاية الكريمة".

وتستعرض "نغبازندى" إحدى قصص النجاح التي استطاعوا من خلالها دمج الضحية مع أسرتها بالولاية قائلة "نعم، لقد قمنا بمساعدة فتاة تبلغ من العمر 13 عاما بمدينة يامبيو، اغتصبها أحد المسلحين، بعد ان انفصلت عن أسرتها اثناء الحرب التي شهدتها المنطقة".

وتمضى مستدركة "حبلت الفتاة نتيجة الاغتصاب ووضعت مولودها وتركته في إحدى كنائس المدينة، لتغادر بعدها إلى قرية مجاورة".

"لكننا قمنا بمتابعتها وأخضعناها لجلسات مطولة للإرشاد النفسي، لتوافق في النهاية على العودة لرضيعها الذي أنجبته من شخص اغتصبها، كما استطعنا إعادة الفتاة لذويها الذين قبلوا بها وتفهموا وضعها وهي موجودة معهم حاليا بإحدى معسكرات النزوح بالمنطقة"، تضيف الناشطة.

** تجارب صعبة

لكن العمل في مجال دعم ضحايا العنف الجنسي، لا يخلو من المشاكل والتحديات التي عادة ما تواجه العاملين في المجال الإنساني بشكل عام.

تتذكر "نغبازندى" إحدى التجارب الصعبة بقولها "نعم هناك العديد من المشكلات التي تواجهنا، ففي العام الماضي حاول أحد الآباء تزويج ابنته القاصر لرجل يبلغ من العمر 56 عاما، كما هددها بالقتل إن رفضت".

وتضيف: "هربت الفتاة من المنزل نحو الغابة، وهناك تعرضت لاغتصاب من عدة رجال مسلحين، وهي الآن حامل، وبعد أن تدخلنا، شعر الأب أنه أخطأ في حق ابنته فأعادها إلى المنزل".

** دفعة وتحفيز

تقول "نغبازندى" إن فوزها بجائزة "بوند العالمية للتنمية" منحها دفعة معنوية كبيرة، وأكد لها أن العالم لا يزال يهتم بمعاناة النساء في جنوب السودان.

وتواصل: "الحصول على الجائزة سيحفزني على مواصلة العمل في مساعدة المزيد من النساء والفتيات المحتاجات لخدماتي وإدماجهن في المجتمع لمواصلة حياتهن بصورة عادية خالية من أية وصمة أو نظرة عيب".

وتؤكد الناشطة في مجال دعم ضحايا الاغتصاب والعنف الجنسي أن هذه الجائزة ليست لها فحسب وإنما "هي جرعة أمل للنساء والأطفال الذين عانوا كثيرا بسبب الحرب التي شهدتها جنوب السودان خلال السنوات الماضية".

** السلام المأمول

تحسنت أوضاع النساء بولاية قودوي على خلفية تراجع معدلات العنف الجنسي، بعد توقيع اتفاق السلام بين الحكومة و المعارضة في 5 سبتمبر / أيلول الماضي، تؤكد "نغبازندى".

وتضيف: "تحسن الوضع كثيرا منذ توقيع اتفاق السلام، حيث قلت جرائم الاغتصاب و العنف الجنسي التي كانت مرتبطة بالحرب في المنطقة".

وبنظرة أمل للمستقبل، تختم نغبازندى حديثها للأناضول قائلة "أؤمن أن بلادي ستشهد سلاما دائما في القريب العاجل، لكن التحدي الوحيد أمامنا الآن هو كيفية بناء السلام في عقول النساء المستضعفات، والأطفال الضحايا الذين اختبروا بشاعة العنف والحروب، وإحياء الأمل في نفوسهم من جديد".

الاناضول

إضافة تعليق جديد