النص الكامل لتصريح د. بدي ابنو حول قضية فيديوهات التعذيب بموريتانيا

21 نوفمبر, 2017 - 14:05

هذه قضية أكثر من مركزية ولا يمكن السكوت عنها ولا السكوت عليها. و"التفويض" بشأنها يعني مواجهتها بحق وجسارة.

تَلزم محاكمة المنفّذ والمفوض ومن فوضَ المفوض ومن فوضه المفوض. وإلا فما الإرهاب؟ أليس الإرهابُ هو أولا وقبل كل شيء اعتداءً بَدَنيا أو نفْسيا يَنْشُر الرعبَ عشوائيا بين مجموعة من المدنيين العزل؟ هذا تحديدا ما يُتهم به بعض عناصر البوليس والجيش الموريتاني. ما لم يُحاكم المتهمون في جرائم التعذيب فلا جدية للعدالة الموريتانية، ولا مصداقية لها، ولن تعدو كونها النقيض الرياضي لما به ...تتسمى. هنا، هاهنا يَكمن الفرقُ ـ الفصلُ بين دولة الحق وبين الغاب وشريعة الغاب. بين منطق الهمجية ومنطق الإنسانية. أول الإرهابيين زبانية الجهاز البوليسي الذين لطخوا سمعة مؤسسةٍ يُفترض أنها وُضعتْ وأُنفق عليها من أموال الشعب الموتور لحماية أمن المواطنين وسلْمهم الاجتماعي وضمان احترام قانونهم لا من أجل أن تتحول المؤسسة إلى جهاز هو عينه الخطر كلُّ الخطر على أمن المواطنين وعلى سلمهم الاجتماعي. إنها وضُعتْ لحماية القانون لا لكي يُصبح بعض مفوضي الشرطة أولَ من يزرع الفوضى ويدوس على كل شرع وكل قانون. مرة أخرى لا إصلاح قبل إصلاح الجهاز الأمني والبوليسي.

ما هو المسوِّغ الشرعي أو القانوني أو الأخلاقي أو الإنساني أو السياسي الذي يمكن و لو ضاق أفقُه أنْ يفسّرَ إبقاء بعض أفراد البوليس فوق القانون؟ بأي معنى أو حقّ أو حجّة أو تعلة أو ذريعة أو مبرّر أيا يكن ومهما يكن تُترك أجساد الناس وأعراضهم وكرامتهم عرضة للزبانية البوليسية، أي لعصابدة من اللصوص وقطاع الطرق وشذاذ الآفاق وأشدّ مرضى العقد النفسية والسادية ممن يسيئون إلى أنفسهم وإلى الشرفاء من أصحاب مهنتهم قبل أن يسيئوا إلى ضحاياهم وقبل أن يسيئوا إلى الشعب والبلد والدولة والإنسانية؟

في التحليل الأخير أولوية الدولة ـ كتعبير سياسي عن الكافة ـ ليست إلا الحفاظ على كرامة المواطن، كل مواطن. الكرامة أولا وكل ما عداها ملحق بها. 
أليست حماية كل فرد من أفراد المجتمع ـ حمايته المادية والمعنوية، الجسدية والأخلاقية ـ هي أولى وأعظم غايات الاجتماع البشري أصلا؟

إضافة تعليق جديد