موريتانيا: عودة الجدل حول الحوار والمعارضة تتمسك بشروطها

8 يونيو, 2016 - 03:15

عاد الجدل حول قضية الحوار السياسي بين نظام الرئيس محمد ولد عبد العزيز ومعارضيه أمس إلى الواجهة من جديد بعد اتصال هاتفي أجراه الوزير الأمين العام للرئاسة مولاي محمد الأغظف مع الرئيس الدوري لمنتدى المعارضة صالح ولد حننه لاستكشاف موقف المعارضة من الحوار الذي أعلنه الرئيس في خطابه الأخير والذي لم ينعقد لحد الآن رغم انقضاء فترة الأسابيع الأربعة التي حددها الرئيس لانطلاقته.

ومع أن المنتدى لم يوضح لحد يوم أمس موقفه من هذا الاتصال الذي تزامن مع قطع المنتدى المعارض لجميع اتصالاته مع الحكومة بسبب تصريحات ألمح فيها وزراء في الحكومة لاحتمال تعديل الدستور لزيادة مدد الرئاسة، فقد أوضح مصدر قيادي في المعارضة لـ»القدس العربي» أمس «أن المعارضة أكدت للوزير الأمين العام للرئاسة تمسكها بشرط الرد المكتوب على وثيقتها المتضمنة لممهدات الحوار قبل أي استئناف للتشاور حول الحوار».
وكان الرئيس الموريتاني قد أكد أنه سينظم حواراً مفتوحاً وشاملاً مع من حضر، موضحاً أنه يرحب بالمعارضة إذا أرادت المشاركة في جلسات الحوار الذي جزم مستهل شهر أيار/مايو الماضي بأنه سينظم الحوار في ظرف ثلاثة أو أربعة أسابيع.
وتحت عنوان «هذه هي ملامح الحوار الذي يمكن للمنتدى أن يشارك فيه» كتب محمد الأمين الفاظل القيادي في منتدى المعارضة جازماً بأن «المنتدى المعارض لن يجعل يد الحوار مغلولة إلى العنق ليتهم بذلك من طرف الشعب الموريتاني بأنه هو من يعرقل الحوار، ولكنه في المقابل، لن يبسطها كل البسط، حتى لا يقعد ملوماً محسوراً».
وأكد الفاظل «أن المنتدى المعارض لن يتردد في القيام بأي جهد يمكن أن يساهم في إفشال أي حوار عبثي تعلن عنه السلطة من طرف واحد»، مضيفا «أن المنتدى ليس منظمة سياسية خيرية، ولا يمكن أن نتوقع منه أن يشارك في أي حوار لا يراد منه إلا إخراج السلطة من الورطة التي وقعت فيها بسبب الإعلان عن موعد مرتجل للحوار، بل على العكس من ذلك، فعلينا أن نتوقع من المنتدى أن يبذل كل ما في وسعه من أجل تعقيد الأمور على السلطة، ومن أجل إظهار فشلها».
وقال «إن الحوار الذي يريده المنتدى هو ذلك الحوار الذي سيستفيد من أخطاء حوار داكار، وهو ذلك الحوار الذي يؤسس لديمقراطية حقيقية، ويضمن تحقيق مبدأ التناوب السلمي على السلطة، إنه ذلك الحوار الذي يحقق التغيير الآمن مقابل الخروج الآمن من السلطة قبل حصول انقلاب أو ثورة».
وضمن الجدل الدائر حول الحوار كتب وزير الخارجية الأسبق والقيادي المعارض محمد فال ولد بلال تحليلاً تحت «تأملات على هامش الحوار الممكن والواجب أكد فيه أنه «يكرر منذ سنتين تقريباً من أعلى كل المنابر المتاحة بأن الرئيس لا ولن يترشح لمأمورية ثالثة بحسب ما يتراءى من أسباب موضوعية تجعله قادراً على مغادرة السلطة بمجرد انتهاء مأموريته، خلافاً لبعض نظرائه الأفارقة الذين جاؤوا بانقلاب عسكري، وقضوا عشرات السنين في الحكم، راكموا خلال حكمهم من الجرائم والقتل والتدمير ما يمنعهم بتاتاً من ترك السلطة طواعية».
«فهؤلاء الرؤساء، يضيف الوزير بلال، هم مَنْ رأيناهم يُقدمون على تغيير الدستور في بلدانهم سبيلاً إلى الترشح لمأمورية ثالثة، ورابعة، وخامسة، إلخ…و مصيرهم معروف : من القصر إلى المنفى أو الأسر، والرئيس محمد ولد عبد العزيز، يقول الوزير بلال، يختلف عن هؤلاء، رغم ما لصق بحكمه من فساد ونهب وسوء تسيير ومحسوبية وانقلابية وفضائح…قل عنه ما شئت، إلاّ أنه حافظ على شيء مهم، حافظ على السلم والسلام والأمن والاستقرار في ظروف محلية وإقليمية ودولية بالغة الصعوبة».
وتقدم ولد بلال بمجموعة اقتراحات لحل الأزمة السياسية في موريتانيا بينها إنهاء الجدل العقيم والتجاذب السلبي في موضوع المأمورية الثالثة، وتجاوزه إلى ما هو أهم وهو النظر إلى المستقبل وإلى ما بعد الرئيس المنتهية ولايته». واقنرح ولد بلال «التركيز على الفترة المتبقية من مأمورية الرئيس بصفتها مرحلة انتقالية تختلف اختلافاً جوهرياً عن كل ما مضى من مراحل سياسية في البلاد، وتستدعي بالتالي ممارسات ومقاربات سياسية مختلفة كونها مرحلة محفوفة بالمخاطر والصعوبات، وتستوجب اليقظة من الجميع ضمن معادلة جديدة قوامها: «الشرعية و الشراكة»، بمعنى الاعتراف بشرعية الرئيس وإشراك المعارضة في تسيير ما تبقّى من المأمورية».
وأضاف «يجب فتح قنوات اتصال بين السلطة والمعارضة عموماً، وبخاصة بينها وبين المنتدى ومؤسسة زعيم المعارضة الديمقراطية بغية التشاور الهادئ والمسؤول وتبادل الآراء بعيداً عن الأنظار لتحديد ملامح الحوار المنشود: ما هو جدول أعماله؟ من هم المشاركون فيه؟ ما هو موعد افتتاحه؟ و ما هي مدّته؟ و في أي إطار ينتظم؟ و كيف تكون تغطيته الإعلامية؟ وكيف يكون اتخاذ قراراته وخلاصاته؟ إلخ… قد لا تحسم هذه الأمور جملة وتفصيلاً قبل الحوار، يضيف القيادي المعارض، ولكن يجب أن تُثار وأن يحصل بشأنها توافق وتراضٍ مبدئي، في الحد الأدنى الذي يسمح للحوار بأن يلتئم».
وقال «بحسب رأيي المتواضع، يجب أن يكون الحوار المرتقب على شكل «طاولة مستديرة» تشارك فيها الأحزاب السياسية، و الاتحادات النقابية، ومنظمات المجتمع المدني ذات المصداقية، والهيئات الشبابية والنسائية الوازنة، بواقع ثلاثة ممثلين من الصف الأول عن كل هيئة، كما يجب أن تكون إدارة الجلسات والأشغال بالتناوب بين الأقطاب، والعلاقة بالإعلام موحّدة، وبخصوص المضمون، نتطلع إلى الخروج باتفاق على آليات جديدة تضمن سلامة اللعبة السياسية وتعيد الثقة في العمليات الانتخابية».
واقترح ولد بلال «تركيز العمل على بلورة اتفاق يقضي بإجراء انتخابات بلدية وبرلمانية سابقة لأوانها وانتخابات رئاسية في موعدها تحظى بثقة ومشاركة الجميع، ويمرّ ذلك حتما بمراجعة الآليات القانونية والإدارية القائمة في ضوء ما تتفق عليه الأطراف المشاركة في الحوار». وفي معالجة أخرى تحت عنوان «أسباب تعثر الحوار والسبيل إلى إقالة عثرته» حدد محمد الامين الكتاب المقرب من صف الموالاة مجموعة من الاختلالات التي تتطلب حسب رأيه علاجاً ملائماً وسريعاً بينها ضعف تماسك أحزاب الموالاة وتشرذم أحزاب المعارضة وضعف قناعة السلطات العمومية بأهمية ووجاهة إشراك الفاعلين السياسيين المنافسين لها في تدبير شؤون البلاد».
واقترح الكتاب «مد الجسور بين الفرقاء، وتكثيف التواصل بينهم بهدف تنقية الأجواء ورأب الصدع وتهدئة الخواطر وبناء الثقة»، إضافة لتحديد الأولويات الوطنية التي يجب أن يتطرق إليها الحوار، بدءًا بالقضايا البسيطة ووصولاً إلى الإشكاليات الأكثر تعقيدا.
«القدس العربي»

 

إضافة تعليق جديد