ماذا لو حاربت مصر مع غزة؟! د. محمد المعموري /كاتب عراقي

17 يناير, 2024 - 20:03
د. محمد المعموري /كاتب عراقي

نحن نعلم ان “مصر” ومنذ اكثر من خمسين عاما اجتهدت على بناء جيشها عددا  وعدة ولا يخفى على الجميع شجاعة الجندي المصري وعبقرية قادته في الميدان الا اننا لو اردنا ان نفترض ان مصر بعد  (يوم ٧ أكتوبر)  قد دخلت الحرب لمساندة غزة فأننا هنا يجب ان نبين حالتين مهمتين الحالة الاقتصادية وثانيا اتفاقياتها مع الكيان المحتل، اما الحالة الاولى وهي الاكثر تعقيدا لقرار الحرب مع الكيان المحتل فأننا نعلم ان مصر تمر بحالة اقتصادية خانقة بين الديون الخارجية ومشاكلها الاقتصادية الداخلية خاصة بعد جائحة كرونا مرورا بحرب روسيا اوكرانيا وهذه الظروف والكوارتر الطبيعية قد اثرت في الاقتصاد المصري كما فعلت مع الاقتصاد العالمي الا ان الاقتصاد المصري كان الاكثر تأثرا بما دار حوله من تلك الاحداث حتى اننا لاحظنا ولأول مرة صعود سعر الدولار بالنسبة للجنيه المصري وبطبيعة الحال ليس هذا وحده هو المؤشر على اختناق الجانب الاقتصادي في مصر وانما هناك مؤشرات مكملة لارتفاع الدولار وربما ستتخذ الحكومة المصرية اجراءات اخرى كتعويم الجنيه الجنيه مما سيزيد من تلك المشاكل داخل مصر، ولأن مصر تمر بهذه الظروف الاقتصادية المتزايدة في الاضطراب فان قرار الحرب مع الكيان الصهيوني اعتقد سيكون صعب جدا بالنسبة لمصر وان كانت عواطفنا تتمنى ان تكون مصر مع ابناء غزة ليتمكن الفلسطينيون من ارجاع ارضهم كمرحلة اولى على الاقل لحدود ١٩٦٧، هذه امنياتنا كشعب عربي يعلم كم هو ثقل مصر وتأثيرها عسكريا على مجرى الاحداث في غزة لو كانت قد اشتركت مع ابناء غزة لدحر الكيان المحتل خاصة وان التكتيك العسكري الذي استخدمته المقاومة في غزة كان تكتيكا متقن من حيث الخطة والاستخدام فكانت الخطة ولازالت منضبطة وهي من تتحكم بمجريات الاحداث داخل غزة رغم التفوق العسكري في العدد والعدة للكيان اما الجانب الآخر وهو الاهم فان المقاومة في غزة امتلكت الآن ناصية العلم والتكنلوجيا واستطاعت ان تستخدمها في حربها الاخيرة “طوفان الاقصى” ضد الكيان المحتل ناهيك عن خفة الحركة ومباغت العدو واستخدام الارض كوسيلة لتكبد العدو اكثر الخسائر، اقول كان ممكن لمصر ان تنسق داخل الميدان في غزة ليتمكن الفريق (المصري الغزاوي) من تحقيق غايته العسكرية وفرض النصر على ارض الواقع، ولو افرضنا ان مصر قد اقتنعت بهذا العرض فأننا كما اشرت امام عقبة الاقتصاد لذلك فان مصر اذا فكرت في اتخاذ اجراء كما اسلفت فعليها ان تضمن عدم تأثر الاقتصاد المصري بما ستقوم به وهذا مستحيل مالم يتم مساندة مصر بالعدة والعدد والاموال من قبل الدول العربية الاخرى والمساندة العسكرية دول المواجه وهنا يجب ان نسترجع شريط الذاكرة ونبين امرين مهمين الاول ان سوريا اليوم غير قادرة على القيام بدورها العسكري كما فعلت في ١٩٤٨ و١٩٦٧ و١٩٧٣ للظروف التي مرت بها لأكثر  من عقد من الزمان اما الاردن فلا أعتقد انها سنتدخل بحرب مع الكيان المحتل كونها ملتزمة باتفاقيات معه ولو تجاوزنا كل هذا واعتمدنا على دعم الاقطار العربية بالمال والسلاح فأننا ايضا لسنا متأكدين ان دول الخليج ستمد مصر بالمال الذي يجعلها بعيدة عن انهاك الاقتصاد المصري او تأثره بما يحدث، لذلك فإنني ارى ان الجانب الاقتصادي وعدم ضمان مصر للدول العربية في مساندتها على الاقل ماديا يجعل من قرار الحرب الذي نفترضه صعب للغاية، ولا يمكننا ان نغفل عن اتفاقيات السلام بين مصر والكيان الصهيوني وحرص القيادة المصرية على الاحتفاظ ببنودها وعدم تجاوزها وعليه فان كلا السببين (الاقتصادي والاتفاقيات مع الكيان المحتل) العائق الذي يحد من تلك الفرضية،
وبغض النظر عن كل ما ذكر فإنني ارى ان مصر اليوم لا تفكر بكونها من الدول العربية المؤثرة التي تحمل على عاتقها ايجاد الحلول للقضية الفلسطينية واعتقد ان مصر اليوم تبحث عن البدائل لبناء اقتصادها الوطني بعيدا عن الحس القومي الذي كان في زمن الزعيم جمال عبد الناصر رغم اننا نعلم حرص الشعب المصري على مؤازرة الشعب الفلسطيني والوقوف بجانبه بل رغبته الاكيدة في المشاركة في تحرير فلسطين من النهر الى البحر.
ولا يمكن ان نحدد الاسباب لنتأخذ منها وسيلة للعذر والتخاذل فأننا امام مشروع توسعي يهدف   لإعادة  تقسيم الوطن العربي بعد ان نجحت امريكا وكيانها في فلسطين من زرع الفتنه بين ابناء الوطن العربي وابتعادهم كل الابتعاد عن الحس القومي والتركيز على منصات التواصل الاجتماعي التي جعلت من الشباب العربية لا يكترث لما يدور حوله ولا يتابع مجريات الامور ومعطياتها، لذلك فإنني ارى ان المرحلة القادمة وخاصة بعد اليوم التالي لحرب غزة علينا نحن العرب ان نبني الاستراتيجية العسكرية ذات العقيدة القومية في قيادة عسكرية موحدة تجمع جيوش دول عربية قوية في التسليح والتدريب لكي نتجنب الكارثة التي نحن غافلون عنها الآن.
اما اضعف الايمان الذي تنازلت عنه مصر وهو مد الشعب الفلسطيني وخاصة شعب غزة بالمساعدات الانسانية  وايواء الاطفال والشيوخ من ابناء غزة في مكان امن داخل الحدود المصرية فإنني ارى انه تقصير كبير بحق الشعب (الغزاوي ) ، وهو الامر الذي زاد من معاناتهم  وكان المفروض ان تساهم مصر بدور اكثر فعالية بكسر الحصار عن غزة ومدهم بسبل الاغاثة   الانسانية على الاقل ،  ولكن على قدر ،،، ! .
ومن خلال ما ورد من افتراضات في  اعلاه فان التخلي عن غزة وتركها تحارب العدو ناتج عن  ما بلي :
تشتت القرار عربي .
تواجد القوات الامريكية التي احاطت بالوطن العربي برا وبحرا جعلت من بعض الانظمة  عربية تخشى المواجهة مع امريكا .
سياسة التطبيع التي انتهجتها بعض الانظمة قد جعلت منها تحيد عن موقفها العربي (الواجب ) اتخاذه لمناصرة المقاومة في غزة .
وربما اسباب سياسية اخرى لا مجال لذكرها في هكذا مقال ….
والله المستعان.
"رأي اليوم"

 

إضافة تعليق جديد