أم الطريد/الكاتب سيدى محمد xولدy....

13 سبتمبر, 2023 - 17:33

أم اطْريد بنت لمشيش البركنية زوج الزعيم السناد بن اعلي بن احميده التروزي زعيم أولاد البوعلية الذي اشتهر بالعدل والزعامة.

كتب الدكتور جمال ولد الحسن في تحقيقه لكتاب "التكملة" للعلامة محمد فال ولد باب العلوي:
"أضاف ابن أبي مدين عند ذكر السناد الحاشية التالية:
السناد: هو السناد بن اعلي بن احميده رئيس أولاد البوعليّه في زمنه وهو من لخواوات أبناء إبراهيم بن بله -بتفخيم الباء- بن عزوز ، 
وزوجة السناد، اسمها أم الطريد بنت لمشيش البركنية".

وبالقابل كان البهجة بن آفلواط الباركلي رجلا وسيما جميل المحيا قوي البنية نديّ الصوت ، يضرب به المثل في العز والقوة والفتوة و(زين الحِسْ).
وكان إذا غنى يتبعه الناس والحيوانات لجمال صوته ، حدث نزاع بينه مع فتية من بني عمه فضربوه على رأسه فاختل عقله.

وكانت أم اطْريد مثالا للمرأة الأروستقراطية في زمنها فهي زوجة زعيم بجّلها وأكرمها.

زارها العلامة النابغة الغلاوي مع شيخه العلامة أحمد للعاقل فرآها في نعمة عجيبة ، وقد وقفت لها الدنيا على أربع ، كانت خيمتها من أحسن ما رأى أثاثا ورئيا، فلم يفتقد أي شيء ، كان كل شيء لديها.
إلا أنه تذكر ثم قال في نفسه -أي النابغة- لاينقصها إلا أن تكون بجانبها قربة من الماء!!
 فما جال ذلك الخاطر في نفسه حتى (كشحت حصيرا) بجابها فإذا تحته (گِدْرَه) عظيمة اغترفت منها وناولته فإذا هو قراح الماء البارد، فعلم أن قد اكتمل ملكها.

وفي عام 1223هـ / 1808م وقعت معركة "انتمركاي" (يوم انتمركاي الأول).
وانتمركاي: بئر من آبار منطقة إگيدي بالترارزة، لأولاد ديمان (أولاد باب أحمد)، يبعد حوالي 40 كيلومترا شمال شرق مدينة المذرذرة.

وقعت معركة "انتمركاي" بين أولاد دمان والمثلوثة (أولاد البوعليّة وموسات وأهل عبَّلَّه).
وسميت المعركة أيضا يوم (الفكرون) ، والفكرون لقب أطلق على جيش أولاد البوعليه لأنه اتخذ شكلا مربعا في وقعة انتمركاي هذه، وكان جيشهم بقيادة السناد بن اعلي بن احميده، فأبادهم أولاد دمان وقتلوا زعيمهم السناد.

دارت الأيام وذات رحلة مرّ النابغة على ديار أم الطريد فوجد الديار قد أقفرت فشجاه الربع الدارس ورأى امرأة تصلح جلدا فسألها هل تعرفين أم الطريد؟
نظرت إليه بعينين أطفأ الزمن بريقهما وقالت:
 أنا أم الطريد !!
ثم أردفت:
الدنيا ماهِ شِ كامله
هنالك قال البهجة ولد أفلواط الواقف بجانبها: 
واللهِ يذاكْ ألّ حگ..

بلغت تلك الكلمة وتلك الشهادة مبلغا عظيما من نفس النابغة فشرع في كتابة نظمه في عظات الدنيا وعبر الزمان، نظم (أم اطْرِيـد) فبدأه بقوله:
الحمد لله الغني الباقي :: مُبيد أهل الأرض والطِّبَاق
ثم الصلاة والسلام عبقـا :: على من استحال بعده البقا
هذا وذي تذكـرة للنـاس :: نظمتها تذكـرة للناسـي
سميتها بعقـد أم اطْرِيـد :: في عظة الواعظ والْمُريـد
ذكرت فيها نبذة لمن عقل :: حال الزمان (وليقسْ مالم يُقَل)
قالت لنا أمُ الطّريدِ الدنيـا :: ليست بشيءٍ كلها لا ثُنيا
وشهد البَهْجَ لها على ذا :: وقلَّ من عن حكـم ذَيـنِ لاذَا

ومن حوادث تقلبات أحوال الزمان -والشيء بالشيء يذكر- 
كتب العميد محمد فال ولد سيد ميله (بدال):

"دوام الحال من المُحال .. قصة ؛منت امّـنـْـهَ ؛ عبرة لمن يعتبر"

من المفترض أن "منت امّـنـْـهَ" ولدت في العشرية الأخيرة من القرن التاسع عشر. ففي سبعينيات القرن العشرين، كانت تبدو وكأنها في عقدها الثامن.
 
تعتبر بنت امّـنـْـهَ "الفتاة" المدللة لحاكم دائرة المذرذره السيد شاربونيي (المعروف محليا بـ"صَرْبَنـْـيَه"). 
كانت "زوجة كومانده" التي لا يُعصى لها أمر. 
لقد شـُـغف بها أيما شغف فكان الحرس يسهرون على خدمتها في أي وقت موفرين لها كل ما تريده، مهما كان. 

عاشت "منت امّـنـْـهَ" بورجوازية مجنونة عرفت خلالها حياة بذخ لا مثيل له، فكانت تعتبر أن لبن الإبل يفيد في لمعان ونعومة البشرة، لذلك تبعث بخدامها، ضحى كل يوم، لاستجلاب عشرات أقداح اللبن من أجل أن تستحم به. 

عاشت منت امّـنـْـهَ، ما بين 1920 و1930، أقصى أنواع الغنج والكبرياء واستغلال النفوذ. وفجأة، دون سابق إنذار، حلّ غضب الإدارة الاستعمارية، في سان الويس، بالحاكم صَرْبَنـْـيَه فحًوّل عن المذرذره عقابا له على تعاطفه المزعوم مع السجين الشيخ حماه الله. وهكذا بدأت دولة بنت امّـنـْـهَ في الانهيار، وأخذ نجمها في الأفول شيئا فشيئا. 

وفي السنوات الأولى من سبعينات القرن الماضي، كانت منت امّـنـْـهَ تتسول في شوارع المذرذره: فالمسكينة، التي لم تنجب أبدا، لم يكن لها أي معيل. كان الأطفال يهابون عضتها الشرسة عندما يحاول أحدهم سرقة النزر القليل من الصدقات التي تحصل عليها هناك. 

ولسبب ما زلت أجهله، دفنت منت امّـنـْـهَ وحيدة معزولة على بعد كيلومترين جنوب غرب المذرذره، رغم أن المقبرة لم تكن تبعد من المدينة أكثر من 500 متر.

كامل الود

إضافة تعليق جديد