من النوازل العصرية / فسبوك/ الشيخ ابراهيم بن ابه حرمة بن عبد الجليل

5 سبتمبر, 2023 - 23:39

 نص الفتوي:
بسم الله الرحمن الرحيم 
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين 

*سؤال* : يقول سائل أعمل على منصة بالخارج على الموقع الإلكتروني والمنصة خاصة بالمطاعم فمن له مطعم يسجل دخول مطعمه ووجباتهم الى المنصة لكي يرى الزبون هذه المطاعم كلها على المنصة فتسهل عليه البحث عن المطاعم في مدينته ويستطيع الزبون ان يختار المطعم والوجبة واذا وصل الطلب إلى المطعم يرسلون الوجبة الى الزبون وآخذ انا نسبة من المبلغ لكوني صاحب المنصة والمنصة ستكون مفتوحة للجميع ومعنى ذلك أن كل المطاعم قد تُسجَّل على المنصة علما اننا في دولة غير إسلامية فيسجل المسلم مطعمه والكافر مطعمه على المنصة والكل يبيع ما عنده فالمنصة عبارة عن سوق مفتوح وانا صاحب السوق فما حكم إنشاء هذه المنصة؟ 

*الجواب* : إذا كان الأجر معلوما وكانت الأطعمة المعروضة حلالا فإنه يجوز إنشاء هذه المنصة ، لأن عملها من باب الدلالة ، وأخذ الأجرة على الدلالة جائز 
في العتبية ما نصه : ﻗﺎﻝ اﺑﻦ اﻟﻘﺎﺳﻢ: ﻗﺎﻝ ﻣﺎﻟﻚ: ﻣﻦ ﻗﺎﻝ: ﺩﻝ علي ﻣﻦ ﻳﺸﺘﺮﻱ ﻣﻨﻲ ﻭﻟﻚ ﻛﺬا ﻭﻛﺬا، ﻓﺪﻝ ﻋﻠﻴﻪ، ﻓﺬﻟﻚ ﻻﺯﻡ ﻟﻪ. ﻭﻟﻮ ﻗﺎﻝ: ﺩﻟﻨﻲ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﺃﻭاﺟﺮﻩ ﻧﻔﺴﻲ ، ﻭﻟﻚ ﻛﺬا ﻭﻛﺬا ﻓﺬﻟﻚ ﻟﻪ. ﻭﻣﻦ ﻗﺎﻝ: ﺩﻟﻨﻲ ﻋﻠﻰ اﻣﺮﺃﺓ ﺃﺗﺰﻭﺟﻬﺎ ﻭﻟﻚ ﻛﺬا ﻭﻛﺬا، ﻓﻼ ﺷﻲء ﻟﻪ " 
ﻗﺎﻝ اﺑﻦ ﺭﺷﺪ في البيان : ﺇﻧﻤﺎ ﻓﺮﻕ ﻣﺎﻟﻚ ﺑﻴﻦ ﺃﻥ ﻳﺠﻌﻞ اﻟﺮﺟﻞ ﻟﻠﺮﺟﻞ ﺟﻌﻼ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﻳﺸﺘﺮﻱ ﻣﻨﻪ ﺳﻠﻌﺔ ﺃﻭ ﻳﺒﻴﻌﻬﺎ ﻣﻨﻪ ﺃﻭ ﻳﻮاﺟﺮﻩ ﻧﻔﺴﻪ، ﻭﺑﻴﻦ ﺃﻥ ﻳﺠﻌﻞ ﻟﻪ ﺟﻌﻼ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻳﺪﻟﻪ ﻋﻠﻰ اﻣﺮﺃﺓ ﻳﺘﺰﻭﺟﻬﺎ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺃﻧﻪ ﻻ ﻳﻠﺰﻣﻪ ﺃﻥ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﻳﺸﺘﺮﻱ ﻣﻨﻪ، ﻭﻻ ﻣﻦ ﻳﺒﻴﻊ ﻣﻨﻪ، ﻭﻻ ﻣﻦ ﻳﻮاﺟﺮﻩ ﻧﻔﺴﻪ ﻭﻻ ﺷﻴﺌﺎ ﻣﻦ اﻷﺷﻴﺎء، ﻭﻳﻠﺰﻣﻪ ﻫﻮ ﺃﻥ ﻳﺪﻟﻪ ﻋﻠﻰ اﻣﺮﺃﺓ ﺗﺼﻠﺢ ﻟﻪ؛ ﻷﻥ ﻣﻌﻨﻰ ﻗﻮﻟﻪ: ﺩﻟﻨﻲ ﻋﻠﻰ اﻣﺮﺃﺓ ﺃﺗﺰﻭﺟﻬﺎ، ﺃﻱ ﺃﺷﺮ ﻋﻠﻲ ﺑﺎﻣﺮﺃﺓ ﺗﻌﻠﻢ ﺃﻧﻬﺎ ﺗﺼﻠﺢ ﻟﻲ ﻭاﻧﺼﺢ ﻟﻲ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ، ﻭﻫﺬا ﻟﻮ ﺳﺄﻟﻪ ﺇﻳﺎﻩ ﺩﻭﻥ ﺟﻌﻞ ﻟﻠﺰﻣﻪ ﺃﻥ ﻳﻔﻌﻠﻪ؛ ﻟﻘﻮﻝ اﻟﻨﺒﻲ - ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ -: «اﻟﺪﻳﻦ اﻟﻨﺼﻴﺤﺔ؛ ﻗﻴﻞ: ﻟﻤﻦ ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ؟ ﻗﺎﻝ: ﻟﻠﻪ ﻭﻟﺮﺳﻮﻟﻪ ﻭﻷﻳﻤﺔ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻭﻋﺎﻣﺘﻬﻢ» ،

وقد أشار العلامة المصطفى بن أحمد فال العلوي رحمه الله في كتابه مقتنص الشوارد: 

أما الذي يسعى لذي الدلاله 
فالجعل لازم له بكل حاله 

على الذي به ابن رشد قد جمع 
بين الروايات إذ الخلف قد وقع 

وذاك أن مالكا قد فرقا
وقال سحنون هما ما افترقا 

وإنما قيدت بأن تكون الأجرة معلومة لأن الأجرة على النسبة لا تجري على أصول مالك، لأن من أصوله عدم القياس على الرخص كما أشار إلى ذلك سيدي عبد الله في المراقي بقوله : 
ورخصة بعكسها والسبب 
وغيرها للاتفاق ينسب

فالأجرة على النسبة رخصة في القراض والمساقاة ، ولم يقس عليها مالك سائر الإجارات 
قال ابن رشد : ﻭاﻟﺠﻤﻬﻮﺭ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ اﻟﻘﺮاﺽ، ﻭاﻟﻤﺴﺎﻗﺎﺓ ﻣﺴﺘﺜﻨﻴﺎﻥ ﺑﺎﻟﺴﻨﺔ ﻓﻼ ﻳﻘﺎﺱ ﻋﻠﻴﻬﻤﺎ ﻟﺨﺮﻭﺟﻬﻤﺎ ﻋﻦ اﻷﺻﻮﻝ."

وقد أشار خليل رحمه الله إلى منع الإجارات على النسبة بقوله : 
(ﺃﻭ اﻋﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺩاﺑﺘﻲ ﻓﻤﺎ حصل لك نصفه ) 

وقد خالف مالكا والجمهور طائفة من أهل العلم فأجازوا الإجارة على النسبة قياسا على القراض والمساقاة
قال المواق : ﻭﻛﺎﻥ ﺳﻴﺪﻱ اﺑﻦ ﺳﺮاﺝ - ﺭﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ - ﻓﻴﻤﺎ ﻫﻮ ﺟﺎﺭ ﻋﻠﻰ ﻫﺬا ﻻ ﻳﻔﺘﻲ ﺑﻔﻌﻠﻪ اﺑﺘﺪاء ﻭﻻ ﻳﺸﻨﻊ ﻋﻠﻰ ﻣﺮﺗﻜﺒﻪ، ﻗﺼﺎﺭﻯ ﺃﻣﺮ ﻣﺮﺗﻜﺒﻪ ﺃﻧﻪ ﺗﺎﺭﻙ ﻟﻠﻮﺭﻉ ، ﻭﻣﺎ اﻟﺨﻼﻑ ﻓﻴﻪ ﺷﻬﻴﺮ ﻻ ﺣﺴﺒﺔ ﻓﻴﻪ ﻭﻻ ﺳﻴﻤﺎ ﺇﻥ ﺩﻋﺖ ﻟﺬﻟﻚ ﺣﺎﺟﺔ، ﻭﻣﻦ ﺃﺻﻮﻝ ﻣﺎﻟﻚ ﺃﻥ ﻳﺮاﻋﻰ اﻟﺤﺎﺟﻴﺎﺕ ﻛﻤﺎ ﻳﺮاﻋﻰ اﻟﻀﺮﻭﺭﻳﺎﺕ ، ثم قال : ﻭﻋﻠﻴﻪ ﻳﺨﺮﺝ اﻟﻴﻮﻡ ﻋﻤﻞ اﻟﻨﺎﺱ ﻓﻲ ﺃﺟﺮﺓ اﻟﺪﻻﻝ ﻟﺤﺎﺟﺔ اﻟﻨﺎﺱ ﺇﻟﻴﻪ " 

وإنما قيدت بكون الطعام المعروض على المنصة حلالا لأنه إن كان حراما ففي الدلالة عليه إعانة للبائع على معصية الله ، والإعانة على معصية الله لا تحل.

إضافة تعليق جديد