لن يعيد التاريخ نفسه/الوزير السابق محمد فال ولد بلال

30 أغسطس, 2023 - 22:28

في العام 1964، قامت القوات المسلحة الغابونية بانقلاب عسكري "أبيض" - بمعنى سلمي - أطاح بالرئيس "ليون مبا". وحرص الانقلابيون على سلمية الموقف وحافظوا على حياة الزعيم المخلوع. وبعد مضي أيام قليلة على الانقلاب تدخلت "عنوة" وحدات من الجيش الفرنسي وأعادت الرئيس إلى كرسيه على مرأى و مسمع من العالم كله، وانتهى الأمر. حينها، لم يكن الغابون دولة ديمقراطية ولا تعددية، بل كان فقط وجبة دسِمة بطعم البترول يقتات منها الاقتصاد الفرنسي.
النيجر 2023 ، هي الأخرى، عبارة عن اليورانيوم و ما أدراك ما اليورانيوم المنضب وغير المنضب. اسألوا مجموعة "أريفا" الذراع النووي للدولة الفرنسية. اسألوا روسيا، وأمريكا، والهند، وتركيا، وإيران عن اليورانيوم، وستعلمون أنه "دستور" من أفضل الدساتير الواجب احترامها.
باستثناء وجود الخيرات في كل من الغابون والنيجر، فلا مقارنة بين هذا السياق وذاك.
في تاريخ 1964، كانت الغابون "سويسرا أفريقيا الوسطى" في ذروة حلم النفط. وكانت فرنسا هي اللاعب الوحيد وتمتلك من القوة والجاه ما يتيح لها القمار.
بينما "النيجر" 2023 - و رغم مخزونها الهائل من اليورانيوم - تعد من أفقر دول القارة. وتوجد، زيادة على ذلك، في قلب بركان جيوسياسي لا يتحمل أي شرارة من نار أو أدنى عملية طائشة. وفرنسا نفسها لم تعد تلك الدولة "الأم" واللاعب الأقوى والأوحد الذي ينحني له الجميع خوفا من بأسه وطمعا في كرمه. 
في السياق الحالي، إن أي تدخل عسكري فرنسي مباشر أو غير مباشر عبر "التجمع النقابي لرؤساء غرب أفريقيا" سيفتح باب جهنم على المنطقة وأوروبا والعالم بأسره. قد ينهي مأساة "الدستور" النيجري في يوم أو يومين، ولكنه سيشعل نيران قبلية، طائفية، عرقية، إيديولوجية، حدودية لمدة عقود.
وأختم قولي هذا بكلمة - لا تروق كثيرين منكم بل تعرضني للتجريح والانتقاد غالبا - ولكني أقولها ضمن ما أعتقده حقا: لقد أصاب الرئيس معاوية ولد سيدي أحمد الطائع حين نأى ببلادنا عن مجموعة دول غرب أفريقيا، وحرص مع ذلك على أن تبقى العلاقات القنصلية ورعاية مصالح الجاليات في مقدمة الأولويات مع كل دولة على انفراد.
حفظه الله و رعاه.

إضافة تعليق جديد