الورقة المسيئة و مبدأ استقلالية السلطات ذ/محمد ملالي ودادي

24 يوليو, 2023 - 02:33
ذ/محمد ملالي ودادي

لعله من المفيد ان نعرف حدود مسؤوليتنا خاصة إذا كنا نمارس السلطة سواءا كانت سلطة تنفيذية أو تشريعية أو قضائية،لأن معرفتنا بتلك المسؤلية وحدودها سيساعدنا كثيرا في القيام بالمهام الموكلة إلينا على أكمل وجه  وسيساعد في إمكانية نهوض الدولة والمجتمع .  أما عدم معرفتنا بتلك المسؤليات  وحدودها فسيجعلنا في حالة من التخبط فلا نقوم بالمسؤوليات المسندة إلينا ونعتدي على اختصاصات الآخرين، لقد أثار انتباهي  التجاذب الحالي المنجر عن ورقة أساءت فيها تلميذة للجناب النبوي وهي موقوفة وموضع متابعة من النيابة العامة،وهو ما أثار لدي الأسئلة التالية:
 ما علاقة البرلمان بقضية منشورة أمام القضاء؟ هل يجوز للبرلمان أن يتدخل في أعمال القضاء؟ هل يهدد هذا التدخل استقلال القضاء؟ هل يهدد هذا التدخل النظام الدستوري الذي وضعه دستور ١٩٩١ وتعديلاتهاللاحقة؟

وفق للدستور الموريتاني الحالي لا علاقة للبرلملن بقضية منشورة أمام القضاء،فقد حدد الدستور سلطات الجمعية الوطنية المتمثلة في سن القوانين والمصادقة على برنامج العمل الحكومي وعلى الميزانية ومراقبة عمل الحكومة...

أما الفصل في الخصومات والتحقيق في الجرائم ونسبتها إلى المجرمين وهل هم دانون  ام براء وتحديد العقوبة المناسبة لكل مجرم،فهو من اختصاص السلطة القضائية،وهي سلطة مستقلة عن السلطة التشريعية ((الجمعية الوطنية)) و السلطة التنفيذية ((الحكومة))،ونص المادة((٨٩))من الدستور جلي في هذا المجال:((السلطة القضائية مستقلة عن السلطة التشريعية والتنفيذية)).

إن عدم احترام حدود الاختصاص واستقلال كل سلطة عن الأخرى سيؤدي إلى خيارين لا ثالث لهما: 
-إما العودة للنظام الدكتاتوري إذ ستحاول كل سلطة الاعتداء على اختصاصات السلطة الأخرى،وستكون السلطة التنفيذية هي الاقدر على كسب الرهان وتدركون أن هذا الخيار لم يعد مقبولا في العالم الحالي الذي تسوده مبادئ الديمقراطية.
-أما الخيار الثاني فهو الانزلاق نحو الفوضى كما حصل في مجتمعات عديدة نتقاسم معها نفس العقيدة والتاريخ والتقاليد وغيرها.وهو خيار علينا أن نكون حذرين من أن نجر إليه لما سيؤدي إليه من سفك الدماء،وهتك للاعراض،واستلاب  للأموال،وقد حذر الحق تعالى من الفتنة فقال:((والفتنة أشد من القتل))صدق الله العظيم.

أخيرا فإنه على السادة النواب أن يطلعوا بمسؤلياتهم وفق الحدود التي حددها الدستور وعليهم أن لا يتدخلوا في عمل القضاء وأن لا يسعوا إلى تقويض استقلاله بل دعمه حتى نبني دولة مقامة على العدل بدل تحكيم الهوى ولنتذكر قوله تعلى:((ولايجرمنكم شنئان قوم على أن لا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى))صدق الله العظيم.

إضافة تعليق جديد