و إذا كان مفهوم آزناكّ قد انزاحت دلالته الأولى على أيدي بني حسان لتصبح مشحونة بصفة ذم( رعي الماشية، و الجلافة، و شيوع الأمية، و المذلة) ... فكذلك انزاحت الدلالة الأولى لمفهوم حسان على أيدي الصنهاجيين. فأصبحت أعمال التعدي و التصرفات الطائشة و الخفة في السلوك تسمى استحسين ، نسبة لبني حسان، و هي نعت قدحي كبير. كذلك انزاحت دلالة المرابط من صفة الماسك بالأرض و الساهر على الثغور إلى معنى التذلل و التمسكن و الغموض في المواقف ... و بكل الأحوال فإن هذه الانزياحات للمعاني الأولى لهذه الكلمات تختزل موجات من الصراع القوي بين مجمل المكونات ، منها ما هو عسكري، و منها ما هو ثقافي و قيمي و إعلامي. فكما نجح بنو حسان في تحويل دلالة آزناكّ ، فإن الصنهاجيين قد نجحوا في تحويل دلالة حسان.
و بالمجمل، فإن هذا تاريخنا كله بدلالاته كلها و لم تعد ذات قيمة في حاضرنا و لا لمستقبلنا ، فلنبن نحن تاريخا أكمل وعيا من أسلافنا و أتم نظرا في تقوية لحمة مجتمعنا؛ يناسب عصرنا و يفيد ذرياتنا من بعدنا...