سفراء الثقافة، والعلوم الشرعية من علماء (شنقيط)، موريتانيا/ شيبو أباتي

23 سبتمبر, 2022 - 12:26

بسم الله الرحمن الرحيم، وبه نستعين على  حياتنا خيرها، وشرها، حلوها، ومرها، ونهتدي به فيما نصبو اليه من الصلاح، والفلاح، والترويض على انتهاج الصراط المستقيم، و القيام باعمال الطيبات،  كالمشاركة التشجيعية في هذا  المهرجان الثقافي المتميز، وذلك في سبيل التاسيس لواحد من مشاريع التنمية المعرفية، وتفعيله، والترويج  له بما فيه صالح اهل مدينة كرو الذين استحوذ على ألبابهم،  التسابق  لذوي الهمم الطموحة ـ كما تعودوا  على ذلك ـ وكأنه ميراث متداول من السلف الصالح الاجداد، والآباء  للأحفاد، ومن يليهم  من الاجيال في رحلة لم يكن  سفراء الثقافة والعلم الشرعي موضوع هذا البحث بالنظر لمن سبقهم، الا احفادا، وها نحن اليوم نجد منهم  قدوة من الاجداد الذين نعتز بما تركوه من تراث، هو رصيد،  وتيار علمي ظهر في بداية النهضة العربية، وساهم فيها موجها، مثله كمثل باقي روافد النهضة الفكرية العربية الاسلامية  في ربوع   أوطان العرب، والمسلمين..
وبذلك رفع علماؤنا  من شأو  البلاد، لأن تتبوأ مكانتها بين مراكز التنوير، ورفع راية المعرفة خفاقة في المحافل العلمية بفائض المعارف  المحظرية ،  الأمر الذي يستوجب علينا، بادئ ذي بدء، أن نجعل من مدن  البلاد عامة، مراكز ثقافية بما كان للاشعاع المحظري من استنارة،  كما كان لجامعتي القرويين بفاس، والزيتونة بالقروان،  ومن هنا اعتبرت المحاظر مراكز للثقافة، والعلوم المسجلة في المنظمة العالمية للعلوم، والثقافة...

ومن هذا المنطلق، كانت مدينة كرو بمراكزها المحظرية اليوم، ومراكزها بالامس القريب في" اكويكيط"  التي بزت نظيراتها بنابغة العصر، ومجتهده، آب ولد اخطور رحمه الله، و قبله في القرن الثاني عشر الهجري، كان  محمد عبد الرحمن ولد الشواف، وسيد محمد ولد الشوف، على رأي " البرتيللي" في كتابه " فتح الشكور في معرفة اعيان علماء التكرور،،" حيث ترجم  لمائتي عالم في إطار الرصد للنماذج الفكرية التي عبر عنها بمفهوم " الاعيان" في إطار التأريخ للحركة الفكرية منذ سقوط دولة المرابطين في نهاية القرن الحادي عشر الميلادي حتى القرن القرن الثامن  عشر..
وقل الشيء ذاته  يقال عن محظرة " لبحير" التي نتتبع في هذا البحث علومها في مؤلفات محمد العاقب واخوية، وذلك  للوقوف على تأثير  دورها الإيجابي الذي قام به  رائداها محمد الخضير، ومحمد حبيب الله - رحمهما الله تعالى -  في تفعيل مراكز  العلم، وجامعاته في بلاد العرب منذ بداية القرن الماضي...
و لدى ذكر العلماء ودور المحاظر، فحري بنا  التذكير على الاقل  بما تستحقه عن جدارة  محظرة  " انواملين" التي كانت سباقة  بعالمها الجليل المرحوم / محمد الأمين ولد احمد زيدان/ في القرن التاسع عشر، مجددين الطلب من ذوي التخصص أن يقدموا بحوثا  عن كتاباته العديدة ومنها "النصيحة" ، وذلك في القادم من المهرجانات الموسمية...

و إذا القريحة الادبية  عاتبتنا، فلأن مسك الختام -  لا تأخيرا - لمحاظر "آفطوط"، وهي اكثر  الروافد  للبيان، واشعاره، وللعلوم بعرفانها النيرة، وروافدها التي صبت الفكر  تليدا، وطارفا في بحور العربية، والعلوم الشرعية التي جري سلسبيلها، كما تجري السيول في وادي النخيل ل"كرو" كل خريف، ونحن في فصل الامطار  بما  له من استعادة لدورة الحياة، وذلك تفضلا منه سبحانه وتعالى على العالمين، وعلى اهل هذه المدينة التي يشرفني الانتساب اليها، والتفاعل مع مشاريع اهلها في هذا المهرجان الاحيائي للثقافة، مسلطا ضوءا، ولو من بعيد على دور  تلك  البدور  من كواكب  العلماء الذين أضاءوا سماء الفكر في الوطن العربي، والعالم الاسلامي، وذلك  حين قدر الله لهم  الهجرة الى الديار المقدسة، لأداء فريضة الحج، وهنالك، تفاعلوا مع مراكز التنوير الثقافي في المدينة المنورة، ومكة المكرمة، وبغداد، والكويت  التي كانت اول مدرسة للعربية، برئاسة احد رواد  الشناقطة..
حيث كان محمد حبيب الله  في جامعة القاهرة استاذا، ومبدعا، وما بخل معه، كمن سبقه من الشناقطة، المجتمعات العربية التي  نزلوا بها  ـ  على عكس ما بخلت به بلادنا احيانا على ابنائها  سابقا، وإن حاضرا، الأمر الذي اضطر البعض للمنافي في المهاجر، وعزاؤهم، كما قال الشاعر :  " بلادي وان جارت علي عزيزة"  ـ  فاعطوا علماءنا  المكانة المستحقة،  لتدريس العلوم في محاريبها، فعلموا، ولا شك انهم تعلموا، ومن نافلة القول انهم عرفوا بعلماء  بلادنا، وفكرهم وبمجتمعنا، وهو التعريف المشهود  في سجلات الابداع، كتحقيق أمهات التراث من القواميس اللغوية، الى الآداب، ثم نشروا الفكر الذي استنارت به العقول، ونهضت به مجتمعاتنا العربية، والاسلامية في مشروع النهضة الفكرية المستمر، ولما يبلغ مبتغاه، إلا بتقدم الأمة في مختلف المجالات، لتنتقل مجتمعاتنا من التخلف الى التقدم المنشود...

ومن اجل ذلك، يجدر بنا احياء الاسبوع الثقافي لتعليم النشء بواسطة  استئناف مهرجانات دورية، للتوعية برسالة الأمة في التمسك بدينها، وبهويتها الوطنية، والقومية،،ولعل هذا هو الطريق القويم المطلوب معتقدا، ووعيا ثقافيا، وهو الطريق الذي عبده  الأجداد بالتحصيل المعرفي، والحفاوة برسالة الفكر، ودور العلماء الاجلاء،  والرموز السياسيين، امثال  المرحوم احمدو ولد الحاج الحبيب ، وغيره من  المثقفين الطلائعيين - وقد تطلب الاختصار تجاوز ذكر اسماء الحاضرين، والذين ارتحلوا عنا باجسامهم، لكن لا زالوا قدوة حاضرين، فضلا عن الاجيال الحاضرة، منكم، حتى لا يخال لأحد انه مغيب في هذا المهرجان الذي يجمع الجميع، ويسجل وثيقة لا تستني أحدا  من الحركة التحديثية المؤسسة على ذوي التخصصات العلمية، والادبية، والسياسة، كالوزراء ، والسفراء، ومختلف التخصصات العالية في كل مجالات من الاطباء  الى المهندسين، والحكام، والولاة، والمحامين، والقضاة، والمشايخ، والأئمة، و الموظفين في مختلف القطاعات ، واصحاب الرتب العالية، والمتوسطة في اسلاك  الخدمة الوطنية، والجيش الوطني ، وفي التعليم بجميع مراحله..
ومن الطبيعي تنامي هذا النشاط الفكري للأدباء، والشعراء، والصحفيين، والكتاب...
ولعل أقرب توصيف  لهذا الحضور الفكري، لابناء المنطقة انهم  شكلوا "ملحمة" في  التنافس الشريف، والتفاني في العطاء السخي الذي سجل الحضور المستمر الذي ساهم فيه روادنا بالعطاء الفكري لأكثر من جيل..

وكم  أثر  علي شخصيا حين اطلعت على بقايا مكتبة جدنا الثالث المرحوم  "احمد مولود ولد الشواف"  في مكتبة الأسرة، ومن ضمن كتبه، كتاب " الشفا في صفات المصطفى صلى الله عليه وسلم" وهو منقول بخطه من الصفحة الأولى إلى الاخيرة، وقد كتبه تحت سارية بالأزهر الشريف في القرن الثاني عشر الهجري/ القرن ١٨م،، وليس بيني، وبينه بعد   ساليم ولد اباتي،  الا  "الطالب"، و"أبات" ، رحم الله امواتنا وامواتكم جميعا، و اموات المسلمين في مشارق الارض ومغاربها.

     إن هذا المهرجان ، اذا تكرر، كما نتمى له ذلك، فسيكون دافعا للكتابة عن علماء المنطقة، ومفكريها، والتعريف بهم، والتأريخ لحياتهم، والكتابة عن تراثهم، وهذا سيشكل  تجاوزا، لما هو  موجود من اهمال  لميراث العلماء ،  مما يطرح  علينا السؤال  للتفكير في حماية تراثنا العربي، وجهود علمائنا  من الاهمال، وكونه الاخير، يشكل ايقاع  الظلم عليهم ، اكثر من ظلم من هاجروا فضمنت الهجرة  لهم  تبني المجتمعات العربية لرسالتهم  الشرعية، من طرف طلاب العلم في مختلف الاقطار العربية والاسلامية  فكان الجميع  سفراء للثقافة والعلوم الشرعية لمختلف اقطار العرب..
لذلك أدعو مجددا  الى احياء تراث علمائنا بالكتابة عنهم في هذه المواسم الثقافة،  ولو في شكل مذكرات، وكتاب بعد كل موسم،  ليؤرخ للفكر، ورواده، حتى تتعرف  أجيال المستقبل  على علمائها الأجلاء امثال" محمد النعمة ولد التلاميذ" ، وشعراء موهوبين، يكاد يطويهم النسيان من  امثال "حسني ولد الطيب"، و "السادات ولد حين"،،، وحفاظا، واعلاما، لا يعرف إلا القليل عنهم، كجدنا المرحوم "محمد محمود ولد سيدي امحمد" الذي  نظم" رسما " معارضا ، لرسم  الطالب عبد الله ، وكان جميلا، وغاية في الوضوح على قواعد" الرسم" لكتابة القرآن الكريم، ولا  يختلف عن" الرسم"  المتداول في المحاظر  من حيث القواعد، إلا من جهة التوضيح للمبتدئين...
وهناك انتاج فكري كثير  مجهول  لعلمائنا، وشعرئنا، ومثقفينا الذين علينا واجب التأريخ لهم، وتسجيل أسمائهم، واحياء عطائهم الفكري... 
  ومن المفارقات،  هذا  الاهتمام بالعلم لله الحمد،  واهمال تراث العلماء معا، والأخير،  يندثر  على مرآنا بعد فترة قصيرة من رحيل العلماء،  وكأنهم أناس من ضمن  العامة. وتراثهم الفكري يجهل الكثير منا، وكانه ليس من البضاعة المطلوبة في حياتنا الثقافية...! 

ولعل هذا الامر،  يثير  التساؤل التالي:
لماذا الهجرة  رغم مآسيها، خير للعلماء من بقائهم في بلادهم، مادام أهلها يساوون بين العالم، وغير العالم في اهمالهما بعد  رحيل كل منهما؟
لأن الهجرة ضمنت لرسالة العلماء أن تستمر، وان يلقى العلماء من يكتب عنهم، ويهتم بتراثهم، ويطبعه، ويسجله في المواقع، والمكتابات الرقمية..
وها نحن في هذا المهرجان نتحدث عن قامات علمية سامقة،  كانت  سفراء شنقيط: للثقافة، والعلوم الشرعية..

ولعل الاهتمام المطلوب لاحياء هذا الملتقى، يشجع على اقامته في هذا الوقت، كلما حل الخريف، وهطلت الامطار المباركة، وظهرت على المحيا علامات الارتياح، ولاحت المناظر المخضرة على جنبات  المدينة، واكتاف كثبان الرمال الذهبية، لتترائى لوحات، ينعكس جمالها على مرايا المياه المستأنسة بمن حولها في استرخاء مريح للجميع بعد "صيف" قائظ، تولى مدبرا أمام السيول الدافقة في رحلتها من الجبال المطلة على وادي النخيل، ليحلو للنسمات أن تلقي تحياتها صباح مساء، وهي تلاطف المدينة  طيلة الموسم المبارك..

وخلال هذه اللحظات السارة،  فقد أخذنا العزم على ان نشارككم اياها في هذا المهرجان طارحين على انفسنا السؤال التالي للاجابة عليه، وهو: من نقصد بسفراء شنقيط  للثقافة، والعلوم الشرعية،،  من ابناء مجتمعنا العام؟

وفي البداية أشير الى أن هذا العرض اعتمد المنهجية التالية:

1 ـ المدخل، التقديم  اعلاه.

2 ـ العرض العام ( في قراءة منهجية لفكري: محمد محمود ولد التلاميذ، ومحمد حبيب الله ولد مايابى)

3 ـ الخاتمة.

.....................................

2 ـ العرض:

لعل من المعروف للجميع، أن تلك السفارات العلمية، قد اقتضتها رحلة أداء الحج، وكذلك طلب العلم، والاستزادة منه لدي ذوي الهمم العالية، بعد أن تلقوا مختلف علوم اللغة العربية، والعلوم الشرعية التي سيبقى طلبها فريضة على كل مسلم، وغيرها معطوف عليها لقول حجة الاسلام الغزالي " طلبنا العلم لغير الله، فأبى العلم الا أن يكون لله" تعالى، وكان من الخصوصيات لحملة العلم من رواد الفكر في بلادنا، أنهم بقدر تواضعهم في طلب العلم، كما سنرى مع  "محمد حبيب الله ولد مايابى" ـ رحمه الله تعالى ـ في رحلته من الحجاز الى الشام لتعلم القراءات، فلم يقصروا عن المشاركة الفعالة في التحقيق، والتدريس، والتأليف، فضلا عن التفاعل الايجابي مع  ابناء مجتمعات الأمة، الأمر الذي بوأهم المكانة المستحقة في النهضة الفكرية، والتطلع الى المستقبل المنشود للأمة،،

وسنبدأ بأول  النموذجين، وهو محمد محمود ولد التلاميذ، واستحق بجدارة أن يكون سفيرا لمجتمعات الأمة، ولا يصح الحديث عن السفارة الثقافية دون الحديث عنه، فما إن وصل الى مصر، حتى اسند اليه الشيخ محمد عبده ـ وكان إمام الأزهر الشريف ـ تدريس علوم العربية، وأكثر من ذلك، شارك في تحقيق القواميس، و روائع الشعر، ومن ذلك  تحقيقه لديوان شعر ابي العلاء المعري،  وقد ساعدت حركة إحياء التراث الفكري والأدبي في النقلة النوعية للنهضة الادبية، والفكرية في  أواخر القرن التاسع عشر، وبداية القرن العشرين...

وقد شهدت له سفارته للعلوم العربية في  كل من اسبانيا، والسويد في مؤتمر" استكهولم" المنعقد في العام 1906م.
على أنه كان واحدا من دعاة النهضة الفكرية، والاستقلال العربي عن الخلافة العثمانية، وذلك في سبيل التحرر السياسي، المقرون باحياء المنجز الحضاري لأمتنا الذي توقف اشعاعه الفكري  منذ سقوط بغداد في العام 1258 م. حيث تقاسم حضارة العرب والاسلام كلا من : السلاجة  من غلمان الأتراك في الجيش العباسي، ومن الصفويين رموز الشعوبيين، والعثمانيين منذ مطلع القرن الخامس عشر الميلادي..

وقد ظهر فكر ولد التلاميذ التحرري في قصيدته التي القاها في  مؤتمر العلوم الشرقية المنعقد في" السويد" بإشراف  رموز مملتكها،،حيث نعى الشاعر في قصيدته، احوال العرب، وذكر الحاضرين بامجاد أمته، وانسابها، وأسماء قبائلهم في الماضي والحاضر، الأمر الذي أثار عليه حفيظة السلطان" عبد الحميد"، وطالب بعودة ولد التلاميذ، ليغتاله على غرار ما فعل  ب" عبد الرحمن الكواكبي"، حين طالب الأخير في كتابه " أم القرى" بإقامة الخلافة للمسلمين في مكة المكرمة، كعاصمة بدلا من" الاستانة"، وأن يكون خليفتها عربيا  من اصل قرشي  منهيا بذلك حكم العثمانيين الذين حكموا باسم الدين، وهو من حكمهم الاستبدادي براء  نظرا لعنصريتهم، واستغلالهم البشع، وظلمهم لأمتنا، وطريقة حكمهم التي توارثوها متمثلة في قتل الأخ ـ لدى توليه الحكم ـ لأشقائه،  وكل افراد ورثة الحكم، وذلك حتى قبل نقض العهد، والنكث بالولاء له..

وكانت رسالة ولد التلاميذ في ذلك المؤتمر، لا تقل شأنا عما قام به تلاميذ الشيخ محمد عبده، من أمثال محمد عربي ، ومحمود سامي البارودي في رفضهم لواقع الاحتلال  حيث قاموا بالثورة المعروفة باسم ثورة محمد عرابي في 1882م. ضد الاحتلال الانجليزي ـ العثماني المتحالفين، كما اسماه العلماء حينئذ ب"الخارجين على الملة"، وبعد ولد التلاميذ، توالت المواقف الفكرية الشجاعة، كما عبر عنها عبد الرحمن الكواكبي في كتابه أم القرى..

وقد كانت رسالة الجميع التي عبرعنها كل واحد على حدة، هي: " أن العلم لله تعالى من أجل عبادته، وتجديد العقيدة، والاحياء النهضوي ، وذلك لرفع الظلم الاجتماعي، والسياسي، والتخلف الثقافي عن الافراد، ومجتمعات الأمة".

ولعل قيمة علم ولد التلاميذ فيما تداوله تلاميذه من كتاب النهضة في القرن الماضي، حين تبنوا أراءه حتى النحوي منها، كما أشادوا بسعة معارفه لعلوم العربية، وإحاطته بشواردها، كقوله إن " عمرو" من الاسماء التي تنصرف، خلافا لما قال به جمهور النحاة، كما كانت مواقفه الوطنية التي جعلته رمزا وطنيا لدى طلائع الشبيبة في المجتمع المصري، وما يميز شخصيته العلمية  بالسماحة، والتواضع، وبالدفاع عن مواقفه حين، يرى الحق معه، كما قال عنه تلميذه احمد حسن الزيات، وربما الجميع، يعرف، أن احمد حسن الزيات، كان  واحدا من الكتاب المشهورين في النهضة الفكرية، والأدبية في النصف الأول من القرن العشرين  في مصر، وهو المحقق لكتاب" الفصول والغايات" لأبي العلاء المعري، ولم ينس دور استاذه  في تكوينه، وفضله عليه، لذلك أهداه الكتاب معرفا به، وبعلمه، في نص الاهداء بقوله :(( الإمام اللغوي محمد محمود بن التلاميد التركزي، الشنقيطي، استاذي، علامة مصر))   

3 ـ  محمد حبيب الله ولد مايابى:

سيتم التطرق بإيجاز الى النواحي المنهجية في  تأليف  محمد حبيب الله ولد مايابي التالي  " زاد المسلم" في الحديث النبوي الشريف من السنة الغراء.
ومن المعروف لدى الحاضرين منكم ، أن رحلة علمائنا، أبناء مايابى محمد الخضير ، ومحمد حبيب الله من بلادنا، كان على أساس موقفهما الرافض للوجود الفرنسي الذي التمس الشرعية  في  الفتاوى التي أجازت الخضوع، والإذعان ـ  وهو ما يسمى اليوم بالاعتراف ، والخضوع المذل لأمر الواقع ـ للمحتل الفرنسي في بداية احتلاله الاجرامي في أواخر القرن التاسع عشر، وبداية القرن العشرين..

وقد اتجه الاثنان الى المغرب، ثم مكثا فيه فترة، ليستأنف محمد حبيب الله رحلته الى الحج، وبقي فترة تنقل خلالها بين المدينة المنورة، ومكة المكرمة، فألف معظم كتبه ومنها " زاد المسلم"، ثم  شد الرحال الى الشام  في سبيل تعلم القراءات على مشايخ الشام، وهذه الرحلة سيشكك فيها كل من اطلع على الحديث الذي أورده في كتابه عن عدم جواز الغناء بالقرآن الكريم خلافا للقراءات، وكون تأليفه سابقا على الرحلة المذكورة، ثم بعد ذلك، تروي السيرة المتداولة في المواقع، والكتب،  أنه انتقل الى مصر ليشارك بصفته  عضوا  في هيئة التدريس في الجامعة، و مشرفا على تدريس علوم الشرع، من التفسير، وأصول الفقه، والفقه المقارن، والحديث..

والسؤال الذي اطرحه للاجابة عليه، هو: لماذا ألف محمد حبيب الله  في الحديث كتابه " زاد المسلم"؟
ولو قلت لأن:  الحديث شرح رسالة القرآن الكريم،   ومقاصد الاعتقاد والتشريع،  وعالج أوضاع المجتمع خلال تاريخ البعثة المحمدية الى ان ارتقت روحه صلى الله عليه وسلم الى بارئها..وهذا جواب أولي
والجواب الآخر  الذي أقدمه للحاضرين في  قراءة مباشرة للنصوص، مستعينا بالله تعالى، ثم بما فهمته من نصوص ـ قضيت شهرين اقرؤها،  لأقدم ما أراه مطلوبا، وقد كتبت بحثا علميا،  ثم أخيرا طلبت مني إدارة المهرجان اختصار البحث في ورقات محدودة  مراعاة للوقت المحدد لالقاء  محاضرة ـ وقد  اطلعت على ما كتبه البعض، و ما فهمه الآخرون، وفسروا به النصوص، ومناهج التحليل التي اختاروا،  غير أني تجنبت  التبعية المقيتة، واقصاءها للفهم الخاص، وهو من الأمور التي تجعل من الباحث ناقلا، لا متعلما، يستزيد معارفه مما يقرؤ، ويقدم لجمهور القراء،  إضافة معتبرة من فيض معارفه، وبذلك يكون فعلا، قد  تجاوز دور الموظف  في البريد العام لتوصيل رسائله من المرسل الى المتلقي، خلافا لمن يقدم رسالة العلم، الذي هو مطالب بوضع بصمته الخاصة التي تشف عن هويته، وانتمائه، فضلا عن مستوى الفهم، والاستيعاب، والاستنتاج، والتشويق لقراءة تراثنا الرائع..

و بقراءة النصوص، وربطها بحركة الاحياء، والتجديد، يلوح في الأفق ذلك الضوء القزحي الجميل الذي وشح سماء الفكر، حين جمع  رواد حركة الاحياء،  والتجديد  من الأفغاني في القاهرة، ورفاعة الطهطاوي بعد رحلته الى الغرب،  و محمد حبيب الله بن مايابى في جامعة الأزهر، و لكل واحد منهم اسهامه المعتبر  في مجال تخصصه..

و اظهارا  لذلك المشترك الفكري في الاحياء، والتجديد، والتمسك بالعقيدة بين الرواد الثلاثة، أقدم الاقتباسين التاليين قبل قراءة فكر محمد حبيب الله.

فقد ذكر رفاعة الطهطاوي في الاستشهاد المختصر أن :(( .. البلاد  الإفرنجية بلغت اقصى مراتب البراعة في العلوم..غير أنهم ـ علماؤها ـ  لم يهتدوا الى الطريق المستقيم، ولم يسلكوا سبيل النجاة، ولم يرشدوا الى الدين الحق ومنهج الصدق..))، بينما الافغاني، كان يبشر بالنهضة على اساس الرؤية المستقبلية المتفائلة لديه، على أساس (( .. أن هذا الشرق، وهذا المشرقي، لا يلبث طويلا، حتى  يهب يوما من رقاده، ويمزق ما تقنع، وتسربل به، هو، وابناؤه، من لباس الخوف والذل، فيأخذ في إعداد عدة الأمم الطالبة لاستقلالها، المستنكرة لاستعبادها..))، ونجد هذا الهم المشترك عند محمد حبيب الله في عنوان كتابه" زاد المسلم" في قراءته لمائتين والف حديث، كان يستنجد، ويتحرى المواقف الشرعية التي، تمكن المسلم  من مواجهة  مستجدات قضايا عصره، وقد ابدع  في منهجه الذي لم يسبقه اليه غيره من جهة استقلاله في معالجته، وفي رؤاه، و اهماله منهج العنعنة في الاسناد، ولا شك أن ابن مايابى اطلع على رواية (أبن عبد ربه) في "العقد الفريد" حين: (( سأل حفص بن غياب،  الأعمش عن إسناد حديثه، فأخذه  بحلقه وأسنده الى الحائط، وقال هذا إسناده.. ))، وأكد ولد مايابى هذا التوجه بقوله: (( فليس العلم بكثرة الرواية)).

لذلك اقتصر عالمنا الجليل على راويين للحديث لفظا، ورواية، وقيد الأخير في روايتي البخاري ومسلم في صحيحهما، وما اتفقا عليه من الاحاديث المتصلة، لكونه حذف الاسانيد، ورتب الاحاديث على حروف المعجم، واعطاه العنوان " زاد المسلم فيما اتفق عليه  البخاري ومسلم" وقد تجاوزهما في تركه للاحاديث الضعيفة، المشكوك في صحتها..

ولم تمنعه الظروف الصحية  التي اشار اليها، دون اتقانه لشروط التأليف، كالالتزام بالأمانة العلمية، بإسناد الاحكام، واستحضار الآراء المتفقة، والمختلفة، ومناقشتها فيما توصل اليه من سبقوه، وقد اتفق مع البعض، واختلف مع  الآخر بعد اسناد موقفه بنص قرآني، أو حديث، أو موقف أحد الأئمة الاربعة، كما اشرك في النقاش العلمي  مختلف علماء مجتمعه، فذكر معظهم، وعرف باسمائهم،  ومساهماتهم في التأليف، ولم يترك أحدا من أي منطقة في بلادنا، وبذلك كان سفيرا حقا بنشره لعلم بلاده، والتعريف باعلامها  وقد اختار هذا الاسلوب الامثل..

وأجدني مطالبا بتأطير هذا التأليف بظروف صاحبه الشخصية، وما كان يعانيه في صحته، بقوله: (( لا سيما من كان فكره مشغولا بالأمراض ومحن الزمان..))..

كما حرص على تقديم منهجيته، دون أن يترك للمؤولين تقديمها على غير ما قدمها في كتابه، بقوله: (( ...عزمت على الاختصار، غير المخل في باقي هذه الحاشية لئلا،  يكون التطويل مبطلا لعملي مع عوائق الدهر المتوالية، وربما، يكون الاختصار للناس انفع... )).

أما الغرض من التأليف، فذ كره  بقوله:(( ... ولنصح الأمة ببعض فوائد لا يوجد لها نظير...)).

وتلك المنهجية شجعت على قراءة  الحديث النبوي نصوصا لدى طلاب علوم الحديث، والتفسير، وعلم الاصول، وهي منهجية، قل نظيرها في الوضوح، والإيجاز، والفائدة  المبتغاة من الحديث النبوي لتركين العقيدة، وتأصيل التشريع الاسلامي، ولعل  دافعه الاساسي، أن البيئة الفكرية العامة في النصف الأول من القرن العشرين، كانت شبه  مهملة للحديث النبوي، الأمر الذي جعل" زاد المسلم" متميزا  في الحث لإحياء الحركة العلمية التجديدية في دراسات الحديث، وتقريب السنة النبوية المطهرة من حياة المجتمعات المعاصرة، وهذا جانب من فهمي لهذا الكتاب، ورسالة صاحبه.

وسأقدم نموذجا من قراءة الحديث في نموذجين، تطبيقا للمنهجية المتبعة في" زاد المسلم".

النموذج الأول:

الحديث رقم (747)

ولعل المؤلف أورد الحديث من اجل الكشف عن تطابق النص القراني والسنة النبوية للحكم في القصاص، والتذكير بمصادر قواعد أصول الفقه في القول" الجزاء من جنس العمل"، ففي قوله تعالى(( وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن)) (المائدة 45). وفي الحديث رقم (747)، واللفظ للبخاري ومسلم، وناقل الحديث أنس بن مالك رضي الله عنه، ونص الحديث هو ((ما أجد لكم إلا أن تلحقوا بالذود( قاله) لرهط ثمانية من عكل وعرينة المدينة فقالوا يا رسول الله ابغنا رسلا)).

اما المنهجية التي اتبع المؤلف، فهي:

أولا ـ شرح المفردات:

ما أجد لكم بمعنى(( لا أجد لكم  مما يوافق طباعكم ويكون فيه الشفاء لكم غير اللحاق بالذود من الإبل وعدده من 3 الى 10.))
الرهط: (( اسم  عدد لثلاثة اشخاص فاكثر،))
(عكل، و عرينة):  ((من أسماء القبائل، ))
أبغنا: (( بمعنى اطلب لنا، رسلا ـ بكسر الراء، وسكون السين، لبنا ،،))

ثانيا: 
تقديم الحديث برواية أخرى، وهي (( عن أنس أن نفرا من عكل ثمانية، قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبايعوه على الاسلام، فاستخموا الأرض وسقمت اجسامهم، فشكوا الى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال لهم ألا تخرجون مع راعينا في إبله، فيصيبون من ابوالها والبانها، فقالوا بلى، فخرجوا، فشربوا من ابوالها والبانها، فصحوا، فقتلوا الراعي وطردوا الإبل فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فبعث في اثرهم، فأدركوا فجيء بهم، فأمر بهم فقطعت أيديهم،  وارجلهم، وسمل اعينهم، ثم نبذوا في الشمس حتى ماتوا. ))

وشرح المفردات:

استخموا: أصيبوا بسوء تكيف مع البيئة الحضرية، و اصابهم  المرض جراء أكل طعومها،

سقمت الاجسام: مرضت.

الحكم  في الحديث:

(( القتل: وهو حكم المرتد عن دينه، وقطع اليدين للسرقة، وسمل العيون للقصاص منهم في سملهم لعيون الراعي.))

الأحكام العامة:

وفي الحديث  أحكام عامة حول التداوي بالابوال، ومن قال بجوازه من الائمة، كإمام مالك (( الذي  قاس عليه بول سائر مأكول اللحم )) ، ومن رأى فيه كراهة، وهنا يورد ولد مايابى أقوال العلماء كلهم، ويستشهد بآراء علمائنا السابقين، وهذا من الجوانب الابداعية في تأليفه، كقوله عن التداوي بأبوال الابل: (( وأجيب: عن حمل الأمر باجوبة من علمائنا يطول ذكرها، ويندب عندنا غسل فضلة المباح مراعاة لمذهب الشافعي، ومن وافقه، وقد أشار  الى ذلك أخونا المرحوم الشيخ محمد العاقب في نظم فتاوى المالكية لسيدي عبد الله بن الحاج  ابراهيم بقوله:

وغسل فضلة المباح ،،،لأن خلف الشافعي يجتنب)) .

النموذج الثاني والأخير من الأحاديث:

نص الحديث ( 751) : (( ما أذن الله لشيء ما أذن  لنبي يتغنى بالقرآن))

الراوي أبو هريرة رضي الله عنه، ونقل الحديث، البخاري، ومسلم

شرح الكلمات:

أذن الله : (( استمع الله عز وجل))،

النبي: (( أي لصوت نبي من انبيائه عليهم السلام، والمراد نبينا محمد صلى الله عليه وسلم))،

يتغنى بالقرآن::  ((يجهر  به))

الاقوال:  ((سفيان بن عيينة: يستغني به وفسر بأن معناه يحسن صوته به.))

النووي: (( معناه عند الشافعي واصحابه واكثر العلماء، تحسين الصوت به))،

القسطلاني:  (( يتغنى بالقرآن يجهر به))،

الشافعي: ((  ولو كان معنى يتغنى بالقرآن على الاستغناء، لقال: يستغني، وتحسين الصوت، هو يتغنى))،

ابن الانباري في الزاهر: ((  المراد بالتغني التلذذ به، كما يستلذ  هل الطرب بالغناء،،وقيل المراد الترنم))،

الطبري: (( الترنم لا يكون الا بالصوت  اذا حسنه القارئ وطرب به، ولو كان معناه الاستغناء  لما، لذكر الصوت، ولا لذكر الجهر معنى))

محمد حبيب الله  بن مايابى:

"(( ويمكن الجمع بين اكثر التأويلات المذكورة ، وهو انه يستحسن به صوته جهرا به  مترنما على طريق التحزن، مستغنيا به عن غيره، طالبا به غنى النفس، رجيا به غنى اليد ..))،

ويضيف الى ذلك حكم المالكية في الموضوع قائلا: ((  فحكم القراءة بالتلحين أي التطريب الكراهية  عندنا معشر المالكية)).

كما عرض لانواع القراءات  مفصلا فيها، واورد نظما له في القراءات، بعد ان اورد آراء علماء بلاده، مما يشكك في الرحلة المزعومة الى الشام لتعلمه القراءات  القرآنية،،

قال في نظمه في ترتيب القراء:

((  رتل حمزة وورش في الأدا ،،،،،
وعاصم مثلما قد جودا

ثم ابن عامر مع الكسائي ،،،،،،،،،
قد رويا التدوير للقراء

والمكي والبصري وقالون تلا،،،،،،،
بالهذ  كلهم بوصف كملا

وكل واحد يجيز ما روى،،،،،،،،،
،سواء اذ شرط التواتر حوى

وهذه المراتب السنية،،،،،،،،في كل ما يتلى بذي الكيفية

وغلط المدمج والممططا،،،،،،إذ التلاوة بذينك  خطا ))

كما ذكر نظم سيدي عبد الله بن الحاج ابراهيم حول القراءات السبع، وكونه اعتمد منهج الشاطبي في ترتيب القراء حسب الحروف الابجدية خلافا له ـ محمد حبيب الله ـ في نظمه المذكور اعلاه الذي تحرى الوضوح،.

وقد ذكر بأن القراء اجمعوا على تحريم القراءة المسماة ب" التمطيط، أو الادماج اذ لا يصدق على واحد منها اسم التجويد الذي هو اعطاء الحروف حقها".
وياتي الحديث عن الغناء بالقرآن الكريم ، لأن  في عهده  شاع التحريم بالقراءة  في بلاد مصر والحجاز، حسب قوله، لذلك اراد ان يوضح المسموح به، وحدوده الشرعية..

4 -   الخاتة:

  إن الباحث في العلوم الشرعية، إذا قارن بين منهجية العلامة ابن مايابى في " زاد المسلم"  ومنهجية ابن رشد الحفيد في " بداية المجتهد، ونهاية  المقتصد" في الفقه المقارن، ليدرك مدى التبحر في علوم الشرع لكل منهما، وحرصهما على تقديم مؤلفيهما لطلاب العلوم في شكل مختصرات، كافية، ووافية، ولكن كيف ذلك؟

وساشرحه بالقول، إن ابن رشد مالكي المذهب، كان يقدم  قراءة في الفقه المقارن، ثم يعقب عليها بمواقف الأئمة الأربعة، واحيانا يذكر المذهب الظاهري عند ابن داود،  او ابن حزم، وذلك  في اختصار لا تقصير مخلا فيه، ولا تطويلا مملا..

كما أن المنهجية في التأليف، والتعليم عند ابن ميابى، ليست بعيدة عن منهجية ابن رشد، إلا من جهة الاختلاف في الموضوع، والحاجة الى الشرح اللغوي، والتقعيد النحوي، واستخراج الأحكام الشرعية من الحديث النبوي لتأكيد، أنه المصدر الثاني للعقيدة، والتشريع..

وإن المتتبع للمنهجيتين المتبعتين في التأليفين المذكورين، سيظهر له بوضوح الى أي حد  تفوق ابن مايابى على ابن رشد، وإن كان كل منهما ابدع غاية الابداع، فالاول في الفقه المقارن، والثاني في السنة الغراء، وكان كتابه يضاهي الابتكار  في التأليف الذي تفرد به القاضي عياض في " الشفا في صفات المصطفى صلى الله عليه وسلم" الذي يعد كتابا  في المنهج  بمواصفات مناهج البحث العلمي في اصدارات أرقى الجامعات المعاصرة، في توزيع المؤلف إلى ابواب، وفصول، وفقرات تفصيلية  للفصول، وخاتمه لكل فصل.

وربما، لاحظ ابن مايابى، حاجة المتعلمين في عصره الى تقديم حلول شرعية للظواهر الاجتماعية، والتعامل الأحداث اليومية، واسباب النزاعات الرئيسة والثانوية، وما تقتضيه من معالجات عملية على غرار ما كان  يقدمه رسول الله صلى الله عليه وسلم: إما قولا، أو فعلا، أو طلبا لفعل، او طلبا لترك، او تعليما، أو اصلاحا لأمور الناس في الحياة الخاصة، أو مواجهة للفاعلين  الذين خرجوا على حدود الشرع، او ترسيخا للعقيدة، او تاسيسا لتشريع،، وكانت هذه وغيرها موضوعات للأحاديث النبوية التي وردت في " زاد المسلم"، وسعى المؤلف وهو العالم المجتهد الى التبسيط، والتسهيل، والترغيب، فقام باختيار الأحاديث المتأكد من صحتها، ونقلها من كتب  أهل الحديث بتخريج البخاري، ومسلم، وناقلي الأحاديث وذلك لتأكيد صحة نسبة لغة الأحاديث، واسبابها، بالاضافة الى شرح الكلمات لغويا، والتعريف بالأماكن التي وردت في المتون ،  أو الاشخاص، أو القبائل، او الوقائع، وكثيرا ما قام المؤلف  بتقديم  الحديث باسلوبين: واحد بمتون الاحاديث، والثاني بلغة ثانية لاحد الرواة، وذلك تسهيلا لمعرفة مضمون الاحاديث بالاضافة الى استظهار القواعد النحوية، والشواهد من الفية ابن مالك، أو من كتاب سيبويه، ومن ثم يأتي دور استخراج الاحكام الشرعية من الأحاديث، وذكر الآراء المختلفة لفقهاء المذاهب الاربعة باختصار.

أما مسك الختام في المنهج، فهو الفائدة المتوخاة من اختيار الأحاديث المائتين، وألف (١٢٠٠)  دون غيرها، فيما يعتبر  زادا للمسلم، ومن هنا ندرك غرض المؤلف من عنوان كتابه " زاد المسلم".

وفي الختام أذكر باستعدادي لتقديم اكثر من قراءة في  الأحاديث الواردة  في زاد المسلم، كلما  أقيم مهرجان ثقافي في مدينة كرو ، بحول الله تعالى، وقوته ..

وبالله التوفيق.

إضافة تعليق جديد