خطاب المختار داداه بعد أحداث 1966 ، الواقعة على خلفية قرار ادخال اللغة العربية فى المرحلة الثانوية .

30 يوليو, 2022 - 21:38

خطاب المختار ولد داداه  
10\01\1966
-------------------------------------------
مواطني الأعزاء، عندما أعلنت في منتصف ليل 28 نوفمبر 1960 استقلال موريتانيا، فإنني بذلك قد أنهيت تبعيةَ رجال موريتانيا ونسائها للقوة الاستعمارية السابقة. وفور انتخابكم إياي بالإجماع رئيساً للجمهورية ثم أميناً عاماً للحزب، قطعت على نفسي عهداً أمام الله وأمام العباد أن أبذل قصارى جهدي في كل ما من شأنه أن يرفع من مستوى الأمة الموريتانية اقتصادياً واجتماعياً. ومن البديهي أن مثل هذه المهمة لا يمكن القيام بها إلا في إطار وحدة وطنية صلبة تعتمد على أسس قويمة تمكن كافة الشعب الموريتاني من تحمل أعباء الاستقلال ومواجهة أعداء الأمة في الداخل والخارج بفعالية.
وقد أقسمت أمام الملأ وتعهدتُ أن أحمي هذه الوحدة وأوطدها. فعندما كانت وحدتنا مهددة بمطالب المغرب الذي حاول تنظيم أعمال تخريبية في بلادنا في مسعى لجعلها مقاطعةً مغربية، فإني لم أتردد في القضاء على كل مَن سوَّلت له نفسُه في الداخل أو الخارج أن يحبط جهودَنا ويثبط إرادتَنا في بناء موريتانيا قوية ومستقلة. ولم تذهب تلك الجهود سدًى. واليوم تعلن مجموعة من مواطني جنوب البلاد، كل أفرادها موظفون، بل إن من بينهم موظفين سامين في الدولة، عزمَها على التخلي ببساطة عن هذه الوحدة من خلال القيام بعمل مناف لعقيدة الحزب، حزب الدولة، ومناف للقوانين التي تجسد هذه العقيدة. ولم يتردد هؤلاء المواطنون الذين أعمتهم المواقف العاطفية، في نشر بيان يدعم إضراب تلاميذ المؤسسات الثانوية ويشجعهم على إعاقة تطبيق القانون رقم 65,026 الصادر بتاريخ 30 يناير 1965 القاضي بإلزام تدريس اللغة العربية في مؤسسات التعليم الثانوي. وينبغي القول إن مَن وقَّعوا على هذا البيان قد استخدموا بطريقة جبانة مجموعةً من الفتيان في عملهم الضار، مستغلين سهولةَ تحريك عواطفهم واندفاعهم وراء تصرفات غير عقلانية. ولم يتردد هؤلاء في تحقيق مراميهم باستخدام فتيان وفتيات موريتانيين كان من المفروض أن يكرسوا كل اهتمامهم لمتابعة دراستهم في اطمئنان ليعدُّوا أنفسهم غداً لتحمل دورهم في مسئوليات السلطة وقيادة مستقبل الأمة. وأخيراً فإن موقِّعي هذا البيان لم يفوضهم أي أحد، لا في أجهزة الدولة ولا في هيئات الحزب. وقد اختاروا التهديد والابتزاز والتخويف بدلا من الحوار في إطار الحزب والدولة. أما أنا فكنتُ على الدوام من أنصار الحوار كلّما دعت المصلحة العامة إلى ذلك. وأؤكد أن الطريق الذي اختاره موقعو البيان من تهديد وابتزاز واستغلال إجرامي للشباب المدرسي، قد حتّم عليَّ أن أعاقب أولئك الذين جاهروا بالعمل ضد الدستور وقوانين الدولة وسَعَوا إلى المساس بوحدة الأمة، بوصفي حامي الدستور والوحدة الوطنية. وعليه، فقد قررت تعليق الموظفين التسعة عشر الموقّعين على البيان اعتباراً من يوم الأربعاء الخامس من يناير ومتابعتهم قضائياً. وأنتهز هذه الفرصة لأحذّر علناً كلَّ فرد أو مجموعة مهما كانت من أن أي عمل يرمي إلى المساس بأسس الوحدة الوطنية سيعاقَب مرتكبه دون رأفة. وغني عن القول إن جميع القضايا الوطنية يَلزم أن تَخضع لنقاش معمَّق في الإطار الشرعي لمؤسسات الحزب والدولة من أجل إيجاد حلول ترضي الجميع.

إضافة تعليق جديد