لقد خصني الله (حَنِين) بتدريس مادة الرياضيات- في نهاية القرن المنصرم وبداية القرن الحالي- للشعبتين الرياضية والعلمية من التعليم الثانوي (باللغتين العربية والفرنسية) لمدة تزيد على عقد من الزمن، كما أتيحت لي فرصة تصحيح نفس المادة في البكالوريا لنفس الشعبتين... ولقد كنا نحن مدرسي هذه المادة في تلك المستويات -خاصة من أتيحت له منا فرصة التدريس باللغتين- مجمعين على أن الفرق شاسع جدا بين التلاميذ الذين يدرسون باللغة العربية وأولئك الذين يدرسون باللغة الفرنسية..
من موقع التجربة الشخصية، أسوق مثالين على ذلك:
- كنت أدرس الرياضيات للشعبة الرياضية لنفس المستوى – ولعدة سنوات- في مؤسستين مختلفتين إحداهما تدرس بالعربية والأخرى تدرس بالفرنسية، ولقد كان علي أن أنجز موضوعات مختلفة للامتحان وسلاسل التمارين لعدم قدرة التلاميذ الذين يدرسون باللغة الفرنسية على مسايرة نظرائهم الذين يدرسون باللغة العربية
- كنت ولسنوات متتالية، أصحح موضوع البكالوريا للشعبتين (الموضوع موحد)، في نفس اللحظة...آخذ هذه الرزمة بالعربية وأتبعها أخرى بالفرنسية...وقد لاحظت ضعف نتائج تلاميذ الشعب الفرنسية عموما وندرة العلامات المتميزة مقارنة مع نظيراتها في الشعب العربية، خصوصا بالنسبة لشعبة الرياضيات... ولا أتذكر أنني صادفت نتيجة تزيد عن 17/20 في مادة الرياضيات للبكالوريا الرياضية الفرنسية، في الوقت الذي لا تمر عليك رزمة أو رزمتان من الشعبة العربية إلا وتجد نتيجة تقارب العشرين، والفرق أقل بالنسبة للشعبة العلمية... وعلى العكس من ذلك كان عامل التشتت يميل لصالح الشعبة الفرنسية بحيث أن النتائج في أغلبها محصورة ما بين 03/20 و 13/20
لا أعتقد أن في الأمر غرابة، حيث يجمع المربون على أن قدرة استيعاب المادة التدريسية تنقص كثيرا عندما يكون الطفل يدرس بلغة غير لغته الأم، ولقد جاء مشروع القانون التوجيهي الخاص بالتعليم والمعروض حاليا أمام البرلمان ليصحح الاختلال الناتج عن تدريس المواد العلمية باللغة الفرنسية، وهي خطوة تذكر فتشكر...كما أن إلزامية تعلم اللغات الوطنية البولارية والسوننكية والولفية للأطفال الذين تكون اللغة العربة هي لغتهم الأم، والسماح للأطفال الذين ليست اللغة العربية هي لغتهم الأم بتلقي التعليم العلمي بلغتهم الأم، هما مسألتان مهمتان جدا، إذ تساعدان في تعزيز اللحمة الوطنية وتسمحان لجميع أبناء هذا الوطن، الغالي علينا جميعا، باكتساب العلوم والشعور بالتناغم وعدم التصادم بين "مؤسستي" البيت والمدرسة...
هذا خبر ما عندنا فما خبر ما عندكم؟