الحكومة تفنّد انتقادات "غزواني" للوزراء وتؤكد أنها مجرد إشاعات

7 مايو, 2021 - 23:33

خوفا من استغلالها في الحملة السياسية المركزة التي يقودها الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز ضد نظام الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، حسب محللين، اضطرت الحكومة الموريتانية لتكذيب ما نُشر حول انتقادات الرئيس للوزراء وانسحابه عنهم.

وجاء التكذيب الحكومي على لسان وزير العدل محمد محمود بن بيه، الذي أكد في تصريح بثته الوكالة الرسمية “ثقة رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني، في الحكومة”.

وأضاف الوزير: “إن ما تم تداوله بخصوص انتقاد رئيس الجمهورية لأداء الحكومة، مجرد إشاعات”. وأوضح “أن انسحاب الرئيس من اجتماع مجلس الوزراء الأخير تم بعد انتهاء جدول أعمال المجلس”، أي ليس غضبا على الوزراء.

وكما وقع بخصوص الانتقادات التي قيل إن الغزواني وجهها لحكومة محمد ولد بلال، فقد أثار التكذيب الحكومي فضول المحللين السياسيين والمدونين والإعلام الخاص، الذين واصلوا ضغوطهم لتغيير الطاقم الوزاري.

وأكد الإعلامي حنفي دهاه، المدير الناشر لصحيفة “تقدمي” في تحليل له لتكذيب الحكومة “أنه بعد انتقادات الوزير الأول محمد ولد بلال لأداء الإدارة، وتحميلها مسؤولية تأخر إنجاز تعهدات ولد الغزواني الانتخابية، تحدثت وسائل إعلام موريتانية عن انتقاد الرئيس غزواني وغضبه ثم انسحابه من اجتماع مجلس الوزراء بعد أن عبّر لهم عن خيبة أمله في أدائهم رغم ما وفر لهم من ظروف، ومنحهم من صلاحيات”.

وأضاف دهاه: “بعد هذه الجَلَبة الإعلامية، نفى وزير العدل أن يكون ولد الغزواني قد انتقد وزراءه أو غاضبهم أو انسحب من اجتماعه بهم قبل انتهاء جدول أعماله؛ حيث أكد محللون أن مما أثار حفيظة الرئيس الوقور اكتشافه أن برنامجه “أولوياتي” الذي كان قد أعلن عنه قبل ثمانية أشهر، والمقرر أن يستمر ثلاثين شهراً، لم تصرف من ميزانيته سوى 6% رغم أنه تم توفير 75% من تمويله، مما يعني أن يد الحكومة الجَمَاد سكنت عن التصرف، فلم تنجز شيئاً من هذا المشروع الطموح، رغم أن نجائب الأيام تغذُّ خطاها حثيثة لنهاية المأمورية الأولى، و ما في أول الجفنة ينبئك بآخرها”، حسب تعبير الكاتب.

وقال: “أعتقد أن ولد الغزواني يحمل نية حسنة لإنجاز شيء، غير أن حسن نيته كان ضحية حسن ظنه برجال ليس في ماضيهم ما يدعو لأن نحسن بهم ظناً، حيث لا كفاءة ولا استقامة يمكنها أن تشفع لأغلب موظفيه، فهؤلاء كانوا وزراء ولد عبد العزيز ومدراءه ومستشاريه وسفراءه، فهل يمكن لولد الغزواني أن يجعل من معول سلفه مسحاة، ومن الأيدي التي كان يفسد بها سواعد للبناء والتنمية؟”.

وأضاف: “إن محاولة إقامة نظام إصلاح بنفس الأشخاص، الذين أقام بهم ولد عبد العزيز نظام فساده، أشبه بتفريغ زيت حرقه محرك سيارة لاستعماله في محرك أخرى”.

وقال: “من الجيّد أن يعطي الرئيس حكومته صلاحياتهم، و يمنحهم ثقته، ويترك لهم الحبل على الغارب ليؤدوا عملهم دون تدخل أو إملاء، لكنه ينبغي أن يختارهم أولاً على أساس من الكفاءة والنزاهة، فحين تطلق اليد لفاسد بالفعل أو بالقوة (حسب تعريف أرسطو) فكأنما حررت عصائب طير في مزارع ذرة”.

وزاد: “أتمنى من غزواني أن “يمسح الطاولة” وأن يختار لنفسه فريقاً يمكنه به أن يرفع التحدي، وأن يقود الدابة من خطامها بدلَ أن يتعلق بذَنبها، فمن يراهن في معركته على الفاشلين والواجمين أمام السلالم زعيمٌ بأن يخسر موعده مع التاريخ”.

وعلق المدون البارز محمد محفوظ ولد أحمد على حادثة تكذيب الحكومة قائلا: “الخبر الذي سارت به المواقع بخصوص أن فخامة الرئيس وبّخ وزراءه أو لفت نظرهم، بأنهم مقصرون رغم ما منحوا من الصلاحيات والوسائل لم تطل الفرحة به”.

وقال: “فرح المواطنون أيما فرح وتفاءلوا وتوقعوا لمّا علموا أن رئيسهم يدرك الحال “العادي جدا” لحكومته، ولا تجري الأمور من فوق رأسه؛ لكن، يا حسرة: فقد طلع وزير سيادي ليقول إن ذلك مجرد اشاعة كاذبة خاطئة، وأن الصحيح هو العكس، لأن كبير الوزراء أكد ثقة فخامة الرئيس التامة في الحكومة”.

وأضاف ولد أحمد: “هكذا فإما أن تكون إشاعة كاذبة، فيكون فخامة الرئيس فعلا غافلا تأكل القطة عشاءه، كما يقول إخوتنا المصريون، ويظن أن كل شيء على ما يرام، وأنه هو أيضا أطعم من جوع وآمن من خوف، وإما أنه حقا قال ذلك أو عبر عنه، ولكن الوزراء يرفضون قوله ويكذبونه ويتحدونه؛ وتان خطتا خسف بالنسبة لنا نحن المواطنين الشاهدين على صحة معنى ما قال أو قيل إنه قال”.

وزاد: “أخيرا لا جرم أن هناك أقلاما محترمة احتفت بملاحظات الرئيس واستدلت بها على ما ظلت تبشر به عنه من صبر وتؤدة تحتهما الصرام، تشعر الآن بالحرج والعزلة، من تكذيب وزير العدل الذي نقلته الوكالة الرسمية”.

وفي صف التدوين الموالي للرئيس، أكد الصحافي الحسين محنض رئيس تحرير مجلة “المسار” في تعليق له على غضبة الغزواني: “حتى ولو لم تكن غضبة الرئيس على حكومته صحيحة، كان عليهم من باب فن صناعة القيمة الإعلامية لرئيس الجمهورية أن يتركوا الشائعة تفعل فعلها في إظهار الرئيس بمظهر الحاكم الذي يتابع حكومته ويحاسبها، وألا يفسدوا على الرأي العام فرحته بأن الحكومة قد تشهد تغييرا جديدا أو على الأقل حركية جديدة لصالح الوطن والمواطن”.

وكتبت الإعلامية منى بنت الدي: “ما كان لوزير العدل أن يكذب غضبة الرئيس من أداء الحكومة، كان على الرئيس  أن يغضب أو على الأقل أن يتظاهر بالغضب أو أن يشاع أنه غضب لأنه غضبته أحيت أملا بالإصلاح والتغيير الذي يتطلع له الناس من أجل تغيير واقع مر يعيشونه”.

وأضافت: “صحيح أن الحكم الحالي وجد خزائن فارغة وتركة ثقيلة ومديونية خانقة إلا أن وجوه العشرية الكالحة وأيديها الملطخة مازالت تسرح وتمرح في المناصب العليا إضافة للإدارة الموبوءة والضعيفة والخائرة حتى الآن”.