قوبلت انتقادات مشددة وجهها الرئيس الغزواني لوزراء حكومته خلال اجتماعها الأسبوعي أمس، بترحيب واسع على مستوى الساسة والمدونين شبه المجمعين على فشل الحكومات التي عينها الرئيس منذ انتخابه.
وحسب معلومات سربت أمس من اجتماع الحكومة، فقد وجه الرئيس الغزواني انتقادات لاذعة لحكومة ولد بلال، وانسحب من جلستها الأسبوعية، مؤكداً للوزراء “بأنهم لم يقوموا بما كان معلقاً عليهم ومتوقعاً منهم، رغم الوسائل التي أتيحت لهم والصلاحيات التي منحت لهم دون أي تدخل من رئاسة الجمهورية”.
وجاءت الانتقادات هذه في سياق مناقشة لبيان يقترح جملة من الإجراءات الخاصة بتسريع وتيرة تحقيق أهداف برنامج “أولوياتي الموسع” الذي انتخب الرئيس الغزواني على أساسه، وبخاصة جوانبه الخاصة بالنمو الاقتصادي، والتشغيل، ورفع معدل الاكتفاء الذاتي، والنفاذ إلى الخدمات الأساسية.
فقد لاحظ الرئيس أن أولويات برنامجه متعثرة، وأن السبب هو ضعف أداء الحكومة.
وأدى هذا الانتقاد إلى إلغاء المؤتمر الصحافي الأسبوعي للحكومة الذي يعلق فيه أعضاؤها في العادة على نتائج اجتماعاتهم.
وانتهز الساسة والمدونون غير الراضين عن اختيار الرئيس الغزواني لمساعديه وطواقم حكومته، انتقادات الرئيس للحكومة، فصبوا جامات غضبهم على الوزراء ووصفوهم بـ “الفاشلين”، بينما دعا مناصرو الرئيس الغزواني لضخ دماء جديدة وتصفية الفاشلين.
وكتب الإعلامي أحمد محمد المصطفى غريب: “تحولت حكومة المهندس محمد ولد بلال في بعض الصفحات من حكومة الإنجازات العملاقة والمشاريع الجبارة، إلى حكومة فاشلة وخرقاء لا تتقن عملاً ولا تصنع إنجازاً ولا تحسن تخطيطاً، وقد فشلت في تجسيد المتوقع منها رغم الإمكانيات والصلاحيات”.
أما القيادي الإسلامي محمد جميل منصور، وهو من أنصار الرئيس الغزواني، فقد علق قائلاً: “الإصلاح ممكن، والحاجة إليه ملحة، ومطلوبيته واسعة”.
وأضاف: “يتطلب الأمر إرادة حازمة، وعليها ظهرت بعض المؤشرات، والاستعانة بالمصلحين أو من هم مظنة لذلك، والابتعاد عن عناوين الفشل ومن ظن به سوء، ونأمل مؤشرات على ذلك قريبة؛ والرقابة والمواكبة والمحاسبة، وذلك لا ينافي إعطاء الصلاحيات وتحميل المسؤوليات”.
وقال: “المشاكل كثيرة، والتحديات جمة، والأخطاء متعددة، والموريتانيون يحتاجون جديداً ويريدونه”.
وكتب الإعلامي الحسن لبات: “ماذا ينتظر رئيس الوزراء لتقديم استقالة حكومته؟ قد يعيد له رئيس الجمهورية الثقة وقد يحتفظ بعض الوزراء بمقاعدهم، ولكن المحافظة على هذه الحكومة بتشكيلتها الحالية أصبحت شبه مستحيلة، إن صحت التسريبات الإعلامية المتداوَلة اليوم”.
وزاد: “إذا كان رئيس الجمهورية لم يعد يثق في حكومته من أجل تجسيد برنامجه الانتخابي، فكيف بالشعب؟ هل يمكن لوزير أن يخاطب أحد مرؤوسيه غداً ويعطيه الأوامر، علماً أن الرئيس منزعج من أداء هذا الوزير؟”.
وعلقت الإعلامية منى بنت الدي، على هذه القضية قائلة: “غضب الرئيس يجب أن لا يكون غضباً عابراً، يجب أن يكون غضباً له أنياب تقتلع كل جذور الفساد والتهاون بمصلحة الوطن والمواطن”.
ويتزامن اعتراف الرئيس الغزواني بضعف أداء حكومته مع حملة انتقادات لنظامه يقودها الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، الذي تحول بعد إحالة ملفه للقضاء بتهم فساد، إلى معارض شرس لنظام خلفه الرئيس الغزواني.
كما جاء الاعتراف أسبوعاً بعد انتقادات وجهها رئيس الوزراء الموريتاني محمد بلال لضعف أداء الإدارة الموريتانية، وحملها خلال زيارات يتابعها للقطاعات الحكومية، كامل المسؤولية عن “بطء وتيرة تنفيذ برنامج الرئيس الغزواني”،
وأكد في انتقاداته أن “هذه الوتيرة البطيئة في تنفيذ برنامج الرئيس المشهور بـ “تعهداتي” لا تعود لنقص في الوسائل ولا غياب الإرادة السياسية، وإنما إلى قصور في الإدارة التي هي أداة كل عمل حكومي ناجح وناجع”.
وأضاف ولد بلال أن “على الموظف الذي اختار بحرية أن يكون موظفاً في الإدارة، أن يستحضر أنه مسؤول عن كل أفعاله اليوم وغداً، وعليه أن يكون مثالياً في سلوكه نزيهاً في عمله متجرداً من كل ما يمكن أن يعتريه من شوائب وتقصير في أداء مسؤوليته تجاه الوطن والمواطن”، وفق تعبيره.
وجاءت هذه الانتقادات بعد عشرين شهراً من تشكيل حكومة ولد بلال، التي يتوقع كبار الساسة والمدونين تعديلها في وقت قريب أو استبدالها بحكومة كفاءات.
هذا ونفي وزير العدل الموريتاني محمد محمود بن الشيخ عبدالله بن بيه، صحة ما تم تداوله البارحة حول انتقاد الرئيس لأعضاء الحكومة، مؤكدا أنه “مجرد إشاعات”.
وقال الوزير في تصريح نقلته اليوم الخميس الوكالة الموريتانية للأنباء (رسمية) إن الرئيس يثق في أعضاء حكومته، مبينا أن انسحابه “من اجتماع مجلس الوزراء تم بعد انتهاء جدول أعمال المجلس”