الزواج في أفريقيا قضية عظيمة فطقوسه أغرب من الخيال ومهوره لا يصدقها أي عقل.
ولقبائل هذه القارة التي يراها العالم الآخر بدائية، تقاليد زفاف متأصلة في عمق ثقافتها؛ فالزواج فرض من الفرائض لا وجود للرجل إلا به: والأعزب، في الأمثال الأفريقية القديمة، مجرد مزهرية كسيحة بلا زهور.
ويتنافس الشبان على الفوز بأجمل فتيات الحي ويبذلون الأموال الطائلة للحصول عليها؛ وعندما يقدم أهل الفتاة ابنتهم للزواج ويشيعون ذلك، يبدأ الشبان الخاطبون في التقدم لها ضمن مزاد علني ليس المهم فيه أن يكون الشاب وسيما بل المهم أن يكون ذا مال وأن يكون مستعدا لبذله من أجل الفتاة.
أما الفتاة المعروضة للزواج فيجب أن تتسم بمواصفات جمال: ففي موريتانيا يجب أن تكون ممتلئة بدينة وإلا بقيت عانسا طول عمرها؛ أما قبائل الدينكا السودانية فالفتاة يجب أن تكون فارعة الطول.
آخر صرعات قبائل الدينكا في مجال المهور هو زواج الشابة نيالونق دينق التي يبلغ عمرها 29 عاما، وهي من ولاية البحيرات مقاطعة أوريال في السودان: فقد تنافس على خطبتها عشرات الشبان، وعرضوا مهوراً خيالية لها نظراً لطولها الفارع، فطول المرأة وصف مقدس في تقاليد قبائل الدينكا. وفي الأخير أسفر المزاد عن حظوة شاب بشرف الزواج منها بعد أن قدم مهرا يشمل 750 رأسا من الأبقار، وسيارة لاند كروزر آخر موديل، ومبلغ ثلاثمئة ألف دولار أمريكي عداً ونقداً.
وفي تقاليد زواج الشعب السواحلي تقام حفلة الحناء في الليلة التي تسبق الدخلة، حيث يقوم أصدقاء العريس تحت وقع الطبول وأنغام الناي، بتنظيم رقصة شعبية قتالية ثم يدعى العريس إلى المأدبة حيث يختطف زوجته للرقص ليتوجه الموكب إلى منزل العريسين.
وفي موريتانيا بل في عموم منطقة الصحراء الكبرى تختطف العروس من طرف أترابها ليقوم أصدقاء العريس بالبحث المضني عنها وبعد وجودها تبدأ إجراءات تجهيزها للمنزل المؤقت الذي يقضي فيه العريسان أسبوعا كاملا قبل انتقالهما لمنزلهما الجديد.
وفي شمال دولة ناميبيا تلطخ العروس قبل يوم زفافها بالأعشاب، وتقوم عائلة العريس بدهن العروس بالزبدة وهو ما يعني أن عائلة العريس قبلت بأن تخلط دمها بدم أهل العروس.
وتتنافس عائلتا العريس والعروس في قبائل الزولو الأفريقية في مسابقة رقص صاخبة قبل أن تقوم العروس بالرقص بمفردها وترفع ساقها عالياً لتؤكد بذلك أنها عذراء وأنها جوهرة لم تمس من قبل.
وفي تقاليد شعب النوير في جنوب السودان يحلق رأس العروس بالكامل ويطلب من العريس دفع 40 بقرة قبل أخذ العروس إلى قرية العريس من قبل صويحباتها.
ويظل الزواج غير مكتمل حتى تلد الزوجة طفلين، وإذا حملت طفلًا واحدًا فقط وطلب الزوج الانفصال عن زوجته، يتم منحه الاختيار بين استرداد أبقاره أو حضانته للطفل.
وفي عادات وتقاليد الزواج لدى قبيلة ندبيلي الأفريقية، لا تتزين العروس بالفستان الأبيض ولكنها ترتدي ثيابا مصنوعة من جلد الماعز المطرزة، ويمر الزواج على ثلاث مراحل أولها دفع مهر العروس سواء أكان نقودا أو ماشية، أما المرحلة الثانية يتم فصل الزوجة عن المحيط لمدة أسبوعين وستقوم السيدات بتقديم النصح لها وأن تكون زوجة صالحة، وتأتي بعد ذلك المرحلة الثالثة والأخيرة وهى عندما تنجب الزوجة طفلها الأول.
وفي قبائل البورو تبدأ العروس فيها ترتيبات زواجها قبل الزفاف بوقت طويل فهي تعد أكثر الأشياء اللازمة لبيتها: فتحيك ملابسها وتصنع الثوب الذي يمكنها من حمل طفلها على ظهرها، وعليها أن تصنع تاج زوجها المزين بالريش المتعدد الألوان.
ويعقد قران بنات البورو في سن مبكرة جداً (الثامنة من العمر) ولكن الزفاف لا يتم إلا بعد سنوات، وحين يقرر العريس الزواج يزور أهل العروس ويقدم لهم هدية فإذا قبلوها اعتبرت الفتاة ما زالت مخطوبة له ويبدأ الاتفاق على المهر الذي يتكون من عدة رؤوس من الأغنام.
وفي يوم الزفاف يعود العريس إلى زيارة عروسه ويحمل لها هدية جديدة ويقوم أهل العروس بتزيينها؛ ولكيلا تصيبها العين، يدهنون جسدها كله بالألوان الصفراء والسوداء، ويدهنون رأسها بزيت السمك ووجهها بالفحم الأسود ثم يصحبونها بعد ذلك إلى بيت عريسها وسط الطبول ورقصات الحرب.
القدس العربي