أثار تصريح هدد فيه محمد إشدو، محامي الرئيس السابق بخطورة أسرار قد يكشف عنها محمد ولد عبد العزيز إذا ما خرج عن صمته، جدلا كبيرا بين الساسة والمدونين.
وانقسم المعلقون على هذا التصريح لاتجاهات مختلفة، بين من يرى أن الرئيس السابق يمكن أن يكشف عن أمور تحرج خلفه الرئيس محمد ولد الغزواني، ومن يرى أن التهديد مجرد ضغط يستخدمه الرئيس السابق ومحاموه لتغيير مسار القضية المعروضة حاليا على القضاء.
وعلّق وزير الإعلام السابق سيدي محمد ولد محم على قضية الأسرار التي هدد بها محامي الرئيس السابق، فقال: “الذين يتحدثون عن أسرار يملكها الرئيس السابق لو أفصح عنها لانهار البلد ونظامه، وربما تغيرت حركة دوران الأرض وخرجت عن مسارها، عليهم أن يدركوا أن المتابَعَ لدى العدالة بتهم أدناها الثراء غير المشروع، لا يمكنه أن يهزّ سواءً تكلم أو سكت”.
وأضاف: “الأوْلى بالرئيس السابق التفرغ لترتيب دفاعه أمام المحاكم. والذي يلوح ويهدد فهو أحد اثنين، إما متواطئ ومتستر على جرم أقبح من فِعله تسترُ الغير عليه، أو مسكين فقد كل أمل وبدأ يلوح بأسلحة من وهم خياله، كنمر الورق الذي يراد له أن يكون مخيفا”.
ويضيف: “مع ذلك، ندعوه صادقين أن يوفر شفقته على البلد والمنظومة الكونية ويكشف عن كل الذي لديه من الأسرار جهارا نهارا، وأن يقلع عن عادة التسريب التي لا تليق”.
وكتب الصحافي، الهيبة الشيخ سيداتي، مشاركا في الجدل المستعر: “خلال سنة ونيف استدعي الرئيس السابق حوالي عشر مرات للاستجواب ورفض الكلام من طرف أربع جهات (اللجنة البرلمانية ..الشرطة .. وكيل الجمهورية.. قاضي للتحقيق) من يخاف كلامه إذن، فإذا كانت السلطة تخاف كلام السيد الرئيس، فلماذا تلح عليه كل هذه الفترة وبهذه الجهات المختلفة؟ ولماذا يصر فخامته على الصمت وقد دعي للكلام فرفض ما دام كلامه يمكن أن يلحق هذا الضرر بالسلطة؟ هذا بمنطق السياسة”.
وأضاف: “بمنطق القانون، إذا تحدث الرئيس السابق عن عمليات فساد سواء وقعت في فترة حكمه أو قبلها واطّلع عليها ولم يتصرف بخصوصها، فقد تطاله تهمتان جديدتان هما عدم التبليغ والتستر على ثراء غير مشروع؛ وقدم دليلا على تهمة أخرى موجهة إليه هي إخفاء عائدات إجرامية”.
وتحت عنوان: “سيتكلم عزيز رغماً عنه”، كتب الإعلامي البارز عبد الله المختار: “اللافتُ أن العميد اشدو محامي الرئيس السابق، أصبحَ ناطقاً سياسياً باسم موكله حين هجره الجميع، لكن ما معنى قوله إنه لا يتوقع أن يبقى ولد عبد العزيز صامتا في الفترة القادمة، وهو الذي أكد سابقا أنه مصرٌ على عدم الكلام؟ هل اكتشف اشدو أن صمتَ موكله لم ينفعه؟ أم أن عزيز نفسه هو من اكتشفَ أن محاميه قد غرر به حين نصحه بالصمت؟ ما معنى أن يقول العميد محمد ولد إشدو إنّ عزيز سوفَ يهز موريتانيا إن قرر الكلام؟ أينَ هذا من القانون والمرافعات؟ هل بُتِرَ لسانُ عزيز حتى صارَ يُهدد العدالة بلسان العميد؟ لماذا لم يتطرق اشدو من قريب أو بعيد لثروة ولد عبد العزيز؟ أم أن تلك الثروة هيّ التي أغرتْ بالتموقع معه سياسياً في ثوب المحاماة؟”.
وزاد عبد الله المحتار: “المحامي اشدو الكادح، المناضل، صاحبُ “صيحة المظلوم” ماذا سيقول لشعب مطحونٍ تتجه عدالتُه لأخذ جزء يسير من حقه في ثروة رئيسه السابق؟ 29 ملياراً حتى الآن وما خفي أعظم؛ سيتكلمُ عزيز قطعاً، سيتكلم ولن يهتزّ غير مهنة المحاماة التي أضحت للأسف آلة لتلميع ناهبي خيرات البلاد والعباد”.
هذا وانتقد فريق الدفاع عن الرئيس السابق في مؤتمر صحافي أمس الإجراءات المتخذة، مؤكدا “أن الهدف من الإجراءات المتخذة بحقه هو المساس بسمعته”، معتبرا “أن المسطرة المتخذة بحقه “لا تمت للقانون بصلة”.
وأشار دفاع ولد عبد العزيز “إلى أن بيان النيابة العامة لم يخلص للنتيجة المنطقية حيث تضمن لائحة من التهم الخطيرة، مع المطالبة بالمراقبة القضائية”؛ مؤكدا “أنه عندما تكون الوقائع الخطيرة يتعين وضع المتهم قيد الحبس الاحتياطي وليس المراقبة القضائية”.
ووصف الفريق استجواب الرئيس السابق بالرجوع بالبلاد لما كانت عليه الأحوال قبل 2005 “إذ أنه كان في كل فترة تتم مضايقة أشخاص سياسيين وتتم إحالتهم للنيابة، فالجديد أن النيابة وجهت تهما خطيرة ولكنها لم تطلب الإيداع لإيضاح أن القضية سياسية بحتة”.
وأعلنت النيابة العامة بمحكمة نواكشوط الغربية، الخميس الماضي، عن أكثر من 41 مليار أوقية قديمة في إطار تهم الفساد التي وجهت إلى الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز وبعض أقربائه ورموز حكمه، بينها 21 مليارا ألمحت إلى أن بعضها للرئيس السابق وبعضها لصهره.