ميسي ورونالدو.. نهاية كذبة!

20 مارس, 2021 - 14:12

هل سمعت من قبل عن فيلم أرجنتيني اسمه "حلم الذهب"؟ لا بأس، الكثيرون لم يسمعوا عنه، وهذا لغز لم يفهمه أحد حتى الآن؛ "حلم الذهب" قد يكون الفيلم الوحيد الذي ظهر فيه مارادونا ولم ينجح، بل سُحِبَ بعد نزوله بأسبوعين تقريبا. تخيل دور العرض وقد علقت صورا بضعف الحجم الطبيعي لدييغو وأسفلها عبارة "حلم الذهب"، وتخيل أن هذا يحدث بعد عامين فقط من الفوز بالمونديال، ثم تخيل الصالات خاوية كصحراء الربع الخالي.

المشكلة أن قصة الفيلم جميلة فعلا. طبعا هذا حكم نسبي قد يختلف من شخص إلى آخر، ولكنّ الكثيرين أجمعوا على أن الفيلم لم يستحق مصيره، ولم يفهم أحد لماذا أحجمت الجماهير عن مشاهدته، بما فيهم المخرج خافيير إسكالانتي، الذي اعتزل العمل في السينما بعدها ولم يعد أبدا، إذ قالت التقارير الصحفية آنذاك إنه قد استثمر قدرا كبيرا من ثروته في الفيلم، وشعر بالإحباط لأن الفيلم لم يُمنح فرصة كافية في دُور العرض، وأن ظهور مارادونا فيه فرض ضغطا على صُنَّاعه، وأجبرهم على الإسراع في سحبه من السوق تجنُّبا لمزيد من الإحراج للأسطورة الأرجنتينية.

تدور أحداث "حلم الذهب" في أوائل السبعينيات، وتحكي عن مراهق اسمه خوسيه، من أحد أحياء رانشوس في مقاطعة بوينوس آيرس العاصمة، يحلم بالحلم ذاته الذي يحلم به كل المراهقين في الأرجنتين؛ تمثيل المنتخب والفوز بكأس العالم.

يستمر الفيلم في سرد قصة خوسيه ورحلته المليئة بالمصاعب، حتى ينضم إلى أحد أندية الأرجنتين، استوديانتس، ويبدأ في اللعب أساسيا. تمر السنوات وتمر البطولات ولا ينال خوسيه شرف تمثيل الألبي سيليستي، ثم مع الوقت يدرك الحقيقة الصعبة؛ هو ليس موهوبا بما يكفي ليلفت نظر المدرب، وانضمامه للمنتخب لن يحدث إلا بمعجزة.

تمر السنوات ويتعرَّض الفيلم للمصاعب التي تواجه اللاعبين الشبان في الأرجنتين، وإغراءات المخدرات وأحلام الثراء السريع، بالإضافة إلى حياة خوسيه الخاصة بعد زواجه وإنجابه لطفلين، ثم يحصل خوسيه على استدعائه الأول وهو في السادسة والعشرين من عمره، عندما كان في قمة توهُّجه، ولكن الأمور لا تسير على ما يُرام، لأن تحقيق الأحلام ليس بهذه السهولة طبعا.

يضمُّه المدرب ثم لا يعتمد عليه بشكل كافٍ، ويُشركه بديلا في مباريات غير مهمة، وكأنه انضم لاستكمال القائمة فقط لا غير. يعود خوسيه محبطا، ولكن مع اقتراب مونديال 86 تتجدَّد دوافعه، بعد أن أتمَّ عامه التاسع والعشرين، وأصبحت تلك هي فرصته الأخيرة لتمثيل المنتخب بمستوى جيد.

يجتهد خوسيه وتحدث المعجزة؛ يُستدعى للمنتخب ولكن بديلا لخط دفاع مكتمل الصفوف حجز أفراده أماكنهم منذ زمن، وبضربة حظ وقليل من العشوائية يجد نفسه في التشكيل الأساسي بعد إصابة أحدهم، فيتألق الرجل الذي لم يتوقع أحد انضمامه للمنتخب من الأصل، ناهيك بمشاركته أساسيا.

يصل الفيلم إلى مراحله الأخيرة عندما تبدأ الأرجنتين في الإعداد لمباراتها النهائية، أمام ألمانيا الغربية، كما حدث في الواقع، أقوى فريق في العالم آنذاك، فيُقدِّم خوسيه مباراة عمره، ليُحرز أحد أهداف الأرجنتين في النهائي، ويُكمل المباراة بملحمة بطولية، بعد تعرُّض كتفه للخلع إثر سقوط قوي، ولكنه يُمزِّق فتحة في قميصه ويستخدمها حمّالةً لذراعه ويُكمل المباراة متحاملا على إصابته، لينتهي الفيلم بمشهده وهو يرفع الكأس رفقة مارادونا.

قصة جميلة، أو على الأقل، لا بأس بها. لا بد أن الفكرة جاءت المؤلف عندما كان يشاهد المباراة الفعلية وأدرك أنه يريد أن يكون أحد هؤلاء الذين يحتفلون مع مارادونا، ولكن لسبب ما لم يُعجَب الأرجنتيون بالحكاية. بدت شخصية خوسيه والقصة كلها مُفتعلة بالنسبة لهم، وكأنها محاولة رخيصة لاستثمار الحدث تجاريا، وحتى لو لم تكن، لم يكن هناك أي فيلم قادرا على إحياء الواقع. الواقع كان أجمل بكثير. لم يكن أحد بحاجة إلى خوسيه لأنهم امتلكوا دييغو.

في حوار مع الزميل شادي عبد الحافظ، يُفسِّر ظاهرة الإعجاب الشديد بأمثال ميسي ورونالدو ومارادونا بنظرية "سلطة الكاريزما" لصاحبها ماكس ويبر، عالم الاجتماع الألماني الشهير، الذي يُنسب له صك المصطلح. ويبر كان يعتقد أن تمتع بعض الأفراد بقدرات استثنائية، تُمكِّنهم من الإتيان بأفعال لا تقدر عليها الأغلبية، يدفع الناس لاتباعهم وتصديقهم، ثم مع الوقت، ودون وعي، يبدؤون في وضعهم في مرتبة تفوق البشر. (1)

يشير عبد الحافظ أيضا إلى أفكار ديفيد كانيمان، الفيلسوف والاقتصادي الحائز على جائزة نوبل، في كتابه الشهير "التفكير بسرعة وببطء" (Thinking Fast & Slow)، التي يبني فيها على النظرية ذاتها، مُعتبرا أن الجاذبية الخارقة التي يتمتع بها أصحاب الكاريزما عبر التاريخ تأتي من قدرتهم على تقديم سردية الرجل الواحد، أو البطل المنقذ، أو الأصل في كل ما سبق؛ المسيح المُخلص. (2)

يعتقد الكثيرون أن أصل هذه الفكرة يعود للقديس بول، تلميذ عيسى عليه السلام الذي كان ينقل تعاليمه للمسيحيين الجدد، الذي دعا الإغريق لابتكار لفظة "كاريزما" للمرة الأولى في التاريخ ليصفوا بها أصحاب "القدرات الإلهية". (3)

الفكرة بسيطة؛ الناس لا يمكنهم رؤية الخالق ولا استيعابه، لذا يلجؤون إلى تعويض ذلك بمحاولة بائسة لتجسيده في صورة يُمكنهم فهمها، ولا أقرب لهذه الصورة سوى الاستثنائيين من البشر، الأبطال الخارقين الذين يصفهم ماكس ويبر بأنهم "أصحاب سلطة".

بدأ الأمر بالقديس بول لأسباب مفهومة، ثم تعمَّم مع الزمن، فأصبح أي شخص قادر على إلهام الجماهير يمتلك هذه السلطة بالتبعية، حتى لو كان يلهمهم لغزو العالم وقتل الملايين مثل هتلر.

كانيمان يعتقد أن سردية البطل المنقذ تسيطر على عقول البشر بشكل فطري، ليس لأن جميعهم يؤمن بالمسيح طبعا، ولكن ببساطة لأنها أكثر السرديات جلبا للراحة والاطمئنان؛ اختصار تفاصيل شديدة التعقيد في شخص واحد يمكنك اتباعه وأنت مطمئن الضمير مستريح البال، دون أن تحتاج إلى التفكير أو النقد أو التمحيص أو التحقق أو بذل أي مجهود على الإطلاق. هذه فكرة جذابة للغاية، لأن أكثر الأفكار جاذبية هي تلك التي تخاطب نوازع الكسل والاستسلام لدى الإنسان.

هكذا تصبح الحياة أبسط بكثير؛ تنتخب رئيسا واحدا لأنه الحل لكل شيء، وتقرأ لكاتب واحد لأنه الأفضل على الإطلاق، وتستمع لنوع واحد من الموسيقى لأن الباقي كله هراء، وبالطبع تعشق ميسي أو رونالدو أو مارادونا لأنه قادر على الفوز بالمباريات وجلب البطولات منفردا.

بعدها تتحوَّل العملية كلها إلى دائرة مفرغة تغذي بعضها بعضا؛ عندما تتعامل الجماهير مع لاعب كرة أو سياسي أو كاتب على أنه نصف إله ونصف بشر فمن الصعب إخبارهم بالعكس. طبعا لسبب واضح هو أن كل هذا التقديس يغذي غروره، ومع الوقت يصبح من الصعب التخلي عنه، فيبدأ لاعب الكرة أو السياسي أو الكاتب في تغذيته بسرديات مختلقة، تتجاهل الحقائق وتُزوِّر الواقع، ولكنها تلقى قبولا هائلا لدى الجماهير في الوقت ذاته، بل ويرفضون كل ما عداها بشراسة منقطعة النظير. لماذا؟ لأنهم لو كانوا يريدون الحقيقة لما وضعوه في هذه المرتبة ابتداء، وهكذا.

الخطأ الأول الذي يرتكبه الجميع، بما فيهم كاتب هذه السطور، هو الاعتقاد بأنهم أذكى من أن يقعوا في هذا الفخ، وأن يحرصوا على ترديد عبارات مثل "كرة القدم لعبة جماعية"، و"ميسي لا يستطيع الفوز وحده"، و"رونالدو لن يُسجِّل بدون فرص من زملائه"، إلخ، وبهذا يظنون أنهم قد حسموا مشاعرهم تجاه الأمر، ولكن ليت الأمور بهذه السهولة.

بعدها بدقائق، مع بداية المباراة، يجدون أنفسهم يأملون في عكس كل ما سبق؛ أن تتحوَّل كرة القدم إلى لعبة فردية، وأن يفوز ميسي وحده، وأن يُسجِّل رونالدو من ضربة مرمى. في الواقع، غالبا ما يكون الهدف من كل العبارات الروتينية السابقة هو خداع نفسك، حتى تتمكَّن من التصرُّف على طبيعتك لاحقا دون أن تشعر بالتناقض.

دعك من ميسي ومن رونالدو ومن مارادونا، فوجود أيٍّ منهم في أي موضوع كفيل بتعقيده وإضفاء حساسية لا داعي لها بسبب المعارك الأزلية بين أنصار كلٍّ منهم. دعنا نأخذك لآخر لاعب في العالم يمكنك أن تتوقعه اسمه في هذا السياق: نغولو كانتي.

في موسم ليستر التاريخي، كان كانتي يعترض الكرة بمعدل 10 مرات تقريبا لكل 1000 لمسة للخصم. محللو "The Athletic" يزعمون أن هذا المعدل غير مسبوق في كثافته، معدل يحتاج إلى اثنين من قاطعي الكرات الجيدين لتحقيقه، ونظرة على إحصائيات أفضل مدمري الهجمات في أوروبا ستُخبرك أن هذه حقيقة إحصائية لا شك فيها؛ نجاعة كانتي الدفاعية في هذا الموسم كانت تعادل نجاعة اثنين من لاعبي الارتكاز في أي فريق آخر. (4)

ماكيليلي نفسه قال إن كانتي قد أعاد تعريف دوره أو الـ "Makelele Role" كما كان يُسمى في مطلع الألفية. امتلاك كانتي كان يسمح لفريقه بمزيد من المخاطرات الهجومية، ومزيد من اللاعبين في نصف ملعب الخصم، وبالتالي مزيد من الأهداف والانتصارات والألقاب. (5) (6)

هل ترى ما حدث هنا؟ هذا هو ما وصفه ويبر وكانيمان بالضبط؛ كانتي لاعب يمتلك قدرات استثنائية، وهذه القدرات تُغري الجميع بأن يتعاملوا معه على أنه إله قادر على الإتيان بالمعجزات، فيفترضون أن وجوده سيسمح لهم بتحريك لاعب إضافي من الدفاع للهجوم مثلا، وهي فكرة تبدو منطقية في ظاهرها، فما دام كانتي يستطيع تقديم مردود مضاعف في الدفاع، فما الحاجة إلى لاعب آخر يساعده؟

واقعيا، فإن تلك فكرة في منتهى الغباء والسطحية والسذاجة، ببساطة لأنه حتى لو كان احتمال افتكاك كانتي للكرة = 100%، فهو -للأسف الشديد- لا يستطيع أن يكون موجودا في مكانين في الوقت ذاته، ولو كان يواجه مرتدة يقودها لاعبان أو ثلاثة بمفرده، لأنك قررت تحريك لاعب إضافي للهجوم، فستصبح احتمالية افتكاكه للكرة -منطقيا- 0%، مثله مثل أي لاعب آخر في الموقف ذاته.

هذه هي المشكلة التي يفتعلها الجمهور طوال الوقت مع أمثال ميسي ورونالدو ومارادونا؛ الخلط بين كونهم لاعبين غير عاديين، يستطيعون تأدية وظائف معينة بكفاءة أكبر، أو بشكل أجمل، أو بكثافة أعلى، وبين كونهم آلهة قادرين على الإتيان بالمعجزات. الخلط بين كفاءة كانتي في المواجهات الفردية وبين قدرته على مواجهة هجمات كاملة بمفرده دون مساعدة. الخلط بين حقيقة أن برشلونة لم يكن ليفوز من دون ميسي، ولا ريال مدريد من دون رونالدو، ولا الأرجنتين من دون مارادونا، وبين حقيقة أنهم فازوا وحدهم. الأولى حقيقة لا تقبل الجدل، والثانية كذبة لا علاقة لها بالواقع.

هذا هو ما يجعل الأحاديث الدائرة الآن عن "نهاية حقبة ميسي ورونالدو" طفولية ومضحكة، ببساطة لأنها مبنية على حقيقة أن أيًّا منهم لم يستطع منع إحباطات فريقه أمام باريس وبورتو، وكأنهم كانوا قادرين على منعها سابقا، وكأن الفارق بين السنوات الماضية والآن يكمن في ميسي ورونالدو أنفسهم، لا حقيقة أن كلًّا منهم فقد الكثير من الزملاء الاستثنائيين الذين لم يكن ريال مدريد أو برشلونة ليفوز من دونهم أيضا. (7) (8)

ما يحدث الآن هو درجة قياسية من الخداع والاستخفاف بالعقول، وإصرار أبله على اختزال كل ما يحدث في اسمين فقط لا غير، لا لسبب إلا كونهما الأكثر شعبية، وكأن الفارق بين بوجول ولونغليه بسيط، وكأن آرتور سيتحوَّل إلى مودريتش فجأة، وساندرو إلى مارسيلو، وكأن إيتو أو هنري أو فيا كانوا ليهدروا 3 فرص سانحة للتسجيل في نصف ساعة أمام باريس.

ربما انتهت حقبة ميسي ورونالدو وربما لا، ولكن الأكيد أنها لم تنتهِ لأن رونالدو أو ميسي عجزا عن منع 4 أهداف في مرمى فريق كلٍّ منهما، وحتى لو كان أيٌّ منهم يقدر على ذلك فلن يستطيع أن يكون موجودا في مكانين في الوقت ذاته، لن يستطيع صناعة الفرصة وتسجيلها، بل لن يستطيع تسجيل كل ما يُتاح له من فرص أصلا.

حتى في اللحظات الاستثنائية التي سجَّل فيها أيٌّ منهما أهدافا دون مساعدة ضخمة من زملائه، فإن تلك الأهداف احتاجت إلى حماية حتى نهاية المباراة، احتاجت إلى دفاع وحارس قوي وخط وسط قادر على انتزاع الكرة وحمايتهم وصناعة المزيد من الفرص. حتى لو سجَّل رونالدو من ضربة مرمى فعلا فسيحتاج إلى مدافعين ولاعبي وسط جيدين إضافة إلى حارس جيد طيلة 90 دقيقة ليبقى لهدفه أي معنى.

الشيء الوحيد الذي ربما يكون قد انتهى هو كذبة البطل المنقذ المُخلِّص، كذبة فريق الرجل الواحد. هذا إن لم تُقرِّر الجماهير إعادة الكَرَّة مع هالاند ومبابي، والسؤال الأوقع هو: متى فاز أي لاعب مهما بلغت عظمته واستثنائيته دون فريق حقيقي يلعب بشكل جماعي ويمتلك حدًّا معقولا من المهارات الفنية والبدنية؟

طبعا لن نحدثك عن زملاء مارادونا، مثل دانييل باساريلا وأوسكار روغيري، الثنائي الدفاعي الذي قد يكون الأقوى على الإطلاق في تاريخ أميركا الجنوبية، ولن نخبرك أن روغيري لعب لريال مدريد وفاز بجائزة أفضل لاعب أجنبي في الليغا وبالليغا نفسها، بل وجائزة أفضل لاعب في أميركا الجنوبية عموما لعامين متتاليين في وجود مارادونا نفسه. (9)

لن نخبرك أيضا عن بوتشيني، الرجل الذي حصل على 4 ألقاب للكوبا ليبرتادوريس، ولا فالدانو أسطورة ريال مدريد وأحد أبرز أسمائه على مر التاريخ، ولا بوروتشاغا، الرجل الذي أحرز هدف الفوز في النهائي وفاز بجائزة أفضل لاعب أجنبي في فرنسا، ولا إنريكي أحد أكثر لاعبي الوسط اللاتينيين تميزا في هذه الحقبة، ولا الدبابة باتيستا الذي كان خط الدفاع الأول ضد هجمات الخصوم. لن نحدثك عن هؤلاء لأن ما قدَّمه كلٌّ منهم يحتاج إلى تقرير منفصل. (10) (11)

سنحدثك عن مراهق اسمه خوسيه، تجري أحداث قصته في أوائل السبعينيات وكان يحلم بتمثيل منتخب الأرجنتين والفوز بكأس العالم، مراهق حقق حلمه ولعب للمنتخب رغم أنه لم يكن موهوبا فعلا، وسجَّل هدفا في النهائي أمام ألمانيا فعلا، وأكمل المباراة بكتف مخلوع فعلا.

مراهق اسمه الكامل خوسيه لويس براون، وقصته حقيقية تماما، لم تكن فيلما أرجنتينيا اسمه "حلم الذهب"، لأنه لا يوجد فيلم أرجنتيني اسمه "حلم الذهب"، ولا يوجد مخرج أرجنتيني اسمه خافيير إسكالانتي أيضا.

خوسيه لويس براون هو مدافع عادي تحوَّل إلى آخر استثنائي بعد أن تألَّق على عكس كل التوقعات، وبعد أن استمات في الدفاع عن مرماه وكان له دور كبير في حسم البطولة لمنتخب بلاده. قصته لم تكن محاولة رخيصة لاستثمار الحدث تجاريا، بل كانت في القلب من هذا الحدث، ولكنها، مثلها مثل الفيلم، لم تلقَ ما يكفي من القبول لدى الجماهير، ببساطة لأنه لم يمتلك ربع كاريزما مارادونا.

خوسيه لويس براون هو بطل واقعي تماما دهسته الخرافات البلهاء وأساطير الرجل الواحد مثلما دهست زملاءه. انتظر الفرصة طيلة مسيرته وأتته عندما كان في الثلاثين من عمره، وعندما أتته تمسَّك بها واستغلها على أروع ما يكون، ولكن ذاكرة الأرجنتينيين والعالم لم تتسع إلا لملحمة واحدة فقط، لم تتسع إلا لحكاية واحدة ساذجة غبية تختصر كل شيء، ففي النهاية، مَن يحتاج إلى خوسيه وهو يملك دييغو؟

لؤي فوزي : مهتم بالتحليل الرياضي خاصة الكروي