سبّبت السيول الجارفة التي اجتاحت عدة محافظات موريتانية خلال الأسابيع الأخيرة، خسائر اقتصادية كبيرة، تمثلت بجرف طرق وإلحاق أضرار بالبنية التحتية للعديد من المناطق وعزل بلدات وأحياء، فضلاً عن تلف المحاصيل الزراعية وتكبّد مربي المواشي خسائر فادحة.
واستدعت الأزمة تدخل الجيش لإجلاء المواطنين المهددين بالغرق في العديد من المناطق، ولا سيما في ولاية الحوض الشرقي (جنوب شرق).
وقالت مصادر مطلعة إن نحو 120 مسكناً تعرضت للطمر أو الغمر الجزئي أو الكلي في ولايتي الحوض الشرقي والغربي ومناطق الجنوب قرب نهر السنغال الفاصل الطبيعي بين موريتانيا والسنغال، فيما بات الكثير من سكان هذه المناطق، الذين أجبرتهم المياه على النزوح من ديارهم، بلا مأوى.
وباتت مساحات واسعة من الأراضي المنخفضة في الجنوب والشرق تشكل أحواضاً مائية كبيرة، بعد أن تشبعت الأراضي بالمياه، وتواصل تهاطل الأمطار، وتسجيل كميات قياسية منها.
ويزيد احتمال تهاطل أمطار قوية على المناطق المتضررة من السيول خلال الأسابيع المقبلة مخاوف السكان من تكرار فيضانات عارمة كالتي اجتاحت مدينة طينطان في ولاية الحوض الغربي (شرق نواكشوط) عام 2007 أو كالتي يعاني منها السودان حالياً.
ويروي محمد ولد أحمد بي، أحد سكان مدينة "النعمة"، عاصمة ولاية الحوض الشرقي، معاناته مع الأمطار الأخيرة، التي أدت إلى سقوط منزل عائلته وتشريد أفراد أسرته ليلة كاملة.
ويقول محمد لـ"العربي الجديد"، إن "سكان المدينة عاشوا ليالي عصيبة لا تُسمع فيها سوى أصوات سقوط المنازل الطينية، ما أدى إلى تشريد عشرات الأسر في المدينة وضواحيها".
وسجلت لجنة الطوارئ المكلفة رصد الأضرار الناجمة عن الأمطار، خسائر اقتصادية عديدة خلال الأسابيع الأخيرة في الشرق.
فقد أدت السيول إلى جرف طرق وألحقت أضراراً بالبنية التحتية لعدة مناطق، وعزلت بلدات وأحياء، وأتلفت المحاصيل الزراعية في الجنوب والشرق، وكبدت مربي المواشي خسائر فادحة.
وفي العاصمة نواكشوط غمرت مياه الأمطار عدة أحياء سكنية ومحال تجارية، ما سبّب خسائر اقتصادية قدّرها المتضررون بعشرات الملايين من الأوقية، حيث أدت الأمطار إلى تشريد عشرات الأسر في مقاطعة الميناء.
وأعلنت الحكومة تقديم مساعدات للمتضررين من الأمطار في مختلف مناطق البلاد، حيث أنشأت لجنة وزارية مكلفة حالات الطوارئ والفيضانات لتقييم التدخلات اللازمة في أغلب المناطق التي تضررت من الفيضانات.
ويرى الباحث الاقتصادي محمد أحمد ولد فاضل، أن التدخل الفوري للحكومة يُعَدّ سابقة أثارت انتباه المراقبين في التعاطي مع أزمة السيول الأخيرة.
ويقول ولد فاضل: "عادة يكون التدخل الحكومي متواضعاً ومتأخراً، ما يضاعف معاناة المتضررين. أما هذه المرة، فقد سارعت الحكومة إلى مساعدة السكان والتقليل من الخسائر بإنزال الجيش لإجلاء السكان وتحويل مجرى المياه والسيول وتأمين صهاريج الصرف الصحي لمنع المياه من دخول المحال التجارية والحيلولة دون حدوث خسائر مادية كبيرة".
ويشير إلى أن التعامل الرسمي مع الكارثة ساعد في التقليل من الخسائر الاقتصادية الناجمة عنها، خاصة الإجراءات العاجلة المتخذة لإغاثة السكان وتوزيع المواد الغذائية والخيام عليهم وتخصيص مبالغ نقدية للمتضررين، إضافة إلى تصريف المياه عن المناطق التي غمرتها الفيضانات وإعادة حركة المرور على الطرق المتضررة.
" العربي الجديد"